آخر صفحة

حامد عز الدين يكتب: حتى يتبيـَّن لهم أنه الحق

حامد عز الدين
حامد عز الدين

أكاد أكون على يقين تام أن الرقم سبعة هو سر أسرار الكون، لأنه يعني التمام كل التمام والاكتمال كل الاكتمال، والقدرة على استمرار نمو المخلوق بهذا الرقم السباعي سواء كان ماديا أم لونيا أم معنويا. ذلك لأن المولى سبحانه وتعالى نفخ من روحه في الكون بعد تمام خلقه في ستة أيام في اليوم السابع وهكذا تواصلت حياة الكون بكل مكوناته.

فالرقم سبعة هو عدد تام في ذاته لا يقبل القسمة إلا على نفسه. وفي اللغة العربية جذر الرقم سبعة هو «سبع» مع تسكين الباء، وسبع تعني الكفاية والتمام والامتلاء. وهو بالعبرية «شبع» أي امتلأ . 

وفي الطبيعة، اكتشف العلماء أن عدد مدارات الإلكترونات في الذرة سبعة وعدد صفوف الجدول الدوري سبعة، وعدد الأشكال الأساسية للبلورات سبعة، وعدد طبقات الأرض سبع وعدد طبقات الغلاف الجوي سبع وعدد طبقات الشمس سبع وعدد ألوان الطيف سبعة، وعدد الدرجات الموسيقية سبع. وأما في جسم الإنسان فقد ظهر الرقم سبعة في عدد كبير من مكونات الجسم كما في طبقات الجلد والمخ وشبكية العين والبصلة الشمية والمعدة والأمعاء والشرايين وفي حواس الإنسان وفي المستقبلات الحسية في الجلد واللسان والأنف وفي أجزاء اليد والرجل والجهاز الهضمي، وفقرات الرقبة والأضلاع الحقيقية وفتحات البلعوم وعظام رسغ القدم، وفي مستقبلات الخلية الحية. إن ظهور هذا الرقم في الطبيعة وفي جسم الإنسان بهذا الشكل الملفت لا يمكن أن يكون قد تم بالصدفة بل بتقدير ممن خلق هذا الكون وهذا الإنسان.

وتدبروا في قوله تعالى في آية 53 من سورة «فصلت»: «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ». والحديث في التفاصيل العلمية لما سبق تبدو شديدة الدقة والتفصيل بما يجعل، الكتابة عنها غير متوافقة مع هذه المساحة المحدودة للمقال. فكل عنوان اعتبارا من مدارات الذرة والأشكال الأساسية للبلورات وطبقات الجلد السبع وفي حواس الإنسان السبعة، وطبقات المخ وشبكية العين وانتهاء بمستقبلات الخلية الحية، تحتاج إلى عشرات إن لم يكن مئات الصفحات . 

ويكفي للتدليل على دقة التفاصيل لما تصنعه العين في لحظة، أن نعرف أن مركز الإبصار في الدماغ يقوم بتكوين صور الأشياء من خلال تحويل شدة الضوء وكذلك لونه لكل نقطة من نقاط الصورة التي ترسمها عدسات العين على الشبكية إلى إشارات كهربائية يتم نقلها من خلال العصب البصري إلى الدماغ.

وتتكون الشبكية من نوعين من الخلايا الحساسة للضوء وهي العصيات التي تستجيب لشدة الضوء فقط بغض النظر عن لونه ويبلغ عددها مائة وثلاثون مليون خلية تقريبا.

أما النوع الثاني فهي المخاريط وهي على ثلاثة أنواع تستجيب للألوان الرئيسية الثلاث وهي الأحمر والأخضر والأزرق ويبلغ عددها سبعة ملايين خلية تقريبا موزعة بنسبة 64 % للحمراء و 32% للخضراء و 4% للزرقاء. إن عملية تحويل شدة الضوء وكذلك لونه تتم من قبل نوع من البروتينات يسمى الرودبسن له أربعة أشكال فالشكل الأول موجود في العصى ويستجيب لجميع ترددات الطيف المرئي والذي يمتد من 400 نانومتر إلى 700 نانومتر.

أما الأشكال الثلاثة الباقية فهي موجودة في أنواع المخاريط الثلاثة بحيث يوجد شكل واحد فقط لكل نوع من هذه الأنواع فالبروتين الموجود في المخاريط الحمراء يستجيب لترددات المنطقة الحمراء من الطيف المرئي وكذلك هو الحال للبروتينات الموجودة في المخاريط الخضراء والزرقاء. 

أيام الأسبوع سبعة تحددت بناء على تحولات القمر التي تنقسم إلى قسمين متساويين من ولادته إلى تمامه بدرا وهي أربعة عشر يوما، ثم من ظهوره بدرا إلى محاقه وهي أربعة عشر يوما، تنقسم كل منها إلى قسمين كل منها بسبعة أيام .

وقد كان من المتعارف عليه أن عدد الحواس في الإنسان خمس وهي حواس السمع والبصر واللمس والشم والذوق. ولكن في العصر الحديث اكتشف العلماء حاستين جديدتين للحواس الخمسة ليصبح عدد الحواس سبعة، وهما حاسة التوازن وحاسة التموضع. وترتبط حاسة التوازن بالنظام الدهليزي. وقد تكون حاسة التموضع من أهم حواس الإنسان فمن خلالها يحس الإنسان بوضعية جسمه إن كان قائما أو قاعدا أو مستلقيا أو غير ذلك من الأوضاع، ويحس كذلك بوضعية أجزاء جسمه المختلفة وتمكنه من وضع أصابع يديه على أي مكان من جسمه أو أن يأكل ويشرب وهو مغمض عينيه. أما حاسة الاتزان فتتم في النظام الدهليزي الذي يوجد في الأذن الداخلية إلى جانب القوقعة ويقوم هذا النظام بتحديد اتجاه وتسارع الجسم فبدونه لا يمكن للإنسان أن يحافظ على اتزان جسمه سواء أكان جالسا أو واقفا أو ماشيا أو راكضا . 

وكون نفخة الروح هي الطاقة التي بها تستكمل الحياة دائرتها، واضح بالطبع في أن الجنين في بطن أمه لا يكتمل نموه سوى في الشهر السابع، ولو ولد قبل ذلك يموت. وكون رقبة الكائن الحي تتكون من سبع فقرات، وهي ذاتها في الإنسان والزراف والحوت والخفاش والقنفذ، على رغم تفاوت طول الرقبة بين أقصى الطول في الزرافة وأدنى القصر في القنفذ. 

وأصوات البشر جميعا عددها سبعة هي نفس درجات السلم الموسيقي، فالناس في كلامهم وشعرهم وغنائهم وترتيلهم وموسيقاهم يستخدمون سبعة أصوات منسجمة مع بعضها البعض تستجيب لها النفس. وهي طبقات (صول لا سي دو ري مي فا) ثم تأتي النغمة الثامنة فتكون هي الجواب للأولى ويعود فيرتفع فيها السلم سبع نغمات ثم تتضاعف السبعة مرات ومرات . 

أما لون النور فيتكون من سبعة ألوان هي ألوان الطيف من الأحمر إلى البنفسجي ثم يأتي بعد ذلك سبعة ألوان غير منظورة من تحت الأحمر حتى فوق البنفسجي، وهكذا في متتاليات سباعية . 
ما أعظم التدبر في خلق الكون الفسيح - الذي نعلمه - فنسبح بحمد ربنا خالقنا ونستغفره . وإلى الأسبوع المقبل إن كان في العمر بقية .