نيرة قتلوها مرتين l مرة بسلاح التشهير والتهديد.. وأخرى عندما أنهت حياتها

نيرة صلاح
نيرة صلاح

محمود‭ ‬صالح

الأب والأم يعرفان أن ثمة أدوات كثيرة للقتل، ويعرفان أن ثمة أمورًا اكثر تدفع الشخص إلى الاكتئاب، لكن يجهلان كل الجهل حقيقة ما تعرضت له «نيرة»، ابنتهما الفتاة الجامعية، لأنها قبل أن تنتحر قُتلت؛ سلاح الجريمة كان الابتزاز والتشهير والتهديد، الطعنة التي أصابتها طعنة الخوف من الفضيحة، حينما رحلت كانت هذه محاولتها للهروب، ظنًا منها أنها ستُغلق هذا الباب للأبد، لم تكن تعرف أن رحيلها سيكشف الكثير من عوار هذا المجتمع، الذي خافت من مواجهته، والذي دفعها إلى أن تنهي حياتها دون أن ترتكب شيئا، فقط لأن زميلة وزميل لها أرادا أن يعاقباها فدفعاها إلى الموت دفعًا.. تفاصيل أكثر عن وفاة «نيرة صلاح» فتاة كلية الطب البيطري بجامعة العريش ترويها السطور التالية.

واقعة «نيرة صلاح» لم تكن تشغل بال أحد حينما كانت حية ترزق، عرفت تفاصيلها وبدأ الجميع يلتفت إليها حينما قيل انها انتحرت، وكأن بانتحارها أرادت أن تصرخ صرخة مدوية، ليسمعها كل من صم آذانه عن سماعها من قبل.

حينما كانت حية ترزق، لم يلتفت أحد إلى طبيعة ما جرى بينها وزميلتها، لم يقل أحد حينها أن فتاة جامعية ارتكبت جرمًا حينما استطاعت خلسة أن تضع هاتفها في الحمام لتلتقط صورًا لـ»نيرة» من أجل ابتزازها وتهديدها، لو أن أحدًا حينها عاقب الفتاة وأخذ منها ما صورت ومسحه لانتهت القصة، لو أن أحدًا تدخل بين الزميلتين وعرف ما بدر منهما وحاول إصلاحه لرجعت «نيرة» عن فكرة انتحارها، لو أن أحدًا من اصدقائها أو زملائها تدخل بشكل حاسم لانتهى الأمر دون أن تنتحر أو تقتل. لو كان احد من مشرفى او مسئولى الجامعة سيطر على الخلاف الدائر بين زملاء الكليه، لانتهى الأمر ايضًا دون أن تُزهق روح إنسانة بريئة.

هدوء وحياء

حينما كانت «نيرة صلاح» في قريتها ميت طريف، التابعة لمركز دكرنس بمحافظة الدقهلية، كانت معروفة بصلاحها وتقواها، كانت صامتة أغلب الوقت، عندها من الحياء ما يجعلها خفيفة الظل جميلة الطلة، عرف والداها كيفية تربيتها على حق فأحسنا تربيتها.

بعد أن تفوقت دراسيًا في الثانوية العامة، وأهلها مجموعها إلى الالتحاق بكلية الطب البيطري بجامعة العريش، كان الأمر في البداية بالنسبة لها محزنًا، لأنها أرادت أن تدخل كلية الطب البشري، لكن سرعان ما حمدت الله على ما أعطاها، وبدأت حياتها الجامعية بكثير من التفاؤل كثير من الجدية والحماس.

انتقلت بأحلامها من قريتها ميت طريف في محافظة الدقهلية إلى مدينة العريش في محافظة شمال سيناء، لكن سرعان ما اصطدمت أحلامها بواقع مزيف، واقع يسيطر عليه الزيف والخداع وهي الفتاة التي تربت على حفظ القرآن الكريم والتقرب من الخالق عز وجل، فوجدت نفسها وهي تواجه دون قصد أخريات من نفس دفعتها، قادهن الغرور منها إلى أن يدفعنها دفعا إلى الموت.

مشاجرة بين زميلتين، إحداهما كانت نيرة، والأخرى شروق، والطرف الثالث طالب آخر، يدعى «طه»، حصل خلاف بين «نيرة وشروق»، خلاف طبيعي قد يحدث بين أي زميلتين في كلية واحدة، لكن «شروق» لم تعتبره كذلك، وأرادت أن ترد على هذا الخلاف بطريقة كالتي تحدث في الأفلام السينمائية.

أدخلت «شروق› هاتفها إلى حمام غرفة «نيرة» في المدينة الجامعية، وصورتها، ثم أرسلت هذه الصور إلى زميلها «طه». وقاد الاثنان حملة ضد «نيره» ليجبراها على الاعتذار لهما على جروب الدفعة، وإن لم تفعل ذلك، هذه الصور ستكون على كل مواقع التواصل الاجتماعي.

هذا التهديد كان مرعبًا لـ»نيرة»، طالبة تبلغ من العمر ١٩ عامًا، جاءت طالبة للعلم، لكنها تفاجأ أن عليها أن تخرج من ورطة كبيرة لم يكن لها يد فيها.

زملاء «نيرة» قالوا إنها حاولت بكل الطرق أن تتخلص من طوق تهديدات شروق الذي التف حول عنقها، لكن في كل مرة كان الطوق يضيق أكثر فأكثر، حتى خنقها، أو بالأحرى، خنقت نفسها به.

هداها تفكيرها إلى أن تشتكي زميلتها «شروق» وزميلها «طه» إلى الجامعة، زملاؤها قالوا إنها فعلت ذلك، وأن المسؤول الجامعي نصحها بأن تبتعد عن «شروق» وترضخ لطلباتها لأن والدها صاحب منصب مرموق ولن تقدر عليها، هذا الرد السلبي وقع عليها كالصاعقة، ورأت أن لا مفر منهما، فاعتذرت مجبرة خائفة، ثم بعدها تلقت أسرتها نبأ نقلها إلى المستشفى ووفاتها.

حق طالبة العريش

قبل أن تأتي المكالمة إلى والد «نيرة» لتخبره أنه ابنته نقلت إلى المستشفى، كانت هناك مكالمة أخرى، جمعت بين «نيرة» ووالدتها، طلبت فيه الفتاة الجامعية من والدتها أن ترسل إليها ١٠٠ جنيه وكارت شحن، وبالفعل أرسل إليها المبلغ ورقم الكارت.

بعد هذه المكالمة تلقى الرجل مكالمة يخبره فيها الطرف الآخر، موظف داخل مستشفى العريش، بأنه تم نقل ابنته إلى المستشفى، وعندما وصل الأب والأم إلى المستشفى تلقيا خبر وفاتها.

حتى هذه اللحظة لم يكن والدها يعرف حقيقة ما جرى، هو ظن أن الأمر طبيعيًا، وأن ابنته حان أجلها وماتت، لكن بعد أن تسرب خبر وفاتها إلى المدينة الجامعية، ودشن زملاؤها «هاشتاج حق طالبة طب العريش» وحكوا فيه تفاصيل اللحظات الأخيرة لـ»نيرة» قبل وفاتها، تملكت الصدمة من والدها. 

هذه الصدمة كانت لأمرين، الأمر الأول: أن ابنته انتحرت، وهو مالم يصدقه، لأن ابنته وفقًا لما صرح على خلق ودين، وحافظة لكتاب الله، ومن غير المنطقي أن تقدم على الانتحار وهي تعرف أنه حرام شرعًا.

الأمر الثاني: هو أنه بعد أن عرف ما جرى قبل موتها، عزز هذا الأمر فكرة أن ابنته لم تنتحر، بل أن ما تعرضت له من ابتزاز وتهديد انتهى بقتلها، وأنها قُتلت ولم تنتحر.

الـ»هاشتاج» الذي دشن، جاءت فيه صور عديدة من محادثات جروب الدفعة على تطبيق الـ»واتس آب»، وفيه تفاصيل الخلاف والاعتذار الذي قدمته نيرة لـ «شروق» تحت التهديد، وطالب الطلبة أن تعاقب «شروق» وزميلها «طه» على ما بدر منهما، وأنهما من تسببا في انتحار نيرة.

هذه المنشورات الكثيرة المتداولة، أكدت حقيقة الخلاف بين «نيرة» وزميلتها «شروق»، وأن «شروق» - وفقا لما جاء في تصريحات زملاء نيرة - هددت «نيرة» أكثر من مرة، وأنها أرسلت لها رسائل عديدة سواء على هاتفها أو عبر وسيط بينهما، وحينما خافت «نيرة» أن تقدم «شروق» على نشر هذه الصور اعتذرت مجبرة.

انتحار أم قتل؟

وفقًا للتقرير عن الحالة الذي أعده الطبيب الذي باشر حالة «نيرة» عند دخولها المستشفى، أنها حضرت إلى قسم الاستقبال وهي تعاني من اضطراب في درجة الوعي، ناهيك عن هبوط حاد في ضغط الدم، كما أن النبض ضعيف، وهذه الأعراض بعد إجراء الكشف عليها تبين أنها ناتجة عن تناول مادة سامة، غير معلومة المصدر والكمية، وأجريت  الإسعافات الأولية للطالبة ودخول العناية المركزة وتم إعطاؤهم الأدوية المناسبة، لكنها توفيت نتيجة سوء حالتها.

هذا التقرير يقول إن الفتاة توفيت نتيجة تناول مادة سامة غير معلومة المصدر أو الكمية، لكن لم يجب عن كون هذه المادة تناولتها بكامل إرادتها وهو ما يعد انتحارًا، أو تناولتها دون أن تدري وهو ما يعد جريمة قتل.

الفيصل في هذه النقطة التي لم تحدد بعد هو تقرير الطب الشرعي، لأن الأصوات التي تعالت بعد وفاة «نيرة صلاح» اختلفت عما إذا كانت قد انتحرت أم قتلت.

الأجهزة الأمنية تحركت على الفور، وبالفعل تم فحص موقف الطالبة «شروق»، و5 من زملائها، بالإضافة إلى مشرفة المدينة الجامعية، وزميل آخر يدعى «طه»، تمهيدًا لعرضهم على النيابة العامة لكشف ملابسات واقعة انتحارها.

رد غريب

كان الرد الجامعي في الواقعة محل لبث حقيقي، وعليه الكثير من علامات الاستفهام، إلى الآن لم يخرج عن الجامعة بيان نعي لـ»نيرة» ولم يحضر مسؤول من الجامعة إلى جنازتها، وكأن واقعة وفاة «نيرة» لم تكن داخل أسوار الحرم الجامعي. الغريب أكثر أن التصريح الوحيد الذي خرج عن الجامعة هو تصريح على لسان أحد مسؤوليها الذي أراد عدم ذكر اسمه، أن الجامعة ليس لديها أي تعليق عما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت، وأنها تتابع التحقيقات التي تجريها الجهات الأمنية، وأنها ستصدر بيانًا عقب الانتهاء من التحقيقات.

طلاب الجامعة الذين تحدثوا عن واقعة وفاة «نيرة» على وسائل التواصل الاجتماعي، قالوا إن «نيرة» حاولت أن تشتكي لأحد المسؤولين في الجامعة تصرفات زميلتها «شروق» وأمر الصور التي التقطتها لـ»نيرة» عارية، لكن المسؤول حسب تصريحاتهم لم يتدخل، وأخبرها أن والد «شروق» له مكانة مرموقة، وهو ما عزز الخوف بداخلها.

المسؤول الذي رفض ذكر اسمه، قال إن إدارة الجامعة لم تتلق أي شكوى من الطالبة أو من زملائها، وأن ما جرى تداوله على مواقع التواصل بأن الجامعة كانت على علم بأمر الصور عاري تماماً من الصحة.

الغريب أن الجامعة التي رفضت أن تصدر بيانًا إلا بعد الانتهاء من التحقيقات، التحقيقات المبدئية أدانت مشرفة جامعية كانت مسؤولة عن الفتيات داخل المدينة الجامعية، وتم اقتيادها إلى قسم الشرطة تمهيدًا لعرضها على النيابة العامة.

 

حبس المتهمين فى واقعة وفاة طالبة العريش

استكملت النيابة العامة التحقيقات في وفاة الطالبة المقيدة بكلية الطب البيطري بجامعة العريش واستبان من التحقيقات والتي شملت سؤال شهود الواقعة وتحريات الجهات الأمنية أن المتوفاة تعرضت إلى ضغوط نفسية ناجمة عن قيام إحدى زميلاتها “المتهمة الأولى” بتهديدها بنشر مراسلات نقلتها خلسة من هاتف المتوفاة إلى هاتفها وأرسلتها إلى زميلها “المتهم الثاني” الذي قام بدوره بالتدوين على المجموعة التي تتضمن جميع طلاب الدفعة بالجامعة على تطبيق “الواتساب” بأن إحدى الطالبات “دون الإشارة إليها تحديدًا” لها مراسلات وصور خاصة بها مهددًا إياها بنشرها في الوقت الذي يختاره الطلاب على “الجروب” وصحب ذلك طلبه منها الاعتذار عما بدر منها من إساءة في حق المتهمة الأولى .

وقد وجهت النيابة العامة للمتهمين الاثنين تهمتي التهديد كتابة بإفشاء أمور تتعلق بالحياة الخاصة المصحوب بطلب  “جناية” والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها “جنحة” وأمرت بحبسهما احتياطيًا على ذمة التحقيقات والتحفظ على الهواتف الخلوية الخاصة بهما وبالمجني عليها لاستيفاء الإجراءات نحوها .

هذا وقد اضطلع فريق تحقيق النيابة العامة بالعريش بتتبع خط السير المتوقع للمتوفاة حال مغادرتها حرم المدينة الجامعية حتي توصلوا الى أحد محلات بيع المبيدات الزراعية الذى أقر مالكه لأعضاء النيابة وبالتحقيقات بأن المجني عليها قد حضرت بسيارة أجرة لطلب شراء حبوب غلة وعقب إبلاغه لها بعدم توافرها؛ غادرت وقد تحققت النيابة العامة من صحة تلك الرواية عن طريق مشاهدة تسجيلات كاميرات المراقبة الخاصة بالمحل – كما تمكنت عن طريق تلك التسجيلات من تحديد رقم السيارة الأجرة التي كانت تستقلها المتوفاة، وبسؤال سائقها بالتحقيقات أقر بمرافقته للمتوفاة والتي قررت له بأنها طالبة بكلية الطب البيطري  وأنها ترغب في شراء حبوب غلة لحاجتها لتلك الحبوب لأغراًض دراسية، وأضاف أنه رافقها الى حانوت آخر والذى تبين غلقه إلا أنهما تقابلا مع مالكه والذى أبلغهما بوجود الحبوب المذكورة بمسكنه الخاص، فتوجها رفقته الى هناك وباستدعاء الأخير أقر بالتحقيقات بأنه باع عدد ثلاث حبوب غلة للمتوفاة بمبلغ خمسة وخمسين جنيها، وجاري استكمال التحقيقات واستعجال ورود تقرير مصلحة الطب الشرعي للوقوف على سبب الوفاة تحديدًا . هذا، وتنوه النيابة العامة أن حرمة الحياة الخاصة مصونة بمقتضى نصوص الدستور والقانون، وأنها ستتصدى بحزم لأي وقائع تتضمن انتهاكًا لهذا الحق، كما ستتصدى لظاهرة النشر والتداول على مواقع التواصل الاجتماعي لأخبار من شأنها إثارة الرأي العام وإشاعة الفتن ونشر الكذب دون التريث والتحقق من المعلومات قبل النشر، وذلك للحفاظ على قيم المجتمع وتماسكه أمام أي سلوكيات دخيلة تعمل على تفكيكه وإبعاده عن ثوابته الأصيلة .

د.وليد هندى:  المبتز شخصية سادية سيكوباتية

من الجانب النفسي، أوضح الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أن الابتزاز الإلكتروني من الظواهر المخيفة التي انتشرت بصورة مروعة في المجتمع، والأخطر فيه أن حوالي 95% من ضحاياه لا يفصحون عما يتعرضون إليه خوفًا من الفضيحة، التي يمكن أن تنتشر في المجتمع، من خلال نشر صور عارية أو مقاطع فيديو غير مستحبة لها».

وأضاف استشاري الصحة النفسية: «أن جرائم الابتزاز لها أكثر من طريقة، سواء الابتزاز لغرض مادي أو لغرض معنوي، بمعنى أن الكثير من الأشخاص الذين يرتكبون هذه الجريمة يكون هدفهم إما الحصول على مال من الضحية بعد تهديدها أو يكون الغرض الحصول منها على شيء آخر، كنوع من أنواع الابتزاز الجنسي وخلافه».

وأوضح: «نفسيًا تبدأ الجريمة بـ»مرحلة ما قبل البدء»، وفي هذه المرحلة يدرس المبتز ضحيته دراسة من كل النواحي، ما الذي تحبه وما الذي تكره، ما الذي يخيفها، ما الأمور التي تفضلها وما الأمور التي تتجنبها، وهكذا، وبعد أن يدرس المبتز ضحيته دراسة وافية، يكون قد تكونت لديه الطريقة التي من خلالها سوف يبتزها، وهو ما حدث حرفيًا في واقعة «نيرة صلاح» طالبة جامعة العريش، والتي دخلت إليها المبتزة «شروق» عن طريق أكثر شيء تخاف منه أي فتاة، ألا وهو الفضيحة في شرفها، لذلك أقدمت على تصويرها عارية لتهديدها بهذه الصور، ولو لاحظت، في واقعة نيرة لم يكن الغرض من ابتزازها لا هذا ولا ذاك، كان الغرض من ابتزازها أن تُذل، أن ترضخ، أن تكون تابعة لهم وأن تستلم، وتعلن استسلامها مجبرة رغمًا عنها.

واستكمل استشاري الصحة النفسية قائلا: «أن ما تعرضت له نيرة ابتزاز إلكتروني واضح، حيث فهم أصدقاؤها أبعادها النفسية، وظلوا يلعبون على أحبال الخوف لديها، وتلذذوا بتعذيبها، وما يدل على كونهم شخصيات سادية سيكوباتية، كما أن أصدقاء نيرة سعوا للحصول على ملذاتهم، من خلال التوسل والرجاء لهم حتى يتركوها وشأنها دون أن يفضحوها، وذلك عن طريق ترويعها بأبشع الطرق، وهو يدل على كونهم يعانون من خلل قيمي واضطراب سلوكي أجبر الضحية على الانتحار».

 

د. مصطفى سعداوى: مطلوب تعديل تشريعى إذا تسبب المبتز فى موت المجنى عليه

عن عقوبة الابتزاز الإلكتروني، أوضح الدكتور مصطفى سعداوي، أستاذ القانون الجنائي بجامعة المنيا في حديثه لـ”أخبار الحوادث” قائلا: “فرض المشرع المصري سياجًا حمائيا للشرف والاعتبار والحق في الأمن الشخصي، واعتبر من صور الجنايات التي توجب عقوبة السجن المشدد، أي من ٣ سنوات لـ ١٥ سنة، كل صور التهديد والابتزاز، على نحو ما نصت المادة ٣٢٦ و ٣٢٧ عقوبات”.

وأضاف: “الواقعة التي شهدت عليها جامعة العريش، بقيام طالبين بوضع كاميرا وتصوير إحدى الطالبات، ثم تهديدها بهذه الصور الفاضحة، التي صورت لها خلسة، وفي غفلة عنها، هي حسب طبيعة الواقعة؛ فإنها جريمة تهديد وابتزاز، إضافة إلى بعض الجرائم الأخرى التي أقرها قانون تقنية المعلومات الرقمية ١٧٥ لسنة ٢٠١٨، لكن النص واجب التطبيق هي المادة ٣٢٦ و ٣٢٧ عقوبات، والعقوبة تصل إلى السجن المشدد ١٥ عامًا”.

واستكمل: “أما بخصوص ما حدث في واقعة طالبة جامعة العريش، فإن العقوبة التي تنتظر من قام بتهديدها وابتزازها تصل إلى السجن المشدد لـ ١٥ عامًا، في جريمة الابتزاز، ولا يسأل الجناة عن جريمة القتل، لعدم توجه نيتهم إلى إزهاق روح المجني عليها، لأنها أنهت حياتها بإرادتها الحرة، وإن كانت واقعة تحت تأثير ما هددت به، وهو ما يوجب بطبيعة الحال تعديل نصوص التشريع المصري فيما يتعلق بجرائم التهديد والابتزاز، بالنص على أنه إذا أدى الفعل إلى وفاة الشخص فتشدد العقوبة بقدر جسامة النتيجة التي ألحقت بالمجني عليه، أي أنه لابد من تعديل تشريعي على نحو الحالات التي شهدتها الأيام الماضية، والتأكيد نصًا على أنه إذا أدى فعل التهديد والابتزاز إلى انتحار المجني عليها، تشدد العقوبات، وهو النص غير الموجود في التشريع المصري، ولذلك تنعقد مسؤولية الجناة عن جرائم التهديد والابتزاز والعقوبة تصل إلى السجن المشدد لـ١٥ عامًا.

واختتم حديثه قائلا: “أما فيما يتعلق بالمسؤولية الواقعة على المسؤول الجامعي الذي لجأت إليه الطالبة واستغاثت به ولم يستمع لها، كما وضح الشهود والطلاب فهي مسؤولية تأديبية وأخلاقية من وازع الضمير، وقد تنعقد عليه المسؤولية التأديبية الإدارية دون المسؤولية القانونية”.

د.هالة منصور:  ..الجامعة أهملت دورها ولم تقدم لها الدعم والسند

في حديثها لـ «أخبار الحوادث»، تناقش الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، واقعة نيرة، طالبة جامعة العريش، قائلة: جرائم الابتزاز والتشهير تعتمد على خوف وضعف الضحية، خاصة من أمور يخشى إظهارها للعلن أو أن يطلع عليها أحد، وهو ما حدث في واقعة «نيرة» عندما استطاعت زميلتها أن تصورها خلسة داخل حمام غرفتها في المدينة الجامعية».

وأضافت منصور قائلة: من الواضح في البداية أن علاقة نيرة بوالديها لم تكن علاقة مبنية على الصراحة دون خوف أو قلق، لأنها لو كانت كذلك لأخبرتهما بما حدث معها دون أن تخشى شيئًا، لكن الفتاة خافت أول ما خافت أن يصل نبأ ما تعرضت له إلى أهلها، لذلك أقدمت على ما أقدمت عليه ظنًا منها أن هذا هو الطريق الوحيد للهروب من هذه الفضيحة كما اعتبرتها».

واستكملت: «الضحايا في وقائع كهذه على الجميع أن يعطيهم الدعم اللازم، لأنهم في هذه اللحظات يكونوا في حالة ضعف يرثى لها، «نيرة» في تلك اللحظات شعرت أنها ضعيفة جدًا، ولن تقوى على من حولها، وأن المجتمع لن يضمن لها حقها، وأن من حولها سوف يعتبرونها مدانة على الرغم من كونها ضحية».

وأوضحت قائلة: «واقعة «نيرة» هي مثال صارخ على وجود خلل في محيطها، «نيرة» طالبة جامعية، داخل مجتمع جامعي كان عليه أن يوفر لها الدعم والسند، لكن على العكس تمامًا، المجتمع الجامعي أهمل هذا الدور، لدرجة أن الذي ذهبت إليه «نيرة» تستنجد به نصحها بالصمت خوفًا من والد زميلتها، أيضًا ما لفت نظري أن من ضمن المقبوض عليهم مشرفة جامعية، تخيل أن هذه المشرفة لم تراع متطلبات وظيفتها الأساسية، التي تجبرها على التدخل في مثل هذه الأمور والوقوف بجانب الضحية، وهو الأمر الذي لم تفعله، وأرى أن المسؤول الذي ذهبت إليه نيرة ولم يسمع لها لابد أن يحاسب ويعاقب، لأن سلبيته كانت سبب من ضمن الأسباب التي دفعت نيرة إلى التخلص من حياتها بهذه الطريقة».

اقرأ  أيضا : محافظ الغربية: إغلاق مركز طبي بالمحلة الكبرى عقب وفاة طالبة بطنطا


 

;