أيام وليالي رمضان

ابن القارئ الشيخ أحمد الرزيقي: والدي دخل الإذاعة بتوجيه من الرئيس السادات

الشيخ الرزيقى والشيخ عبد الباسط عبد الصمد كانا لا يفترقان
الشيخ الرزيقى والشيخ عبد الباسط عبد الصمد كانا لا يفترقان

الشيخ أحمد الرزيقي إحدى قمم دولة التلاوة المصرية الذين ملأوا الدنيا تلاوة وحفلات، ونال العديد من الجوائز الدولية والمصرية، منها نوط الامتياز من الدرجة الأولى من الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، ولقد تعرفت إلى الشيخ الرزيقى بصورة أقرب عندما كنتُ أبحث عن صور خاصة للشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وكنت أجد صورته بجواره فى معظم الصور، حيث كانا صديقين مقربين جدا، حتى بدأت رحلة البحث عن الشيخ الرزيقى لأستمع إلى قارئ كبير بلكنة صعيدية خبيرة بمخارج الحروف وفنون المقامات.

وللشيخ أحمد الرزيقى قصة طويلة مع القرآن الكريم، بدأت بالاستماع إلى الشيخ عبد الباسط، وستظل ببقاء هذا الصوت المتفرد علامة بارزة فى دولة التلاوة المصرية.

يقول محمد أحمد الرزيقي، نجل القارئ الكبير: إن والدى أحد مؤسسى نقابة القراء، وأمين عام النقابة الأسبق، وقد تم تعيينه قارئًا لمسجد نفيسة العلوم سيدتنا السيدة نفيسة، رضى الله عنها.

تحول كبير
ويتابع نجل الشيخ الرزيقى قائلًا: إن بداية أبى تحمل قصة جميلة، فى عام1951م وجد جمعا غفيرا من أهل بلدته ملتفين حول جهاز المذياع لسماع بلدياته وابن مركزه الشيخ عبد الباسط عبد الصمد إعجابًا بصوته، من هنا تحولت حياته، حيث قرر عدم الذهاب إلى المدرسة ودخل الكتاب لحفظ القرآن الكريم، وحينما علم والده بذلك أعجب به وشجعه على ذلك، وقد أتم الشيخ الرزيقى حفظ القرآن بعد ثلاث سنوات على يد الشيخ محمود إبراهيم، ثم درس القراءات على يد العلامة الشيخ محمد سليم حمادة. وقد أقام الشيخ الرزيقى فى الأقصر من 1961م وحتى 1974م، وفى ذلك العام 1974م دخل الإذاعة وصار أحد قرائها المشهورين، وبعد ذلك أتم الشيخ الرزيقى دراسة حرة لفنون المقامات على يد المؤرخ الموسيقى محمود كامل.

ويوضح نجل الشيخ الرزيقى أنه تم تعيين والده قارئا لمسجد السيدة نفسية عام 1982م، كما سافر إلى العديد من دول العالم حاملا كتاب الله فى قلبه وعلى لسانه، وقد ناضل الشيخ الرزيقى فى السبعينيات من أجل إنشاء نقابة قراء القرآن الكريم، مع الشيخ عبد الباسط والشيخ البنا، وعدد من كبار المشايخ وقتها، وظل أمينًا عامًا لمجلسها، ثم حصل على وسام الجمهورية من الطبقة الأولى تقديرًا لدوره فى خدمة القرآن الكريم عام 1990م، حتى لقى ربه فى الثامن من ديسمبر عام 2005م، كما كان طيب القلب ومحبًا للخير للناس جميعًا.

بقرار رئاسى
يواصل نجل الشيخ الرزيقى قائلًا: إن أبى، رحمه الله، كانت له قصة فى دخوله الإذاعة، حيث كتب رسالة إلى الرئيس السادات يهنئه بنصر٧٣، ويطلب إليه تحديد موعد له للاختبار فى لجنة القراءة، حيث إن لجنة اختبار القراء كانت قد توقفت أثناء حرب٦٧ إلى عام٧٣، ورد عليه الرئيس السادات برسالةٍ بتحديد موعد متمنيًا له التوفيق فى الاختبار.. كما كان دائم التواصل بصديقه القريب إليه الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وهو الذى شجعه على الحضور إلى القاهرة لدخول الإذاعة، كما سافر مع الشيخ عبد الباسط إلى العديد من الدول لإقامة الحفلات القرآنية، وإحياء الليالى الرمضانية.

ويواصل نجل الشيخ الرزيقى: إن أبى كان محبا للشيخ عبد الباسط عبد الصمد، حيث كان صديقه الأقرب إلى قلبه، وله ذكريات كثيرة جدا معه، وأول مرة أرى دموع والدى كانت يوم وفاة أعز صديق له الشيخ عبد الباسط، كما كان محبًا للشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ البنا، والشيخ محمد صديق المنشاوى، وأبوالعينين شعيشع، وناضل مع زملائه لإنشاء نقابة القراء، وتوجه هو والشيخ البنا إلى الرئيس السادات فى استراحته بالقناطر ليشكو له التأخير فى مناقشة قانون النقابة في مجلس الشعب، واستجاب الرئيس السادات فورًا، وتحدث هاتفيا إلى الدكتور صوفى أبوطالب، وقال له: «أنا عضو فى نقابة القراء يا صوفى، ولا بد من مناقشة القانون فى أسرع وقت»، وبالفعل توجهت دعوة من مجلس الشعب للشيخين الرزيقي والبنا لحضور مناقشة القانون فى المجلس. وكان أبي، رحمه الله، أبًا حنونًا يعاملنا كأصدقائه، ويجلس معنا كأسرة يحكى لنا قصص القرآن، ونتحدث كثيرا فى علوم الدين، وقد حصل على وسام الجمهورية عام ١٩٩٠ لدوره فى خدمة كتاب الله، وكان قارئًا لمسجد السيدة نفيسة، رضى الله عنها، إلى أن لقى ربه فى 8 ديسمبر ٢٠٠٥، وتم ترشيحه من وزارة الأوقاف ليكون قارئا لمسجد الإمام الحسين، رضى الله عنه، لكنه كان متعلقًا بمسجد السيدة نفيسة، واعتذر رسميا للوزير، ونشر الاعتذار فى الصحف.

فى قريته
وعن علاقة الشيخ الرزيقى بقريته، يقول ابنه محمد الرزيقى: قام أبى ببناء المسجد الرئيسى فى قريته «الرزيقات قبلى»، حيث إنه كان عاشقا لمسقط رأسه، وكان يتمنى لقاء ربه فى بيته فى الرزيقات، وبالفعل سبحان الله كان فى رحلة بإيران والنمسا وذهب لأداء صلاة الجمعة فى السيدة نفيسة، وسافر إلى الرزيقات لارتباطه بإحياء حفلات فى الصعيد، وقرأ فى آخر احتفال له فى أرمنت، وكان بصحبته الشيخ ياسر عبد الباسط، وكان يوم الثلاثاء 6 ديسمبر، وتوفاه الله يوم 8 ديسمبر فى بيته بالرزيقات كما كان يتمنى، ودفن فى مقابر العائلة.