مكـاسب عـديـدة للاقـتصاد المصــرى بعد قــرارات البنـك المـركـزى الأخيـرة

رفع الفائدة ٦٪| يساهم فى سحب السيولة من الأسواق والقضاء على السوق الموازية والتضخم

سعر العملية الرئيسية للبنك المركزى
سعر العملية الرئيسية للبنك المركزى

 أسماء ياسر

قرارات جريئة اتخذها البنك المركزى يوم الأربعاء الماضى تمثل بداية المسار الصحيح نحو دولة متوازنة وقوية اقتصاديا، حيث قرر البنك المركزى تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية..

وأكد حسن عبد الله محافظ  البنك المركزى أن الهدف الرئيسى للإجراءات الأخيرة  أن البنك المركزى لم ولن يستهدف تحديد سعر صرف محدد، وإنما معدل تضخم معين.

مضيفا  أن البنك يترك سعر الصرف لكى تحدده آليات السوق، لكن لديه القدرة على التدخل بناء على قواعد السوق، إذ أن البنوك المركزية فى أى دولة لديها الحق فى التدخل إذا كانت هناك تحركات غير منطقية، وقال  إن رفع سعر الفائدة بنسبة 6% كان ضروريا لخفض التضخم، مشيرا إلى أهمية الإجراءات الجديدة فى دعم جهود الدولة فى توفير السلع..

 قرارات البنك المركزى ستحقق  العديد من المزايا للاقتصاد المصرى فى مقدمتها إعادته للمسار الصحيح، وزيادة جذب الاستثمارات الخارجية، وعودة تحويلات المصريين فى الخارج إلى معدلاتها المرتفعة ، والقضاء على ظاهرة السوق الموازية للدولار، وتقليل الفجوة الدولارية، وتحفيز الأسواق على الإنتاج، وزيادة الصادرات.
 

قررت لجنة السياسة النقدية فى اجتماعها الاستثنائى رفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 600 نقطة أساس»6%» ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%.

وأوضح د. وليد جاب الله خبير التشريعات الاقتصادية أن رفع سعر الفائدة إجراء مرتبط بتحرير سعر الصرف، حيث إن اتخاذ إجراءات نقدية متشددة من البنك المركزى ورفع أسعار الفائدة سيساعد على امتصاص السيولة من السوق، وسيكون حافزًا لتنازلات دولارية للمواطنين،والتوجه إلى الجنيه،باعتبار أن الجنيه سيحقق نسبة ربح جيدة من خلال شهادات الاستثمار التى صدرت وأولها شهادة استثمار ٣٠٪ متناقصة التى تم إصدارها، ومن المتوقع إصدار المزيد من شهادات الاستثمار المتنوعة مرتفعة القيمة خلال الفترة القادمة، لافتًا إلى أن البنك المركزى قرر تحرير كامل لسعر الصرف، وارتبط هذا التحرير بإجراءات للسياسة المالية التى قامت بها وزارة المالية بخفض الإنفاق الاستثماري، وتقرير الزيادات فى الرواتب والمعاشات، ورفع الحد الأدنى للأجور، ورفع حد الإعفاء الضريبي، لمساندة المواطنين فى مواجهة تبعات تحرير سعر الصرف.

وأكد جاب الله أن تحرير سعر الصرف سيكون له صدمة فى البداية بسعر صرف مرتفع للدولار، ولكن السوق ستمتص ذلك، وسيعاود الدولار مساره نحو الانخفاض، موضحًا أن تحرير سعر الصرف سيكون له آثار إيجابية وأيضًا تحديات فى الفترة القادمة، فذلك له تأثير إيجابى متعلق بتحويل أرباح المستثمرين بالسعر الحر وليس بالسعر الرسمي، مما يحافظ على ما تمتلكه الدولة المصرية من أرصدة دولارية، كما أنه من المفترض أنه لن يحدث زيادة فى أسعار السلع التى تم تقييمها بسعر دولار السوق الموازى المرتفع، والذى كان مرتفعا بصورة كبيرة جدًا خلال الفترة الماضية، أما السلع التى كانت توفر لها الدولة الدولار بالسعر الرسمى فإن هذه السلع بالتأكيد ستتأثر سلبًا وسترتفع أسعارها، ولكن يحد من هذا الارتفاع أن تدبير الدولار بصورة تلقائية سيخفض من تكلفة دخول تلك السلع ومستلزمات الإنتاج من الموانئ المصرية، مما يخفض من تكلفة وصولها للمواطن والمصانع المصرية، كما أن زيادة الرواتب والمعاشات التى تم تقريرها وسيتم صرفها للمواطنين خلال مارس الجارى سيكون لها دور فى مساندة المواطن فى تحمل تبعات تحرير سعر الصرف.

وفى نفس السياق قال د. أشرف غراب الخبير الاقتصادى ونائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية أن قرار البنك المركزى فى اجتماعه الاستثنائى برفع سعر الفائدة بنحو 6% دفعة واحدة إضافة إلى قراره السماح بتحديد سعر صرف الجنيه وفقًا لآليات السوق قرارات مهمة وضرورية، وجاءت فى توقيت جيد ومناسب، من أجل السيطرة على أسواق سعر الصرف وكبح جماح معدلات التضخم والسيطرة عليه، موضحًا أن تلك القرارات تهدف أيضًا للسيطرة والقضاء على السوق السوداء للعملة الصعبة، وستسهم بلا شك فى إنهيارها، خاصةً بعد دخول كميات كبيرة من النقد الأجنبى لمصر من صفقة رأس الحكمة، فكان لابد من اتخاذ خطوات قوية وصارمة للقضاء على السوق الموازية للعملة، خاصةً بعد انهيارها خلال الفترة الماضية ووصولها لما يقارب ٤٠ جنيها مقابل الدولار.

وأضاف أن قرار تحرير سعر الصرف يقضى على الفجوة بين سعر الصرف الرسمى وسعر الدولار بالسوق السوداء، وبالتالى انهاء السوق الموازية للعملة نهائيًا، لافتًا إلى أن القضاء على معدلات التضخم والقضاء على السوق الموازية للعملة كان هدفًا رئيسيًا للحكومة، وسيتحقق بلا شك بعد هذه القرارات المهمة، وسيؤدى الى توافر الدولار بالبنوك، لتنفيذ احتياحات المستوردين والصناع والمنتجين لاستيراد مستلزمات الإنتاج والخامات الضرورية وهذا يسهم فى زيادة معدلات التشغيل وخفض الأسعار، فقد كانت الأسعار خلال الفترة الماضية مسعرة على الدولار بسعر ٧٠ جنيهًا طبقا للسوق السوداء للعملة، وبالتالى سيساهم ذلك فى خفض معدلات التضخم الفترة المقبلة.

وأكد غراب أن قرارات البنك المركزى صائبة ومصيرية من أجل استقرار الاقتصاد المصري، والسيطرة على معدلات التضخم بشكل نهائي، موضحًا أن تلك القرارات تتسق مع متطلبات المرحلة الراهنة، خاصةً وأن تحرير سعر الصرف كان مطلبا أساسيا لصندوق النقد الدولي، وهذا يؤكد أن هناك تمويلات كبيرة من الصندوق لمصر سيتم الموافقة عليها بعد هذه القرارات، إضافة إلى أن رفع سعر الفائدة سيسحب السيولة النقدية من الأسواق، مما يقلل من الطلب، ويقضى على معدلات التضخم بعد القضاء على عمليات الدولرة التى كانت السبب الرئيسى فى زيادة معدلات التضخم، مشيرًا إلى أنه بعد هذه القرارات لابد من تشديد الرقابة على الأسواق الفترة المقبلة، خاصةً بعد تحديد سعر استرشادى لسبع سلع أساسية، متوقعًا تطبيق القرار على عدد آخر من السلع من أجل خفض الأسعار بالأسواق ومواجهة جشع التجار.

ومن جانبه أشار أحمد معطى خبير أسواق المال إلى أن قرار البنك المركزى المصرى كان قرارا مفاجئا لارتفاع الفائدة ٦٠٠ نقطة أساس أو ٦٪ بالإضافة إلى تحرير سعر الصرف تحريرا كاملا، ويرجع ذلك لعدة أسباب أبرزها القضاء على السوق الموازية للنقد الأجنبي، وخفض معدلات التضخم، لافتًا إلى أنه خلال الفترة السابقة اتخذت الدولة أكثر من آلية جيدة قبل تحرير سعر الصرف، ومنها تشديد الرقابة الأمنية على السوق الموازية للدولار، وأيضًا على سوق الذهب، بالإضافة إلى صفقة رأس الحكمة، فضلًا عن صفقة الحزب الوطني، وبالتالى كل ذلك ساهم فى توفير السيولة الدولارية فى البداية، ثم تحرير سعر الصرف، مع تشديد للسياسة النقدية ٦٪، وبالتالى كل ذلك يهدف إلى القضاء على السوق الموازية، مما يؤدى إلى خفض التضخم خلال الفترة القادمة. 

وأكد معطى أن قرار تحرير الصرف جيد للغاية يأتى فى ظل وجود سيولة دولارية كافية بالبنك المركزي، موضحًا أنه يجب توحيد سعر الصرف للقضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي، وفى نفس الوقت السيطرة على الضغوط التضخمية وخفض الأسعار، كما أن تحرير سعر الصرف سيساهم أيضًا فى زيادة تحويلات المصريين فى الخارج ورجوعها مرة أخرى إلى البنك المركزى.