الداخلية تستهدف مصحات علاج الإدمان غير المرخصة

مصحات علاج الإدمان غير المرخصة
مصحات علاج الإدمان غير المرخصة

محمود‭ ‬صالح‭ ‬

  مبنى سكني مكون من عدة طوابق، في كل طابق عدة غرف، وفي كل غرفة عدة أسرة، لكل فرد من المتواجدين داخل المبنى سرير خاص به، والمفترض أن المكان مهيأ خصيصًا لعلاج الإدمان، لكن لا تتواجد فيه أي سبل من شأنها أن تساعد على علاج الإدمان، فلا يوجد أطباء أو أدوية، فالهدف من وجهة نظر القائمين على هذا المبنى استثماري بحت، مراكز علاج الإدمان مشروع استثماري، أهلية المدمن مستعدون لدفع أي مبلغ لعلاج ابنهم، وبالتالي بعض القائمين على مراكز علاج الإدمان يعتبرونها «سبوبة».. في السطور التالية ندخل في دهاليز مصحات علاج الإدمان غير المرخصة، وما الذي يجري داخل الغرف المغلقة؟، وهل فعلا الداخل مفقود؟

هل يمكن أن تنتهي أزمة مصحات علاج الإدمان غير المرخصة، والتي تنتهج أساليب غير طبية في معالجة المرضى، والتي يكون أغلب القائمين عليها إما أطباء مزيفين أو مسجلين خطر؟

الإجابة تحمل مأساة فالكثير من المصحات النفسية التي تدعي أنها تعالج الإدمان علاوة على انها غير مرخصة يديرها للأسف اشخاص خارجون عن القانون لا ينتمون لمهنة الطب من قريب أو بعيد، وفي كل مرة تداهم فيه السلطات الأمنية مركزًا من مراكز علاج الإدمان المزعومة هذه؛ تكشف عن كم التعذيب والممارسات التي يتبعها القائمون على هذه المراكز مع مرضى الإدمان، وتتصدر العناوين أن القائمين على هذه المراكز إما أشخاص ينتحلون صفة أطباء، أو أنهم في الأصل مدمنين وهذا نوع من تقنين التعاطي بصورة أو بأخرى، وقد يصل الأمر إلى أن القائمين على هذه المراكز أشخاص قد سبق الحكم عليهم في جنحة أو جناية، بمعنى أصح، مسجلون خطر.

9 مراكز

من أمثلة ذلك، ما استطاعت الأجهزة الأمنية في محافظة الإسكندرية من كشفه، عندما داهمت 9 مراكز لعلاج الإدمان، وتبين أن الذي يدير هذه المراكز أطباء مزيفون وآخرون مسجلون جنائيًا.

البداية كانت بحملة أمنية واسعة، قامت بها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالاشتراك مع قطاع الأمن العام ومديرية أمن الإسكندرية، وكان الهدف من الحملة ضبط المراكز العلاجية غير المرخصة، والتي تمارس طرق علاجية خاطئة بنطاق المحافظة، وأسفرت الحملة عن كشف وضبط 9 مراكز لعلاج الإدمان دون ترخيص.

الأسلوب الذي كان متبع في هذه المراكز التي تم ضبطها لم يكن متشابهًا في شيء سوى في أن جميع هذه المراكز تستند إلى التعذيب كآلية من شأنها علاج المرضى، المنهاج هنا أن المدمن مجرم، وبدلا من أن يُعالج، يضرب، والضرب وحده كفيل بأن يخرج من جسده حاجته للتعاطي.

هذه النظرية تطبق بشكل أو بآخر في هذه المراكز، مع اختلاف طرق التعذيب في كل مركز عن الآخر، لكن الأمر اللافت للنظر، أن القوات الأمنية عندما داهمت هذه المراكز، ألقت القبض على 9 أشخاص من المشرفين على تلك المراكز، اتضح أن 5 أشخاص من بينهم لديهم معلومات جنائية.

أما عن الـ4 أشخاص الآخرين، فإنهم جميعا يزاولون مهنة الطب وهم ليسوا أطباء، ينتحلون صفة الطبيب ويزاولون مهنة الطب ويعالجون المرضى وهم في الأساس ليس لهم الصلاحية الكافية ليقوموا بعلاج هؤلاء المدمنين.

تخيل، 9 مراكز لعلاج الإدمان، في محافظة واحدة، القائمون عليها إما مسجلين جنائيا أو أشخاص ينتحلون صفة طبيب.

مركز الموت

في محافظة الشرقية، شنت إدارة العلاج الحر بمديرية الشؤون الصحية في المحافظة، حملة على مراكز علاج الإدمان الخاصة بمدينة الزقازيق، وذلك في إطار المرور المكثف على المنشآت الطبية غير الحكومية، وضبط المخالف منها، حفاظًا على الصحة العامة للمواطنين.

تم خلال الحملة مداهمة مركز خاص لعلاج الإدمان، مكون من 4 طوابق، يعمل بدون ترخيص بالمخالفة للقانون، وغير مستوفي للاشتراطات الصحية، ودون اتباع السياسات والمعايير الطبية الصحيحة لقانون الصحة النفسية، ويديره أشخاص غير مؤهلين، يزاولون مهنة الطب البشري، بالإضافة إلى مخالفة هذه المنشأة لسياسات مكافحة العدوى، وقانون البيئة في التخلص الآمن من النفايات، وغيرها مما يؤدي إلى انتشار العدوى بين النزلاء.

كل هذه طبيعي ومتعارف عليه في هذه المراكز، اللافت هنا أن في هذا المركز تحديدًا، وعند مداهمته، تبين وجود 35 شخصًا من المدمنين والمرضى النفسيين، واتضح أنهم محتجزين بالمركز، جبرًا، بمعنى أن الأهالي يدفعون للمركز مبالغ من أجل سجن أبنائهم داخل المركز وليس علاجهم.

لأن المركز عبارة عن سجن لا يوجد به سوى عنابر، وسجّانون يراقبون هؤلاء المدمنين وتعذيبهم إذا لزم الأمر، ولا يوجد داخل المركز أي فريق طبي، وحتى لا يوجد أي  إشراف طبي عليهم كل فترة وأخرى، ناهيك عن عدم توافر الاشتراطات الصحية طبقًا لقانون رعاية المرضى النفسيين، مما يعرضهم إلى الخطر الداهم.

الـ35 شخصًا من المدمنين والمرضى النفسيين الذين كانوا متواجدين داخل المركز وقت مداهمته، كان أهلية كل منهم يدفعون مقابل إقامتهم مبلغ 7 آلاف جنيه للفرد شهريًا، بحسبة بسيطة، يتحصل المركز شهريًا على قرابة الربع مليون جنيه مقابل سجن المدمن وليس علاجه.

مراكز العزيمة

لا يمكن بأي حال من الأحوال الجزم بأن مصحات علاج الإدمان الخاصة، غير مؤهلة لعلاج الإدمان، خاصة وأن هناك أمثلة كثيرة من هذه المراكز المرخصة تقوم بواجبها على الشكل الأمثل.

لكن ولأن الدولة تعرف أن علاج المدمن مهما تكلف الأمر أمنى قومي، وضعت على عاتقها إنشاء مراكز علاجية في كل محافظات مصر تهدف إلى تقديم خدمة علاج المدمن بشكل احترافي وعملي، وقبل كل ذلك بالأسلوب الطبي المتبع في كل مصحات علاج الإدمان العالمية، وتكللت هذه الجهود باختيار الأمم المتحدة لمصر ضمن ٦ دول على مستوى العالم لعرض تجاربها في الوقاية من الإدمان.

في حديثه لـ»أخبار الحوادث»، أوضح الدكتور مدحت وهبة، المتحدث باسم صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، أن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي المصري برئاسة د. نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى ورئيس مجلس إدارة الصندوق؛ نجح خلال الفترة الأخيرة فى تنفيذ برامج توعوية متكاملة ووقائية لحماية الشباب من تعاطي المواد المخدرة، وأن الأنشطة الوقائية لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان تستهدف العمل على جذب الشباب من طلاب الجامعات، وشرح لهم كيفية الوقاية من تعاطي المواد المخدرة وطرق الوقاية والعلاج المجاني من خلال متخصصين لدى صندوق مكافحة وعلاج الإدمان.

وأضاف د. مدحت: «الصندوق نجح في العمل على إطلاق العديد من الحملات الإعلامية على رأسها حملة محمد صلاح، والتي حصلت على إشادات دولية، مؤكدًا أن تجربة مصر كانت ضمن  التجارب الرائدة على مستوى العالم في علاج ووقاية الإدمان».

واختتم قائلا: «صندوق علاج ومكافحة الإدمان بصدد افتتاح 6 مراكز علاجية جديدة هذا العام 2024، إلى جانب وجود 28 مركزا علاجيا تابعا للوزارة في 17 محافظة للعلاج من الإدمان، وأن هذه المراكز تقدم خدماتها العلاجية يوميا للنزلاء من المرضى والمترددين على المراكز».

اقرأ  أيضا : التفاصيل الكاملة في حريق مصحة لعلاج الإدمان بالإسماعيلية| صور


 

 

 

;