دراما رمضان تنتصر للمرأة

دراما رمضان
دراما رمضان

فى عالم الدراما المصرية تعكس الشاشة الصغيرة لحظات الحياة وتعبر عن تجارب الناس، ومن بين تلك التجارب تبرز قضايا المرأة بشكل لافت, فهى قضايا تمس نسيج المجتمع المصرى وتعكس التحولات الاجتماعية والثقافية التى يمر بها، وتتناول العديد من المسلسلات فى هذا الموسم قضايا المرأة بكل جرأة وبشكل لافت, لتعكس تحديات النساء وتكشف صراعاتهن الشخصية والاجتماعية من خلال قصص معقدة تنقلها الدراما من الواقعية إلى الخيال تجسدها أكثر من 12 فنانة لهذا العام.. ونقف بتأمل أمام الشاشة لنتعرف على القضايا التى تثيرها المرأة فى المجتمع لفهم كيف تعكس تلك الأعمال حياة النساء ومدى تأثيرها على وعى المجتمع وتحولاته، وماهى التحديات التى قد يواجهها الفن فى هذا النطاق؟, وهل نجحت تلك الأعمال فى تمثيل المرأة بشكل متوازن؟.

من الأعمال الدرامية التى سلطت الضوء على قضايا متنوعة تخص المرأة, مسلسل “صلة رحم” بطولة إياد نصار ويسرا اللوزى وأسماء أبو اليزيد، ويتناول العمل قضية جريئة جدا وهى تأجير الأرحام للمرأة التي لاتنجب، ويناقش المسلسل رأي الدين حول هذا الأمر الذي يتم تجريمه وتحريمه في المجتمعات العربية, العمل من تأليف محمد هشام عبية ومن إخراج تامر نادي.

ويناقش مسلسل “أعلى نسبة مشاهدة” بطولة سلمى أبوضيف وليلى زاهر قضايا مهمة، منها الإبتزاز الإلكتروني الذي تتعرض له الفتيات على السوشيال ميديا والإعلانات المشبوهة، وذلك في  إطار اجتماعي تشويقي والعمل من سيناريو وحوار سمر طاهر وإخراج ياسمين أحمد كامل.

وتشارك صبا مبارك بمسلسل “لحظةغضب”، أحد أهم المسلسلات الداعمة للمرأة، إذ يناقش العمل العديد من القضايا الاجتماعية والمشكلات التي تحدث بين طرفين في علاقة الحب, وهو من تأليف مهاب طارق وإخراج عبدالعزيزالنجار.

وتعتبر مشكلة العنف ضد الزوجات قضية مهمة تحتاج إلى معالجة شاملة للحد منها, وتناقش غادة عبدالرازق قضية العنف ضد الزوجات وأيضا عدم المساواة بين الرجل والمرأة, وذلك من خلال مسلسل “صيد العقارب”, والعمل من تأليف باهر دويدار وإخراج أحمد حسن.

وتتعرض مى عمر أيضا للعنف الأسرى والخيانة الزوجية من خلال أحداث مسلسل “نعمة الأفوكاتو” وهو من تأليف مهاب طارق، وإخراج محمد سامي.

وتناقش سمية الخشاب قضايا الميراث والتحديات التى قد تواجهها المرأة بعد وفاة زوجها من خلال مسلسل “ ب100 راجل” كما يسلط المسلسل الضوءعلى قضايا اجتماعية هامة مثل زواج القاصرات والظلم الواقع على المرأة في بعض المجتمعات وهو من تأليف محمود حمدان، وإخراج إبرام نشأت.

وتناقش روجينا أيضا هذا العام من خلال مسلسل “سر إلهى” قضايا ميراث المرأة وتعرضها للخيانة, المسلسل من تأليف أمين جمال، وإخراج رؤوف عبدالعزيز. وتشارك نيللى كريم فى السباق بمسلسل “فراولة” والذى يناقش العديد من القضايا الاجتماعية التى تخص المرأة فى إطار كوميدى, والمسلسل من تأليف محمد سليمان عبدالملك، ومن إخراج محمد على.

وتقدم دينا الشربينى الجزء الثانى من مسلسل “كامل العدد” هذا العام، إذ يناقش قضية الحياة الزوجية ومشكلات الأبناء، فى إطار تشويقى اجتماعى، وهو من تأليف رنا أبو الريش ويسر طاهر، إخراج خالد الحلفاوى.

وقد تتعرض المرأة لضغوطات نفسية واجتماعية خاصة بعد الإنجاب، وهو ما يناقشه مسلسل “أشغال شقة” فى إطار إجتماعى كوميدى, بطولة هشام ماجد وأسماء جلال والعمل من إخراج خالد دياب.

ومازالت أزمات الحياة الزوجية والمشكلات الأسرية وتربية الأبناء تتصدر واجهة القضايا والموضوعات النسائية من خلال الدراما، ومنها مسلسل “لانش بوكس” بطولة غادة عادل وجميلة عوض وفدوى عابد وهو من تأليف عمرو مدحت وإخراج هشام الرشيدى.

أما مشاكل وأزمات الفتيات خلال فترة المراهقة والآثار النفسية والسلوكية للتفكك الأسرى عليهن خلال هذه السنة وموضوع مسلسل “صدفة” بطولة ريهام حجاج, تأليف أيمن سلامة وإخراج سامح عبد العزيز.

وتطل ياسمين صبرى عبر مسلسل “رحيل” لتجسد مشاكل وأحلام وطموحات بنات الطبقة المتوسطة ورحلة الكفاح المليئة بالصعوبات والتحديات للتغلب على الظلم الاجتماعى والظروف المادية الصعبة. المسلسل من تأليف محمد عبد المعطى وإخراج محمد عبد السلام.

“تغيير الصورة النمطية”

وتعلق د.رانيا يحيى عضو المجلس القومى للمرأة وعميد المعهد العالى للنقد الفنى بأكاديمية الفنون, على فكرة التركيز ugD قضايا المرأة فى الدراما المصرية لهذا العام, قائلة: “بالتأكيد هناك اهتمام متزايد بتناول قضايا المرأة وتمثيلها بشكل مختلف فى الدراما المصرية التى تمثل منصة مهمة لتغيير الصورة النمطية للمرأة والتى كانت مترسخة عبر عقود طويلة، ورفع مستوى وعى المجتمع بقضاياها, وتلك الأعمال تلعب دورا كبيرا فى تمكين المرأة وتعزيز مكانتها فى المجتمع وهو ما يعكس العصر التمكينى الذى نعيشه حاليا, فكنا نعانى من تناول قضايا المرأة بشكل غير دقيق يعمل على تعميق الصورة النمطية، ويعتبر هذا التقديم غير مسئول خاصة إذا كان يزيد من التحيزات أو ينتهك القيم الاجتماعية الأساسية.

أما الآن بالفعل هناك تطور ملموس فى المعالجة الدرامية وتنوع فى تناول القضايا المختلفة، وتجسيد صورة المرأة بأنماط متعددة وفقا للعصر الذهبى للمرأة المصرية, وبالتالى تعتبر الدراما خير معبر عن انعكاس الواقع من تطور حقيقى فى ملف المرأة, وللأسف لايزال المجتمع يعانى العديد من السلبيات وبعض القضايا التى يتم مناقشتها من خلال المجلس القومى للمرأة لكن لم يتم تناولها دراميا.

وتتابع: هناك أكثر من قضية من ضمنها العنف بأشكاله المختلفة سواء عنف أسرى أو مجتمعى وزواج القاصرات والابتزاز الإلكترونى والذى أصبح واحدا من أهم القضايا المطروحة وشكل من أشكال العنف ولكن عبر وسيط الكترونى, ولأن الدراما وسيلة مساعدة لتصحيح الأفكار المغلوطة يتم تعاون بين المجلس القومى للمرأة وصناع الفن للوقوف عند أهم القضايا الملحة لمعالجتها دراميا، وبالفعل هناك ترجمة لذلك على أرض الواقع مع صناع الدراما، فما نلمسه من اهتمام وتركيز على قضايا المرأة هذا العام هو ثمار لهذا التعاون، وهناك أيضا دعم حقيقى من الشركة المتحدة فى هذا النطاق مع أخذه بعين الاعتبار لتعديل أو تصحيح الصورة النمطية والسلبية وتعديل سلوكيات المجتمع, فالدراما هى صانعة التنوير للمجتمع ككل، وطبعا هذا التأثير ينعكس على المرأة نفسها فيصبح حافزا وداعما لها للمطالبة بحقوقها ومعرفة واجباتها.

وتضيف الواقع يزخر بالقضايا، وهناك قضايا لم يتم معالجتها دراميا، فما يصل من خلالها جزء صغير من الحياة الواقعية فما زالت الدراما تواجه تحديات فى تناول بعض القضايا الحساسة وفقا لعادات وتقاليد مترسخة فى وجدان الشعب المصرى والتى قد تمنع حتى المطالبة ببعض الحقوق, لكن بما أن الإبداع ليس له سقف أو حدود فهو قادر على تجسيد صور وانعكاس حقيقى للواقع وبصورة غير مباشرة يلمس قضايا قد يصعب تناولها بالكلام, فالدراما بإمكانها إزالة تلك العوائق للوصول لبعض الأفكار والحلول الإيجابية لبعض القضايا التى يصعب مناقشتها.

وتقول د. رانيا: المطلوب من صناع الدراما الاستمرار على هذا النهج التوعوى والتنويرى، وأن يتم وضع ملف المرأة فى أولويات القضايا التى تناقش لإصلاح حال المجتمع ككل لأنها الركن الأصيل والداعم الحقيقى للمجتمع.

ثانيا: أن يكون هناك تعاون مع المجلس القومى للمرأة وكل جهة تضع هذا الملف على الخريطة الإنتاجية لها, فالمجلس على دراية كبيرة  بكل القضايا المهمة والملحة، وبالفعل يتم تطبيق هذا التعاون مع بعض الجهات، لكن أوجه كلامى لأى صانع دراما مهتم بهذا الشق أن يتجه للمصدر الأساسى, مهم جدا أيضا تسليط الضوء على النماذج الإيجابية، فنحن نمتلك نماذج ناجحة جدا ومشرفة بحيث لايقتصر تسليط الضوء فقط على السلبيات والمشاكل, فيجب تسليط الضوء على التحديات بشكل متوازن ومؤثر حتى يشكل تحفيزا للنقاش العام وزيادة الوعى بقضايا المرأة فى المجتمع, فصناع الدراما لهم دور مهم فى توجيه رسائل اجتماعية وتعزيز الوعى بالقضايا النسائية المهمة لذلك يجب أن يكون لديهم القدرة على استخدام السيناريو والحوار بشكل فعال لنقل رسائلهم دون التنازل عن جودة العمل الفنى”.

“نصف المجتمع”

وأشاد الناقد الفنى طارق الشناوى بتسليط الضوء على قضايا المرأة والتنوع فى تناولها دراميا, ويقول: “بالفعل هناك تركيز وزيادة فى مساحة تناول قضايا المرأة من خلال دراما هذا الموسم وتصوير واقعها وتحدياتها ومعالجة القضايا الشائكة أيضا هو يحسب للدراما المصرية فى أنها تطرق الأبواب المحظورة والمسكوت عنها، مثل قضية تأجير الأرحام، ولأن لها علاقة مباشرة بالدين فما يقدمه مسلسل “صلة رحم” جرئ جدا على هذا النحو, أيضا من القضايا التى تم تسليط الضوء عليها الابتزاز الالكترونى، فهى قضية مهمة جدا لما ينجم عنها من مخاطر قد تمس الفرد والمجتمع, وغيرها من القضايا, وأرى أن الدراما قادرة على أن تقول الكثير بشرط أن تتحلى الرقابة بقدر من المرونة، وهى لا تعنى الاسفاف ولا تعنى الدخول فى الممنوع أو انتهاك للقيم والمبادئ، لكن نحن أمام مجتمع يعانى من سلبيات، وعلينا مناقشتها بصوت عال، ولذلك أرى أن الدراما قادرة، وبالفعل نجحت بنسبة كبيرة فى الخروج بعيدا عن نطاق الحدود المتعارف عليها.

ويضيف الشناوى قائلا: نعيش فى زمن التصنيف العمرى، طالما هناك تصنيف عمرى بالتالى تسقط يد الرقابة، وهذا هو قيمة التصنيف العمرى يجعل المسئولية بيد المتلقى وعلينا التمسك بهذه الميزة ونلغى الممنوع، ومع إعادة ثقافة التصنيف العمرى ينبغى على الأسرة تعليم الأبناء قبل مشاهدة أى محتوى التأكد إن كان التصنيف العمرى يتح ذلك أم لا وهى ثقافة تراكمية.

من المهم أيضا النظر إلى كيفية استقبال الجمهور لهذه القضايا، وكيف يمكن أن تؤثر تلك الأعمال على الوعى الجمعى, فالدراما تلعب دورا مهما فى تشكيل وجهة نظر المجتمع تجاه قضايا المرأة وتعزيز التفاعل معها والبحث عن حلول للتحديات التى تواجهها, كما أنها قوة محفزة للتغييرالمطلوب سواء اجتماعى أوثقافى، وساحة للحوار حول القضايا التى تهم نصف المجتمع، ومن خلال متابعة هذه الأعمال والتفاعل معها يمكن للمجتمع المصرى أن يدرك بأن النساء ليسوا مجرد شخصيات فى الدراما، بل هم جزء لايتجزأ من الحياة الحقيقية والتحولات الاجتماعية المستمرة.

اقرأ  أيضا : ناقد فنى: "المتحدة" أثرت الدراما المصرية بمسلسلات الـ15 حلقة

;