الدكتور عمرو علوان: 3 أعمال الأحب إلى الله في العشر الأواخر.. وهذه علامات ليلة القدر

الدكتور عمرو علوان
الدكتور عمرو علوان

تحدث الدكتور عمرو علوان، من علماء الأزهر الشريف والأوقاف، عن فضل العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك خاصة ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.


 حال النبى صلى الله عليه وسلم فى هذه العشر

يقول الدكتور عمرو علوان: "كان لهذه الأيام خصوصية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يخصها بمزيد اجتهاد وتعبد لله، ومن هذه الأمور التي كان يفعلها أخرج الإمام البخارى ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إذا دخل العشر شدّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله) (أخرجه البخاري ) وفي رواية لمسلم عنها قالت: (كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيره.( أخرجه مسلم).

ولعل المراد بقوله أحيا ليله أنه لا ينام من الليل فعن عائشة قالت: (كان النبي  صلى الله عليه وسلم  يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر ـ يعني الأخير ـ شمر وشد المئزر) (أخرجه أحمد).


 وأخرج الحافظ أبو نعيم بإسناد فيه ضعف عن أنس قال: (كان النبي  صلى الله عليه وسلم  إذا شهد رمضان قام ونام، فإذا كان أربعا وعشرين لم يذق غمضا) (حلية الأولياء).


وكان النبي  صلى الله عليه وسلم  يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي:أخرج الطبراني من حديث علي: (أن النبي  صلى الله عليه وسلم  كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان وكل صغير وكبير يطيق الصلاة) (أخرجه الطبرانى فى المعجم الأوسط).


أما معنى شد مئزه فالصحيح: أن المراد: اعتزاله النساء، وبذلك فسره السلف والأئمة المتقدمون، منهم: سفيان الثوري.


وقد ورد ذلك صريحا من حديث عائشة وأنس، وورد تفسيره بأنه لم يأو إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان، وفي حديث أنس (وطوى فراشه واعتزل النساء) وقد كان النبي  صلى الله عليه وسلم  غالبا يعتكف العشر الأواخر.
ومن سننه   صلى الله عليه وسلم  أنه(كان يغتسل بين العشاءين كل ليلة يعني من العشر الأواخر) وفي إسناده ضعف.


وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه إذا كان ليلة أربع وعشرين اغتسل وتطيّب ولبس حلة إزار أو رداء، فإذا أصبح طواهما فلم يلبسهما إلى مثلها من قابل(لطائف المعارف).


 الأعمال المستحبة فى هذه الأيام 

وتطرق الدكتور عمرو علوان للأعمال المستحبة في تلك العشر المباركة قائلا:


1- الاعتكاف: عن ابن عمر رضي الله عنهما : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان "( أخرجه مسلم) .


وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي  صلى الله عليه وسلم  كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى) (أخرجه البخاري)وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين) (أخرجه البخاري)


2- الدعاء: من الأعمال المستحبة فى هذه الليالى العشر الإكثار من الدعاء
فقال جل وعلا: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}(البقرة:186).


فعن عائشة رضى الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : إن وافقني ليلة القدر فماذا أقول ؟ فقال : " قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني "(أخرجه الترمذى فى سننه).
 
3- الصدقة والتوسعة على الفقراء وتفريج الكرب، ففي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من نفَّس عن مؤمن كُرْبَةً من كُرَبِ الدنيا، نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، واللهُ في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)،قال صلى الله عليه وسلم: ((أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرورٌ يُدْخِله على مسلم، أو يكشف عنه كربةً، أو يقضي عنه دَينًا، أو يطرد عنه جوعًا) (أخرجه الطبراني) روى ابن أبي الدنيا والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الأعمال إلى الله سرور تُدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد - (يعني مسجد المدينة) - شهرًا، ومن كف غضبه، ستر الله عورته، ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله عز وجل قلبه أمنًا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى أثبتها له، أثبت الله عز وجل قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخلُّ العسل))؛ حديث حسن؛ (صحيح الجامع للألباني.

ولهذا شرعت صدقة الفطر كنوع من التكافل الإجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد.ِِ


روى أبو داود وصححه الألباني عن ابن عباس قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات

 

 أما عن ليلة القدر فهى ليلة عظيمة مباركة اختصها الله عز وجل بفضائل وخصائص كثيرة عن غيرها من الليالى منها:
 
1-  أن الله تعالى أنزل القرآن الكريم في هذه الليلة، كما قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}(القدر:1)
عن ابن عباس - رضي الله عنهما-: "أن القرآن الكريم أُنْزِل في ليلة القدر جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلي بيت العزة في السماء الدنيا"(تفسير ابن كثير)
 
2- إن العبادة والعمل الصالح فيها: من الصيام والقيام والدعاء وقراءة القرآن خيراً من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}(القدر:3)
قال الإمام الطبري رحمه الله:
"عمل في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر ليس فيها ليلة القدر" (تفسير الطبرى)
 
3- ليلة القدر لا يخرج الشيطان معها:ودليل ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود  رضي الله عنه  أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: "إن الشمس تطلع كل يوم بين قرني الشيطان إلا صبيحة ليلة القدر"(أخرجه ابن أبي شيبة فى المصنف )وفى رواية عند الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت  رضي الله عنه  عن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: "ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ"(أخرجه أحمد فى مسنده) وفى رواية ابن حبان عن جابر  رضي الله عنه  عن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: "لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها" (أخرجه ابن حبان فى صحيحه)
 
فهي ليله كلها خير وسلام، سالمة من الشيطان وأذاه
قال مجاهد: "هي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوء ولا يحدث فيها أذى"(تفسير ابن كثير) وقال أيضاً: "لا يُرسَل فيها شيطان ولا يحدث فيها داء" .
 
4- أن الملائكة والروح تَنَزَّل في هذه الليلة، قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}(القدر4)


والمقصود بالروح: هو جبريل عليه السلام .أخرج ابن خزيمة عن أبي هريرة  رضي الله عنه  قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : "ليلة القدر ليلة السابعة أو التاسعة وعشرين، وإن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى، والملائكة تنزل بالرحمات والبركات والسكينة، وقيل: تتنزل بكل أمر قضاه الله وقدره لهذه السنة"(أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه)
 
5- أن الأمن والسلام يحل في هذه الليلة على أهل الإيمان: قال تعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر}(القدر:5)
 واختلفوا في تفسير هذه الآية على أقوال:-


فقيل: سلام من الشر كله، فلا يكون فيها إلا السلامة، وقيل: تنزل الملائكة في هذه الليلة تسلم على أهل الإيمان، وقيل: لا يستطيع الشيطان أن يمسَّ أحداً فيها بسوء، وقيل غير ذلك.


عن الشعبي في قوله تعالى: { مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } قال: تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد حتى يطلع الفجروقال قتادة وابن زيد في قوله: {سَلامٌ هِيَ} يعني هي خير كلها ليس فيها شر إلى مطلع الفجر(تفسير ابن كثير )
  
6- أنهـا ليلـة مبــاركة قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ }(الدخان:3)


قال الإمام ابن كثير رحمه الله:يقول تعالى مخبراً عن القرآن العظيم أنه أنزله في ليلة مباركة، وهي ليلة القدر كما قال عز وجل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} وكان ذلك في شهر رمضان كما قال تبارك وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}(تفسير ابن كثير)قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: يعني ليلة القدر أن مَن قامها إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه.
  
أما عن تحري ليلة القدر فى الليالى العشر:فقد ورد عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان »(أخرجه البخاري)وعن ابن عمر - رضي الله عنها - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان متحرياً فليتحرها ليلة سبع وعشرين - أو قال - : تحروها ليلة سبع وعشرين »(أخرجه أحمد فى مسنده)
 
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : أن رجلا أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله ، إني شيخ كبير عليل يشق علي القيام فأمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر ، فقال : « عليك بالسابعة »(أخرجه أحمد فى مسنده)
 
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان فاعتكف عاما حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين - وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه - قال: "من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر فقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها وقد رأيتني أسجد في ماء وطين من صبيحتها فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر", فمطرت السماء تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف المسجد فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين"»(أخرجه البخاري) وعن أبي بكرة : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « التمسوها في تسع بقين أو سبع بقين ، أو خمس بقين ، أو ثلاث بقين ، أو آخر ليلة »(أخرجه ابن خزيمة في صحيحه)
 
وعن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الناس فقال : « يا أيها الناس إنها كانت أبينت لي ليلة القدر ، وإني خرجت لأخبركم بها فجاء رجلان يحتقان معهما الشيطان فنسيتها ، فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، التمسوها في التاسعة ، والخامسة ، والسابعة »قال : قلت يا أبا سعيد : إنكم أعلم بالعدد منا ، فقال ! أجل نحن أحق بذلك منكم ، قال : قلت : ما التاسعة ، والسابعة ، والخامسة ؟ قال : إذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها اثنان وعشرون فهي التاسعة ، فإذا مضت ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة ، فإذا مضت خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة (أخرجه ابن خزيمة  فى صحيحه)
 
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى» (أخرجه البخاري) (أخرجه البخاري)
 
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريا فليتحرها في السبع الأواخر» (أخرجه البخاري)
 
وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين ، فقال :


 «خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة» (أخرجه البخاري) 


أما علامة ليلة القدر: فعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله قال في ليلة القدر:«ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح شمسها صبيحتها ضعيفة حمراء»(أخرجه الطيالسي فى مسنده) 

فلنحرص على استغلال هذه الأيام في طاعة الله عز وجل فهي أيام الأجور فيها مضاعفة والأجواء فيها مهيئة والقلوب فيها معلقة والألسنة فيها معطرة، ونسأل الله أن نكون من الفائزين في هذا الشهر الكريم.