حكاية المسحراتى

 المسحراتى
المسحراتى

رضوى الصالحى

هو أحد رموز الشهر الكريم، فلا يزورنا إلا بصحبته لمدة 30 يوما فيوقظنا فى جوف اليل ضاربا على طبلته بإيقاعات متناغمة وهو يردد «اصحى يا نايم وحّد الدايم» لننال قسطا من الطعام يدعمنا طوال نهار صيامنا، ورغم بساطة مهمة المسحراتى إلا انها تظل من تراث الشهر الكريم ومع التقدم والتكنولوجيا الذى نعيشه لا نزال نسمع المسحراتى يجوب الشوارع ليوقظ الناس، اليوم نغوص فى التاريخ لمعرفة أصول تلك المهنة.

 كانت البداية عندما تولى الصحابى بلال بن رباح مهمة ايقاظ المسلمين ليلا للتسحر فى بداية الإسلام، فيطوف بالشوارع والطرقات قبل صلاة الفجر، فيتناول الناس السحور، ثم بعدها يقوم ابن أم مكتوم ينادى في الناس، فيمتنعون عن تناول الطعام، ثم انتقلت تلك المهنة لمصر المحروسة، وفى عهد الدولة الفاطمية أمر الحاكم بأمر الله الناس أن يناموا مبكرا بعد صلاة التراويح، وتولى الجنود ايقاظهم بالدق على منازلهم، حتى تم تعيين موظف لهذه المهمة مرددا «يا أهل الله قوموا تسحروا»، ثم كادت ان تندثر تلك المهنة إلا انه فى عصر الظاهر بيبرس أحياها بتعيين صغار علماء الدين بالدق على أبواب البيوت، لإيقاظ أهلها للسحور، وفى عهد الناصر محمد بن قلاوون، ظهرت طائفة أو نقابة المسحراتية، مؤسسها أبو بكر محمد بن عبد الغني، مخترع فن «القوما»، وهي شكل من أشكال التسابيح المقترنة بالتنغيم، والشهير بـ«ابن نقطة» ليصبح نقيبها ومطورها، فعلى يده أخذت شكلًا جديدًا فاستخدم المسحراتي الـ«بازة» وهي آلة أشبه بطبلة صغيرة يتم الدق عليها، ومع مرور الوقت امتزجت دقات الطبلة مع الأشعار الشعبية وشارك الشعراء المسحراتية بالأشعار التي سيشدون بها؛ وكان اشهرها كلمات الشيخ محمد النجار، شيخ الزجالين، قائلا «اصحى يا نايم وحّد الدايم.. وقول نويت بكرة ان حييت.. الشهر صايم .. والفجر قايم.. رمضان كريم»، وصولا إلى مسحراتى العصر الحديث الفنان الراحل سيد مكاوى، لتظل تلك المهنة حتى يومنا هذا تتوارثها الأجيال.