فواصل

‫ عَرَض لمرض..

أسامة عجاج
أسامة عجاج

فى الطب إذا قام الطبيب بمعالجة (مريض سرطان بحبوب الأسبرين)، فهذه جريمة، خاصة إذا كان لديه الدواء، وفى الحياة لا يمكنك أن تلعب دور الطيب وأنت تمارس الشر بكل أشكاله، قد يكون ذلك توصيفاً دقيقاً للحالة الأمريكية فى معالجة أزمة العدوان الإسرائيلى المستمر منذ أكثر من خمسة أشهر على غزة، فأمام المأساة الإنسانية التى يعيشها مليونان و٤٠٠ ألف من سكان القطاع، نجد أن واشنطن عاجزة عن وقفه، مع وضوح أهدافه وضوح الشمس منذ اليوم التالى لعملية طوفان الأقصي، وقالها وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت منذ التاسع من أكتوبر: «نحن نقاتل (حيوانات بشرية)، وعليه، فقد أمرت بحصار كامل لقطاع غزة، لن تكون هناك كهرباء، ولا طعام، ولا وقود وكل شيء مغلق»، إذاً حصار غزة جزء من مخطط إسرائيلي، وجد فيما حدث فى السابع من أكتوبر فرصة لتنفيذه على الأرض، ساعدتها فى ذلك وبالتوازى الإدارة الامريكية، فبعد ساعات من العملية بدأت دعماً عسكرياً غير مسبوق، وأمر وزير الدفاع لويد أوستن بإرسال حاملتى طائرات أمريكية للمنطقة، وعلى متنها أكثر من عشرة آلاف جندي، ووصل الأمر إلى إرسال خلية من قوات العمليات الخاصة، للمساعدة فى مهام الاستخبارات، والتخطيط العسكرى والمساعدة فى عملية تحرير الرهائن، والأخطر إعلان الوزير أن بلاده لم تضع أى شروط لاستخدام مساعداتها العسكرية لإسرائيل، ومنها عدم انتهاك حقوق الإنسان والقوانين الدولية المنظمة للنزاعات المسلحة، يومها أيضاً أعلن بايدن أن دعم بلاده لإسرائيل راسخ وصلب كالصخر، وأمر بتوفير أسلحة من كافة الطرازات، صواريخ ونظم دفاع جوى وذخائر، وبعضها من مخازن الجيش الأمريكى فى أوروبا، بل وصل الدعم إلى عقد١٠٠صفقة لإسرائيل من الأسلحة الفتاكة، دون تشاور حتى مع الكونجرس، وبايدن على حاله، مازال حتى الآن متمسكاً بآرائه، بأن ما يحدث من عدوان فى غزة، هو (دفاع إسرائيلى عن النفس) كما جاء فى آخر تصريحاته، ولكن المطلوب فقط - كما قال - هو (أن يكون الجيش أكثر حذراً حيال الأرواح البريئة)، هذا هو (الوجه الحقيقي) لواشنطن، أما (المزيف) فهو ما تقوم به مؤخراً، ببناء ميناء مؤقت، فى غزة لوصول المساعدات الإنسانية، وسط شك كبير حول الأهداف الحقيقية لهذا السلوك، من أن يمثل موافقة ضمنية على استمرار سياسات الإبادة الجماعية إلى ما لا نهاية، خاصة أنه بناء يحتاج الى شهرين لاستكماله، أو أن يكون التواجد الأمريكى فى القطاع، مرتبط بالاستيلاء على ثروات القطاع وموارده الطبيعية خاصة من الغاز الطبيعي، والتى تقدر الاحتياطيات بـ ١٢٢ تريليون متر مكعب من الغاز، حالة من التناقض غير المفهوم، إلا فى إطار العجائب والغرائب، أن الجيش الذى يسعى إلى تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، هو نفسه الذى يبدو كريماً بصورة ملحوظة فى توفير الأسلحة والمعدات والذخائر، التى يتم بها العدوان على ذات الشعب، يا سادة علاج المرض معروف، وهو إيقاف العدوان والبدء فى تسوية سياسية، تضمن قيام دولة فلسطينية.