كلمات ربي وآياته في القرآن والكون.. حلقة اليوم عن معنى "أَثل"

أ.د.أحمد فؤاد باشا، عضو مجمع اللغة العربية
أ.د.أحمد فؤاد باشا، عضو مجمع اللغة العربية

تتابع بوابة أخبار اليوم نشر سلسلة "كلمات ربي وآياته في القرآن والكون"، للدكتور أحمد فؤاد باشا، عضو مجمع اللغة العربية، القاهرة، وحلقة اليوم عن "الأَثْل".

ويقول باشا إن الأثل واحدته أثلة، وجمعه أُثُول، والأثل شجر يرتفع عدة أمتار، ويعطي فروعًا خشبية طويلة، وليس له ورق عريض، إنما حراشيف صغيرة.

وهو ينمو في الصحارى والأراضي الملحية الرطبة، وغالبًا ما يوجد فى الأودية. وفروع النبات الخضراء الهدبية تحمل على سطوحها الأملاح التي يفرزها النبات.


وينمو الأثل برّيًّا في شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية وأفغانستان وباكستان والهند. وقد يُزرع مصدّاتٍ للرياح حول المزارع في المناطق الصحراوية لصلابة سوقه وفروعه وتحمله للجفاف.


والأثل والطرفاء نوعان من النباتات، يتبعان جنسًا واحدًا ينتمي إلى الفصيلة الأثلية أو الطرفاوية، وقد ورد ذكرهما في كتب السنَّة المطهرة في مجال استعمال الخشب لصنع منبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم –.


وقد وردت كلمة "أثل" مقترنة بكلمة "خمط" مرة واحدة في القرآن الكريم فى قوله تعالى: {وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ} (سورة سبأ: 16). وقد جاء ذلك في سياق الحديث عن قوم سبأ الذين كانوا يسكنون اليمن، وكانوا في أرض مخصبة، وأقاموا سدًّا خزنوا خلفه الماء في الوادي، وكان لهم مورد مائي عظيم، فعاشوا في رخاء وجنات مليئة بالنعمة تفيض عليهم بالرخاء.

ولما أعرضوا عن شكر الله، وعن العمل الصالح، والتصرف الحميد فيما أنعم الله عليهم، سلبهم سبب هذا الرخاء، وأرسل السيل الجارف الذي يحمل العَرِم في طريقه، وهي الحجارة لشدة تدفقه، فتحطم السدّ وانساحت المياه فطغت وأغرقت، ثم لم يعد الماء يخزن بعد ذلك، فجفّت الجنان واحترقت، وتبدلت صحراء لا يوجد منها إلا الأشجار البريّة الخشبية: الخمْط والأثل، وهما من النباتات التي تنتج ثمارًا مُرَّة لا يُنتفع بها، وقليل من نبات السِّدْر الذي ينتج النبْق. وهكذا كما أخبر القرآن الكريم: {ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُور} (سورة سبأ: 17).


وإذا كان "الأَكْل" من الأفعال الحيوية، فإن ورود لفظة "الأُكُل"، بضم الهمزة، في القرآن الكريم يُعدّ أكثر ألفاظ المادة علاقة بالنبات. وقد فُسِّر الأكُل بأنه الشيء المأكول، وبأنه الثمر الذي يؤكل، وإذا أطلق على الطعم، فهذا لأنه يؤكل، كما في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ} (سورة الأنعام: 141) وفي قوله سبحانه: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ}(سورة الرعد: 4).