المصريين الأحرار يصدر دراسة حول التغيرات المناخية وحالة مصر.. والإجراءات الاحترازية

الدكتور مهندس سامر عصام خليل مستشار رئيس حزب المصريين الأحرار
الدكتور مهندس سامر عصام خليل مستشار رئيس حزب المصريين الأحرار

أصدر الدكتور مهندس سامر عصام خليل مستشار رئيس حزب المصريين الأحرار لشؤون المناخ، دراسة حول التغيرات المناخية ومدى التأثير الممتد علي العالم وفي القلب منها مصر.

وجاءت الدراسة متضمنة عدة أرقام وإحصائيات وتفاصيل شاملة من واقع بحوث دراسية واستقصاء وقراءة بشأن التغيرات والمسببات والتداعيات وتناولت الدراسة آليات الحد من التغيرات، و فندت ايضا بالأرقام حدوث كوارث طبيعية مرتبطة بصورة وثيقة بالتغير المناخى.

 

وجاءت الدراسة كالتالي:

تغير المناخ هو التحول في أنماط المناخ الناجم بشكل أساسي عن انبعاث غازات الاحتباس الحراري والتي تتسبب في احتفاظ الغلاف الجوي للأرض بالحرارة، وتلك هى القوة الدافعة الرئيسية وراء الاحتباس الحراري في العالم.

تنتج هذه الانبعاثات في المقام الأول عن طريق النظم الطبيعية والأنشطة البشرية، وتشمل النظم الطبيعية حرائق الغابات والزلازل والمحيطات والتربة الصقيعية والأراضي الرطبة والبراكين الطينية والبراكين، بينما تشمل الأنشطة البشرية في المقام الأول إنتاج الطاقة والأنشطة الصناعية وإزالة الغابات واستخدام الأراضي والتغيير في استخدام الأراضي.

ووفقًا لتقرير فجوة الانبعاثات الذي أعده برنامج الأمم المتحدة للبيئة في عام 2022 (عن نتائج عام 2021)، بلغ إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري باستثناء استخدام الأراضي وتغيير استخدام الأراضي والغابات 52.8 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، مسجلاً مستوى مرتفعًا جديدًا مقارنة بالسنوات الأخيرة. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الأحفوري من إنتاج الطاقة والأنشطة الصناعية عند 37.9 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون، على غرار نتائج عام 2019، على الرغم من أن عام 2020 شهد انخفاضًا طفيفًا إلى 36 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون بسبب التأثير قصير المدى لـ فيروس كورونا. أما الانبعاثات المتبقية فتتعلق بالميثان وأكسيد النيتروز والغازات المفلورة التي شهدت ارتفاعًا ثابتًا خلال السنوات السابقة.

اقرأ أيضا | المصريين الأحرار: المرأة المصرية عبر التاريخ كانت السند والمدرسة الحقيقية

 

ويوضح التقرير أن التعهدات الوطنية المحدثة منذ مؤتمر المناخ رقم 26 لها تأثير ضئيل على انبعاثات 2030 المتوقعة وأننا بعيدون عن هدف اتفاقية باريس للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من 2 درجة مئوية – والسعي للوصول الى 1.5 درجة مئوية- كما تشير السياسات الحالية إلى زيادة درجة الحرارة بمقدار 2.8 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. ولن يؤدي تنفيذ الالتزامات الحالية إلا إلى تقليص ذلك إلى زيادة في درجة الحرارة تتراوح بين 2.4 و 2.6 درجة مئوية، من خلال التعهدات المشروطة وغير المشروطة على التوالي. ويخلص التقرير إلى أن التحول العاجل المنظم هو الوحيد القادر على تحقيق الانخفاضات الهائلة المطلوبة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030 بقدر 45٪ مقارنة بالتوقعات القائمة على السياسات الحالية للبقاء على المسار الصحيح عند 1.5 درجة مئوية و 30٪ عند 2 درجة مئوية.

يعد استيعاب التأثير الشديد لتغير المناخ على النظم الطبيعية والبشرية وكذلك المخاطر ونقاط الضعف المرتبطة بها نقطة انطلاق مهمة في فهم حالة الطوارئ المناخية الحالية. وقد تم تسليط الضوء على التغيرات في مؤشرات المناخ وتحديداً درجة الحرارة وهطول الأمطار وارتفاع مستوى سطح البحر وتحمض المحيطات والظروف الجوية القاسية في تقرير صدر مؤخراً عن أمانة الأمم المتحدة لتغير المناخ تضمن المخاطر المناخية المبلغ عنها حالات الجفاف والفيضانات والأعاصير والعواصف الشديدة وموجات الحر وحرائق الغابات ونوبات البرد والانهيارات الأرضية.

ووفقًا لمركز أبحاث وبائيات الكوارث، فقد واجه العالم 387 حالة من الكوارث الطبيعية في عام 2022، تتعلق بشكل أساسي بالمناخ. وشمل ذلك 22 حالة جفاف، و 12 حالة حرارة شديدة، و 176 حالة فيضانات، و 17 حالة انهيارات أرضية، و 108 حالات عواصف، و 15 حالة حرائق غابات. وقد بلغ عدد المتضررين من الكوارث الطبيعية في عام 2022 185 مليون شخص، وشكلت الفيضانات والعواصف والجفاف حوالي 98٪ من إجمالي المتضررين. أما من حيث الخسائر الاقتصادية، فقد فُقِدَ اجمالي 223.8 مليار دولار في عام 2022 بسبب الكوارث الطبيعية ، بالإضافة الى العواصف (131 مليار دولار) ، والفيضانات (44.9 مليار دولار) ، والجفاف (34.2 مليار دولار) ، وحرائق الغابات (1.1 مليار دولار) التي تمثل ما يقرب من 94٪ من إجمالي الخسائر. لذا، من الواضح أن تغير المناخ من صنع الإنسان وأنه قوة دافعة رئيسية وراء العديد من الكوارث الطبيعية التي تحدث على مستوى العالم.

ان لتغير المناخ تداعيات كبيرة على منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك مصر، في حين أن التأثير الدقيق قد يختلف عبر البلدان، إلا أن هناك العديد من التحديات المشتركة التي من المحتمل أن تنشأ كما يلي:

1. ندرة المياه: وتعتمد مصر بشكل كبير على نهر النيل للحصول على المياه العذبة، ومن المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم ندرة المياه في المنطقة. كما يمكن أن يؤثر ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار على تدفق النهر مما يؤدي إلى انخفاض توافر المياه للري والاستخدام المنزلي وتوليد الطاقة الكهرومائية، مما قد يؤدي هذا إلى زيادة القلق بخصوص موارد المياه في المنطقة.

2. الظواهر الجوية الحادة: من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية الحادة، مثل موجات الحر والجفاف والأمطار الغزيرة. وتواجه مصر بالفعل ظروفًا حارة وجافة، ويمكن أن تزيد هذه الأحداث من إجهاد موارد المياه والزراعة وصحة الإنسان. كما يمكن أن تكون موجات الحر خطيرة بشكل خاص حيث تؤثر على الصحة العامة وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة.

3. الزراعة والأمن الغذائي: أصبح قطاع الزراعة في مصر عرضة لتأثيرات تغير المناخ لاعتماده بشكل كبير على الري. حيث يمكن أن تؤثر التغييرات في توافر المياه وزيادة درجات الحرارة والتغيرات في أنماط هطول الأمطار على غلة المحاصيل وإنتاجية الثروة الحيوانية. كما يمكن أن يؤدي انخفاض الإنتاج الزراعي إلى تعطيل الأمن الغذائي لما له من آثار اجتماعية واقتصادية لا سيما على المجتمعات الريفية.

4. ارتفاع مستوى سطح البحر: تعتبر دلتا النيل من المناطق المعرضة بشكل خاص لارتفاع مستوى سطح البحر، وهى منطقة مكتظة بالسكان في مصر ويقطنها ملايين الأشخاص. ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، يساهم ذوبان الأنهار الجليدية والتوسع الحراري لمياه البحر في ارتفاع مستويات سطح البحر. وهذا يشكل تهديدًا للمدن الساحلية والبنية التحتية والزراعة في دلتا النيل، مما قد يؤدي إلى تشريد المجتمعات والتسبب في اضطرابات اقتصادية.

5. الآثار الصحية: يمكن أن يؤثر تغير المناخ أيضًا على الصحة العامة في مصر، حيث يمكن أن تؤدي موجات الحر وارتفاع درجات الحرارة إلى أمراض مرتبطة بالحرارة، لا سيما بين الفئات السكانية الضعيفة. كما يمكن أن تساهم التغييرات في أنماط هطول الأمطار في انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، في حين أن زيادة العواصف الترابية وتلوث الهواء يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أمراض الجهاز التنفسي.

6. التنوع البيولوجي والنظم البيئية: يستطيع تغير المناخ أن يعطل النظم البيئية ويهدد التنوع البيولوجي في مصر حيث يمكن أن يؤثر ارتفاع درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار المتغيرة على النباتات والحيوانات بما في ذلك الأنواع الشهيرة مثل تمساح النيل وأنواع الطيور المختلفة وفقدان مواطنها الأصلية. كما يمكن أن يكون لهذه التغييرات آثار متتالية على خدمات النظام البيئي مثل التلقيح ومكافحة الآفات الطبيعية والتأثير على السياحة والسياحة البيئية.

يمكن اتخاذ تدابير مختلفة للتكيف والحد من آثار تغير المناخ لمواجهة هذه التحديات

استراتيجيات الحد من تغير المناخ:

هناك ثلاث استراتيجيات رئيسية للحد من تغير المناخ تمت مناقشتها في جميع المؤلفات العلمية. الأولى، تستخدم جهود التخفيف التقليدية وتقنيات تقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مثل الطاقة المتجددة واستخدام الوقود الحيوي وتقنيات ترشيد الطاقة والطاقة النووية، ومعظم هذه التقنيات معتمدة وتحمل مستوى مقبول من مخاطر التشغيل والاستخدام ويمكن تطبيقها في مصر والشرق الأوسط.

أما الاستراتيجية الثانية فهى عبارة عن مجموعة جديدة من التقنيات والأساليب التي تم اقتراحها مؤخرًا، والتي يتم استخدامها لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. ولعل أشهر الطرق التي قد تكون مجدية ويمكن نشرها على الفور في مصر هي التشجير، على الرغم أنها ليست الوسيلة المثلى مقارنة بالطرق الأخرى لكنها الأبسط والأقل تكلفة. يليها اعتماد ممارسات الزراعة المستدامة لعزل الكربون في التربة. بينما أبرز الوسائل المعتمدة دولياً حالياً هى مشاريع إزالة الكربون القائمة على الفحم الحيوي، حيث تتميز بكفاءة إزالة أعلى ولها العديد من المميزات التطبيقية.

بينما تدور الاستراتيجية الثالثة والأخيرة حول مبدأ تغيير توازن اشعاع الارض من خلال التحكم في الإشعاع الشمسي والأرضي. والهدف الرئيسي من هذا النهج هو تثبيت درجة الحرارة أو خفضها على عكس تقنيات إزالة الكربون، حيث يتم تحقيق ذلك دون تغيير تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. وهذه التقنيات لا تزال نظرية أو في مراحل تجريبية مبكرة جدًا وتحمل الكثير من الشك والمخاطر من حيث التطبيق العملي على نطاق واسع. لذا، من غير المحتمل أن يتم تطبيق مثل هذه التقنيات في الوقت الحالي لأنها تفتقر إلى الجدوى الاقتصادية وهي مرحلة وليدة جدًا في التطوير التقني على نطاق عالمي.

وإلى جانب جهود الحد من تغير المناخ، يلعب التكيف أيضاً دورًا مهمًا في مواجهة تغير المناخ، وتتضمن بعض استراتيجيات التكيف الرئيسية التي يمكن نشرها في مصر ما يلي:

1. إدارة موارد المياه: من خلال تطوير تقنيات الحفاظ على المياه وتحسين أنظمة تخزينها وتوزيعها وتنفيذ ممارسات ري فعالة للتعامل مع أنماط هطول الأمطار المتغيرة وندرة المياه.

2. الزراعة المقاومة المناخ: من خلال تعزيز الممارسات الزراعية الذكية مناخيا مثل أصناف المحاصيل التي تتحمل الجفاف وتحسين إدارة التربة وتنويع المحاصيل لتعزيز الأمن الغذائي والتكيف مع الظروف المناخية المتغيرة.

3. المعلومات المناخية والتخطيط: من خلال تحسين الحصول على البيانات المناخية الدقيقة ودمج الاعتبارات المناخية في التخطيط العمراني وإدارة استخدام الأراضي واستراتيجيات الحد من مخاطر الكوارث.

4. أنظمة الإنذار المبكر: من خلال إنشاء أنظمة قوية للإنذار المبكر للكشف عن الأخطار المتعلقة بالمناخ والاستجابة لها، بما في ذلك العواصف وموجات الحر والجفاف من أجل تقليل الآثار المحتملة على حياة البشر والبنية التحتية.

5. مرونة البنية التحتية: من خلال دمج تدابير مقاومة المناخ في تصميم وإنشاء البنية التحتية بما في ذلك المباني والطرق وأنظمة حماية السواحل لمقاومة الظواهر الجوية الشديدة وارتفاع مستوى سطح البحر.

6. الصحة والحماية الاجتماعية: من خلال تعزيز أنظمة الرعاية الصحية لمواجهة المخاطر الصحية المتعلقة بالمناخ وتنفيذ شبكات الأمان الاجتماعي لدعم الفئات الضعيفة من السكان وتعزيز قدرة المجتمع على الصمود من خلال برامج التثقيف والتوعية.

7. التكيف القائم على النظام البيئي: من خلال الحفاظ على النظم البيئية الطبيعية واستعادتها لتوفير خدمات حيوية مثل الحماية من الفيضانات وتنقية المياه وعزل الكربون.

واستنادًا إلى الحالة الراهنة للطوارئ المناخية، فإن التطوير الفوري لآليات الحد والتكيف القابلة للتطبيق له أهمية قصوى. فمن المهم توضيح أنه لا يوجد حل مثالي لمعالجة تغير المناخ وأنه ينبغي تطبيق جميع الأساليب والتقنيات التي تمت مناقشتها إذا كانت مجدية فنياً واقتصاديًا. لذلك، بات ضرورياً أن تبادر الحكومة المصرية لتسهيل تطوير سوق متكامل يشجع على الانخراط في تطوير صناعة خضراء محلية وكذلك بناء القدرة على التكيف وتعزيز المرونة الشاملة.