المجدوب: الدورة 28 تستعيد ذكريات البدايات

في «سيمبوزيوم أسوان للنحت»| صمود فلسطين على الجرانيت

النحت على الجرانيت
النحت على الجرانيت

■ إشراف: عصام عطية

28 عامًا مرت على واحد من أهم الملتقيات الإبداعية فى فى مصر، سمبوزيوم أسوان الدولى لفن النحت، الذى يصل لعامه الـ٢٨، بعد أن جسد معزوفة متفردة، صاغتها أنامل مبدعين جاءوا من كل العالم ليتلمسوا خطى المصريين القدماء.

الشمس تشرق من جديد على أكثر من ٣٥٠ منحوتة لـ١٥٠ فنانا، تقف أعمالهم شامخة فى  متحف أسوان المفتوح، وعلى مدار أكثر من 50 يوما عزف الفنانون المشاركون سيمفونية تشكيلية عبروا فيها عن أفكارهم وهمومهم وتطلعاتهم.

وتحت عنوان «النحت الرقمي» قدم الفنان الصينى تشيان سيهوا تجربة فريدة فى تشكيل تمثال حجرى ضخم يتجاوز طوله 2متر، مستخدما تقنيات الذكاء الاصطناعى فى تصميمه، والذى يجمع فيه بين النحت الصينى التقليدى ومفردات تعبر عن العصر الرقمى، وعمل الفنان الروسى ميخائيل سوبولييف على تطويع الجرانيت الصلب فى تشكيل جمالى أطلق عليه اسم «الريح فى العشب»، يعطى عبر خطوطه إحساسا بالحركة فى قلب الحجر الصلب، ويتناول الفنان الإسبانى فى عمله الذى يسميه «ديناميكية الجذب» علاقات بين البشر والطبيعة، فى حالة فنية يغلفها الغموض بما يتيح للمتلقى مساحة لاستحضار تجاربه ووجهات نظره وإسقاطها على العمل، ويقدم الفنان البولندى فيكتور كوباكتش عمله تحت عنوان «ثالوث الماء»، ينطلق فيها من التغير حال الماء بين السائل والجليد والبخار، ليطرح قضيته الفكرية، والتى يقول عنها إنها تتعلق بالمقدس التأملى، والمادى النشط، والعقلى الفلسفى.

وعلى خط موازٍ يطرح النحاتون المصريون مشاعرهم فيما يدور فى العالم حولهم، وهو ما اتضح بعمل الفنانة شروق هلال، والتى تقدم قطعة نحتية تمثل أسطورة «أشيرا» الكنعانية، والتى يدعى الإسرائيليون أنها جزءٌ من ثقافتهم العبرية، وفى عملها تعيد شروق هلال «أشيرا» إلى أصلها بملامحها الفلسطينية وهى تقف بعزة وشموخ، وذهبت أيضًا الفنانة تريزا أنطون لأسوان، وهى مهمومة بما يحدث فى الأراضى الفلسطينية، لتقدم عملها تحت عنوان «ذاتية الصمود»، والذى يمثل شخصا يستحضر قوته الداخلية بينما يراقب ما يدور فى العالم حوله بسكون وثبات، ويُهدى الفنان ماجد ميخائيل عمله لروح أستاذة آدم حنين، وتحت عنوان «مركب الحياة» يستحضر ملامح من التاريخ الفرعونى، ويقدم عملا مركباً يضم أكثر من قطعة ضخمة من الجرانيت بين الأسود والأحمر، وتشكل فى مجموعها ما يشبه مراكب الشمس التى ترمز لرحلة الخلود فى عقيدة المصرى القديم، أما الفنانة زينب صبحى فوضعت فى خيالها منذ اللحظة الأولى تقديم عمل نحتى تفاعلى، يمكن أن يوضع بمتحف النحت المفتوح أو حديقة عامة، يجذب فيها زوار المكان بتصميمه الفريد، وخطوطه الجمالية، ويتيح لهم لحظات من الراحة والتقاط صور للذكرى.

شهد السيمبوزيوم هذا العام مشاركة الفنان الإنجليزى ماركوس هاريس، والذى طلب الحضور على نفقته الخاصة، والمشاركة على هامش الورشة، وذلك بعد موافقة إدارة السيمبوزيوم ولجنته العليا على مشروعه الفنى، وقال ماركوس  إنه التقى من قبل بالفنان الراحل آدم حنين، والذى دعاه للمشاركة، ولكن لم يتمكن من هذا فى حياته، وعندما وجد الفرصة حضر لأسوان لخوض التجربة، والتعرف عن قرب على السيمبوزيوم الذى سمع عنه الكثير.

من جانبه، قال الدكتور وليد قانوش، رئيس صندوق التنمية الثقافية، إن مستوى الأعمال التى أنتجها السيمبوزيوم هذا العام رائعة، وكلها تنضم للمتحف المفتوح الذى يحكى تاريخ السيمبوزيوم من بداياته وصولا إلى دورته الـ ٢٨، وقال الفنان أكرم المجدوب إنه تم اختيار أنسب المشروعات المقدمة للمشاركة، وذلك وفق معايير ثابتة للسيمبوزيوم، والتى تقيم الأعمال من حيث القيمة الفنية، ومدى ملاءمتها مع الطبيعة، ومستواها بالمقارنة لمستوى الأعمال التى أنتجها السيمبوزيوم على مدار دوراته السابقة، وكذلك مدى إمكانية الحفاظ على العمل من التهالك أو فقدان القيمة الفنية الخاصة به عند ضمه لمجموعة الأعمال الفنية الموجودة بموقع المتحف المفتوح بمنطقة خزان أسوان.. وأوضح المجدوب، أن السيمبوزيوم فى دورته الـ 28 استعاد ذاكرة دوراته الأولى، وذلك بالعودة إلى الفكر الذى وضعه مؤسسه النحات المصرى العالمى آدم حنين، مؤسس السيمبوزيوم، مؤكدا أن الفنانين المشاركين قدموا أعمالاً تتفق مع منهج آدم من حيث الأحجام والمستوى الفنى والأفكار المطروحة.