فواصل

المسمار الأول

أسامة عجاج
أسامة عجاج

يوما بعد يوم يترسخ مفهوم مهم عنوانه (العالم ما قبل السابع من أكتوبر الماضى، سيختلف جذريا عن ما بعده) آخر من اعترف بهذه المقولة الرئيس بايدن، الذى تم الكشف مؤخرا عن قوله بعد يوم من عمليات طوفان الأقصى، أن (٧ أكتوبر غير العالم، وصداه سيمتد طوال القرن الحالى)، والشواهد على ذلك أكبر من أن تعد وتحصى، منها الشرخ فى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، والأزمة الداخلية غير المسبوقة بين السياسيين والعسكريين، وآخر مظاهرها، تصريحات الجنرال دان غواد غولدفوس قائد الفرقة الـ ٩٨ التى تقاتل فى خان يونس، الذى اعترف بمسئولية الجيش عن الفشل الذريع، ولكنه دعا (المسئولين السياسيين إلى التحلى بالجدارة، وأن يكونوا فى مستوى ما يقدمه الجنود فى الميدان) وقد يكون ما سبق أمورا قد تتغير بفعل الزمن والتطورات، والمهم فى رأيى هو إشارة الجنرال إلى ضمان مشاركة الجميع مما يعنى استدعاء اليهود المتشددين المعفيين من أداء الخدمة العسكرية، والتى عادت إلى الواجهة من جديد، فهى عنوان مظاهر شرخ خطير فى المجتمع الإسرائيلى، فى ظل غياب المساواة بين قطاعات الشعب، جزء منه يدفع أثمانا من حياته، ووضع الاقتصادى بالعودة إلى الجيش، وآخر لا يتم تجنيده أصلا، بل يتمتع بمزايا وتمويل من دافعى الضرائب، للصرف على التعليم الدينى، كما زاد من ضرورتها ارتفاع خسائر الجيش الإسرائيلى من القتلى والجرحى، واستمرار  استدعاء ٣٠٠ ألف شاب احتياط للمشاركة فى المواجهات الأخيرة، منهم ١٠٠ ألف من طلاب الجامعات، وقيام الجيش بالاستعانة بالمرتزقة الأجانب، وبعض التقديرات تكشف عن وجود ٧٥٠٠ جندى، بينما الأرقام تكشف عن أن نسبة الشباب المتدينين من المستوفين للخدمة العسكرية، تصل إلى ١٨ بالمائة، وقد أبطلت المحكمة العليا فى إسرائيل فى عام ٢٠١٨ قانونا لإعفاء المتشددين من التجنيد، واستطاع نتنياهو تمييع القضية بتأجيل تنفيذ الحكم، بل يسعى الآن إلى طرح قانون يكرس فكرة استثنائهم من الخدمة العسكرية، وفى نفس الوقت زيادة الأعباء على غيرهم برفع مدتها من ٣٢ شهرا إلى ثلاث سنوات، وهو ما يرفضه حوالى ٨٠ بالمائة من المجتمع الإسرائيلى، بعد أن هدد الحاخام الشرقى الأكبر لإسرائيل يتسحاق يوسف، بمغادرة اتباعه إسرائيل، إذا تم إجبارهم على الالتحاق بالجيش، وقال (إن دراسة وصلوات طلاب المعاهد الدينية، هى ما تمنح الحماية للجيش، فهم حراس التوراة)، تصور لو نفذ الحاخام تهديده، والتزم أنصاره بتعليماته، فهذا يعنى هجرة قطاع كبير من المجتمع الإسرائيلى، يمثلون أكثر من ١٣ بالمائة من السكان، ومع ذلك يتمتعون بنفوذ سياسى واسع، خاصة وأن تصويتهم مضمون للأحزاب الدينية المتطرفة، ولذلك فهم كتلة وزانة فى تشكيل الحكومات، ناهيك عن بدء احتجاجات واسعة منهم فى الشارع، ما يحدث (مسمار فى نعش) مشروع فاشل، لدولة أقيمت على غير أساس، وكيان وهمى (أوهن من بيت العنكبوت) والتاريخ هو من سيؤكد ذلك.