أيام وليالي رمضان

عبد الفتاح الطاروطي: الرئيس السيسى مستمع جيد لتلاوة القرآن الكريم ولا أنسى تكريمه لي

دولة التلاوة المصرية مقدرة عالميا..وتأثير كبير لرمضان على ذاكرتنا الروحية
دولة التلاوة المصرية مقدرة عالميا..وتأثير كبير لرمضان على ذاكرتنا الروحية

يبدو صوت الشيخ الطاروطى هادئا رزينا ثم ينطلق فى ملكوت التجليات؛ وكأنه فى حلقة دراسية أو خطبة من خطبه؛ فالرجل يملك عدة مواهب فريدة قلما تجتمع فى قارئ، ففضلًا عن همته العالية، فهو داعية وقارئ ومدرب للقرآن، ومحكم دولي..

يؤكد الشيخ الطاروطى فى البداية أن شهر رمضان له تأثير كبير على ذاكرتنا منذ الصغر، فله تأثير على العقل والروح والحياة الاجتماعية، فهو شهر الجلال والجمال؛ وكأن رمضان كل عام نقلة روحية ونوعية فى حياتنا كقراء من خلال الاحتفالات والأمسيات القرآنية؛ وقد وجهت وزارة الأوقاف بإذاعة صلاتى العشاء والتراويح عبر القنوات المرئية، وهو ما سيُضفى روحانية كبيرة على رمضان هذا العام.

حلم تحقق


ويقول إن البداية كانت منذ الصغر حين حلمت أن أكون مثل قراء القرآن الكبار السابقين ممن أثروا فى نفسيتي، مثل الشيخ محمد أحمد شبيب، والشيخ الشحات أنور، والشيخ محمد الليثي؛ وهؤلاء كنتُ أجالسهم وأزاملهم وعمرى 14 عاما فقط؛ فكان تأثيرهم قويا ومباشرا، وتمنيت فى نفسى أن أكون قارئا إذاعيا مشهورا مثلهم؛ وكانت هذه الأمنية شديدة حين كان الشيخ الليثى يصطحبنى معه إلى صلاة الفجر وأنا ما زلت طالبا فى كلية أصول الدين، فكنتُ أقف أمام السندرة التى يقرأ بها القارئ بمسجد مولانا الإمام الحسين وأقول فى نفسي: هل سيأتى اليوم الذى ينطلق فيه صوتى بالإذاعة من هذا المكان ليؤثر بالناس فى مصر والعالم الإسلامي؟ والحمد لله فقد تحققت هذه الأمنية حين التحقت بالإذاعة عام 1993م وكنت أصغر قارئ فى جيلى يدخل الإذاعة فى عمر 28 عاما فقط؛ وكانت نقلة كبيرة فى حياتي.

طموح بلا حدود


ويُتابع إن طموحى بلا حدود، حيث لا أضع عينى على قارئ واحد، فأنا أريد أن أكون مثل الشيخ مصطفى إسماعيل فى مهاراته بالمقامات الصوتية، والشيخ محمود خليل الحصرى فى إجادته، فهو مرجعية للقراء فى إتقانه، والشيخ المنشاوى فى روحانياته، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد فى شهرته ومجده وغزوه لقلوب المسلمين بكل دول العالم؛ فكل مشايخنا الذين سبقونا لهم فى نفسى تأثير وأسعى لأكون على نهجهم وأخطو خطوات النجاح لأكون مثلهم فى سجل الخالدين من القراء.

ويوضح أن القارئ الذى يقرأ على الهواء مباشرة ويُجيد فإنه يكون ذا تقدير فى عين زملائه من أهل القرآن؛ وكانت لى أمنية أخرى لأكون من قراء الصف الأول من خلال الإجادة لأنتقل إلى نقطة أتفرد بها عن زملائي، ومنذ عام 2000 أعمل فى التحكيم الدولى بالمسابقات القرآنية، واشتركت فى كبرى المسابقات العالمية، وكذلك تواجدت فى المسابقة المصرية طوال ست سنوات بصورة أساسية، كما أننى أحد المؤسسين لجائزة بورسعيد الدولية وأحد المحكمين فيها؛ وكل هذا وضعنى فى مكانة خاصة بين زملائى القراء؛ والحمد لله أصبح اسمى معروفا فى العالم الإسلامي، ونحمد الله الذى شرفنا بذلك وجعلنا من أهل القرآن.

ويوضح الشيخ الطاروطى أنه ليس مجرد قارئ، ولكنه قارئ وداعية، حيث عمل إماما وخطيبا بالأوقاف، حتى تمت إحالته إلى المعاش عام 2018م فى عمر 55 عاما ليتفرغ لتلاوة القرآن الكريم؛ كما أنه قارئ جيد لمعظم الكتب الفقهية والدينية التى تُساعده فى الخطب والدروس العلمية التى يلقيها. ويقول: حين يقرأ القارئ المصرى خارج الوطن فإنه لا يُمثل نفسه وإنما يُمثل عبقرية دولة التلاوة المصرية التى شيدها السابقون الكبار؛ فالتلاوة فى الخارج لها تأثير معنوي؛ لأن القارئ يُسجل لنفسه تاريخا دوليا، وحين أرى إقبال الشباب علينا فهذا يضع على أعناقنا مسئولية كبيرة لنكون عند حُسن ظن هؤلاء، كما أن تلاوتنا تسبقنا إليهم عبر السوشيال ميديا فنجدهم يعرفون كل شيء عنا؛ ولن أنسى لقائى مع الداعية الهندى الشهير ذاكر نايك وحضره حشد كبير يُمثل نحو مليونى مستمع.

تكريم الرئيس


ويشير إلى أنه حصد الكثير من التكريمات من دول العالم؛ ولكن التكريم الأبرز كان من بلدي، حين كرمنى الرئيس السيسي، وهو تكريم جاء بعد إصابتى بكسر فى الفخذ وكنت جالسًا على كرسى متحرك؛ ولن أنسى إنسانية الرئيس حين نزل من المنصة ليُكرمنى أمام كل هذه الحشود من رجال الدولة، لأسمعه يقول: «إننى سأكرم الشيخ الطاروطى لأننى أسمعه وأحبه»، وهذه الشهادة هى تكريم كبير فى ذاتها؛ كما أن الرئيس مستمع جيد لقراء القرآن الكريم، ويعرف أصواتهم وأسماءهم، ويهتم بأحوالهم، وأدعو الله أن يجزيه عنا وعن أهل القرآن خير الجزاء.