نيافة الأنبا أغاثون يكتب: متطلبات الصوم المقبول أمام الله

نيافة الأنبا أغاثون
نيافة الأنبا أغاثون

تزامن هذا العام بدء صوم شهر رمضان الكريم ، لدى إخوتنا المسلمين ، وكذلك الصوم المقدس الكبير لدى أبنائنا الأقباط، وذلك يوم الأثنين الموافق 11 مارس 2024م .       لذلك بالأصالة عن نفسى وعن مجمع الآباء الكهنة بإيبارشية مغاغة والعدوة :

أتقدم بالتهنئة القلبية لجميع المصريين ، قيادةً وشعباً مسلمين وأقباطاً بهاتين المناسبتين ، طالباً من الله أنيتقبل أصوام هذا الشعب العظيم ، لكى يرفع عن بلادنا العزيزة مصر ، والأوبئة والأمراض والغلاء والحروب وأن ينعم علينا بالسلام والتقدم والأزدهار فى كل جوانب الحياة ، حفظ الله مصر ، قيادةً وشعباً من كل شر ومكروه .

أولاً : من متطلبات الصوم المقبول أمام الله.. ينبغى على الإنسان أن يقرن صومه بالتوبة والرجوع لله ، عن الخطايا والآثام . لأن صوم الإنسان فترة زمنية ، أنقطاعاً عن الأكل والشراب لمدة من الزمن ، هذا أمر ، تأمر به الوصايا الإلهية ، لكن إذا صام الإنسان عن الأكل والشراب دون أن يصوم عن فعل الخطية والآثام، يكون صومه غير مقبول أمام الله ، لذا قال الله للشعب قديماً " لماذا صمنا ولم تنظر ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ ؟ " ( إشعياء 3:58). فأجابهم الله موضحاً لهم بأنه لم يقبل صومهم ، وذلك بسبب عدم توبتهم عن الخطايا والآثام ، موضحاً ذلك لهم، بقوله : " ها إنكم فى يوم صومكم توجدون مسرةً ، وبكل أشغالكم تسخرون .ها أنكم للخصومة والنزاع تصومون ، ولتضربوا بلكمة الشر لستم تصومون ... هل تسمون هذا صوماً ، ويوماً مقبولاً للرب " ( إش 58 ). أما إن أقرن الإنسان صومه عن الأكل والشراب بالتوبة والرجوع عن الخطايا ةالأثام إلى الله ، يقبل الله صومه ، وتأكيداً على ذلك ، أوصى الرب فى سفر يؤئيل النبى قائلاً : " أرجعوا إلىَ بكب قلوبكم ، بالصوم والبكاء والنوح ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم ، وأرجعوا إلى الرب إلهكم ، لأنه رؤوف ورحيم ، بطئ الغضب وكثير الرأفة ، ويندم على الشر  " ( يؤ 12:2،13 ). لذلك يجب على الإنسان أن يلاحظ توبته أثناء صومه وبصفة دائمة ، وذلك لكى يقبل الله صومه وتعبه ، ويكافئه خيراً. وذكر لنا الكتاب المقدس أمثلة عديدة من الناس ، قبل الله أصوامهم، وذلك بسبب توبتهم الصادقة ، وهم مثال صوم مدينة أهل نينوى على يد يونان النبى العظيم ، وكذلك صوم شعب الله قديماً ، بقيادة عزر ا الكاهن ، ونحميا الوالى . بالإضافة إلى ذلك ، صوم كنيستنا القبطية، قيادةً وشعباً فى القرن العاشر الميلادى ، وبسبب ذلك الصوم مع التوبة والإيمان والصلاة ، حدثت معجزة نقل جبل المقطم بالقاهرة .

ثانياً: ننتقل إلى مطلب آخر من متطلبات الصوم المقبول لدى الله ، هو مشاركة الناس أو العباد فى الصوم . لأن الله فى تشريعه للصوم منذ أن خلق أبوينا الأولين آدم وحواء ، شرع بأن يكون الصوم نباتياً ( تكوين 29:1 ) . وكذلك شرع بأن يكون الصوم انقطاعياً عن الأكل والشراب فترة من الزمن ، ومع ذلك شرع ، بأن يكون الصوم جماعياً فى نفس الوقت ( تك 17:2 ) .أى لجميع الناس ، رجالاً ونساءً ، شباباً وشاباتٍ ، أطفالاً بنين وبناتٍ . ولذا أمر قائلاً : " قدسوا صوماً ، نادوا باعتكاف ، أجمعوا  الشعب ... "                   ( يؤ 15:2،16). وكذلك أمر الله فى العهد الجديد بالصوم لجميع الناس ، وذلك فى إجابته لسؤال من تلاميذ القديس يوحنا المعمدان وقت أن قالوا له : " لماذا نصوم والفريسيون كثيراً وأما تلاميذك فلا يصومون ؟ قال لهم يسوع ... ستأتى أيام حين يُرفع العريس عنهم ، فحينئذ يصومون " ( متى 14:9،15) و( مرقس 18:2،19) و ( لوقا 32:5،33). وبناءً عليه يجب أن يشارك الإنسان إخوته من الناس أو العباد فى الصوم وذلك بصومه صوماً نباتياً ، وصوماً انقطاعياً ، وصوماً جماعياً أيضاً فى نفس الوقت .

ثالثاً : ولا يفوتنا أن نشير بأن الصوم المقبول أمام الله يلزمه الالتزام بالصلاة . لأن الصوم والصلاة كل منهما وسيلة أو ركن من أركان العبادة المقدسة ، ومن خلالهما نبرهن على إيماننا بالله وبوصية كل من الصوم والصلاة ، وبهما نقدم العبادة لله ، وتتقوى صلتنا وعلاقتنا العملية به . وتُستجاب طلباتنا وتُحل كافة مشاكلنا وضيقاتنا وهذا يتضح لنا مما جاء فى سفر عزرا النبى وقت أن قال " صمنا وطلبنا ذلك من إلهنا ، فا ستجاب لنا "      ( عزرا 23:8) . ومن أهمية رباط الصلاة والصوم معاً فى مواجهة حيل وفخاخ إبليس تجاه اولاد الله ، أوصانا السيد المسيح له المجد ، بأن نتهم بالصلاة والصوم بقوله " هذا الجنس فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم " ( متى 21:17) ، ( مرقس 29:9).

فعلينا يا إخوتى فى أوقات الأصوام ، وبصفة خاصة ، بأن نقرن أصوامنا بصلواتنا ، لكى ننجو من حيل إبليس وأعوانه وتسمو نفوسنل ، وتحلق فوق إغراءت الخطية وشهوات العالم الضارة لأصوامنا خاصة ولعلاقتنا بالله بصفة عامة .

نيافة الأنبا أغاثون
أسقف مغاغة والعدوة
رئيس رابطة خريجى الكلية الإكليريكية