حكايات الشهداء.. ذكريات التضحية والفداء

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: محمد ياسين - أحمد دياب

تحتفل مصر والقوات المُسلحة فى 9 مارس من كل عام، بيوم الشهيد اعتزازًا وتقديرًا وفخرًا بشهداء الوطن من رجال القوات المُسلحة، وهو اليوم الموافق لذكرى استشهاد الجنرال الذهبى، الفريق عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المُسلحة الأسبق، أحد أهم العسكريين فى القرن العشرين، والذى ستبقى ذكراه وشهداء الوطن نبراسًا تهتدى به الأجيال الجديدة فى التضحية والفداء وحب الوطن، بإيمان ويقين أن الشهادة من أجل الوطن أعظم الأعمال أجرًا عند الله، وأن مكانة الشهيد هى جنات الخُلد فى الآخرة، وشهداء مصر على مر التاريخ هم من كتبوا تاريخها بحروف من نور.

في سطور الملف التالية، نحتفل بـ«يوم الشهيد» وبجهود أبناء القوات المُسلحة فى الحفاظ على أمن الوطن واستقراره، ونرصد كلمات نابعة من القلب تحدث بها أمهات وأبناء وزوجات عدد من الشهداء لـ«آخر ساعة»، ممن قدموا أرواحهم فداء لوطنهم، بمزيج من الدموع والعزة والفخر على فقدان الابن والأب والزوج مؤكدين أن مشاعر الحزن على فراقهم يُبددها إيمانهم بالله، وعلمهم بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون فى جنات النعيم.

وقد اجتمعوا على أن أرواح الشهداء ستظل حاضرة فى قلوب ووجدان كل المصريين، وأن احتفال الدولة والمؤسســة العسكـرية، وتخصـيص يوم 9 مارس من كل عام للاحتفاء بذكراهم، تؤكد مُساندة الدولة والقوات المسلحة لأسر الشهداء، الذين حافظوا على يمين الولاء للوطن فى مُحاربة الإرهاب والمُتطرفين لنشر الأمن بين أبناء الوطن. 


◄ نوران كريمة الشهيد اللواء هشام شاهين: «زرع فينا حــب الوطـن.. وبكى لتفجـير الكـنائس»

تذكرت نوران نجلة الشهيد اللواء هشام شاهين، الحاصلة على بكالوريوس الإعلام بجامعة سيناء، يوم استشهاده أمام عينها وإخوتها، حيث كان قد حصل على إجازة من عمله لقضائها برفقتنا فى منزلنا بالعريش، وعقب صلاة الجمعة 4 نوفمبر 2016 تم استهدافه من العناصر الإرهابية أثناء نزوله من سيارته أمام المنزل، وعندما شاهدت والدتى إطلاق الأعيرة النارية نحوه صرخت فيهم فزادوا إطلاق النيران ليتأكدوا من موته ثم أنزلوه من السيارة وسرقوها، وحدثت الواقعة أمامنا بحضور أخي محمـد، وكان وقتها بالصف الأول الثانوى، وقال: «بابا راح عـــند ربنا»، وبعدها كان مُصممًا على الالتحاق بالكلية البحرية لاستكمال مسيرة والده الشهيد.

وشددت نوران، على أن الشهيد زرع فى أولاده حب الوطن والانتماء، ومراعاة الله فى كل شيء فأصبحنا نسير على خطواته، وكان دائمًا مُحبًا للجميع ولوالدتى، وأنا وإخوتى «محمد وجومانة»، وكان دائمًا يقول لنا «مصر جميلة ويجب الحفاظ عليها».

وعن علاقته بشركاء الوطن من أقباط مصر، أشارت إلى أنه كان يُحبهم بشدة، ويحبونه كثيرًا، وحزن جدًا وبكى، عندما قام الإرهابيون بتفجيرات لبعض الكنائس، وقال: «كيف يحدث هذا؟!».. مُستشهدًا بحديث رسول الله «استوصوا بأقباط مصر خيرًا»، وبعد استشهاده أُقيمت الصلاة على روحه بكل مساجد وكنائس العريش، فالشهيد كان يتمتع بسمعة طيبة للغاية بين أهالى العريش، وكانوا يحبونه ويحترمونه جدًا». 

وقالـت كريمة الشهيد، إن والدها من أبناء العريش، وعاش فيها حتى بعد زواجه فى منزله بشارع الأزهر، وحصل على شهادة الثانوية العامة من المدرسة الثانوية العسكرية، وتحقق حلمه بالتحاقه بكلية الدفاع الجوى، وحصل على بكالوريوس العلوم العسكرية 1990، وبعدها بعام على بكالوريوس الهندسة، تخصص توجيه صواريخ، وآخر رتبة وصل لها كانت «عميد» بعد تدرجه بمُختلف الوظائف حتى وصل لمنصب مُساعد قائد لواء بإحدى فرق الدفاع الجوى، ونظرًا لكفاءته سافر لروسيا بأهم البعثات بسلاح الدفاع الجوى، وبعد استشهاده حصل على رتبة لواء فعليًا وليس شرفيًا، مُشيرة إلى أن والدتها بعد استشهاد والدها انخرطت فى العمل العام بشمال سيناء، وتم تكليفها من قبل اللواء عبد الفتاح حرحور، مُحافظ شمال سيناء الأسبق، بمنصب نائبة رئيس جمعية أسر الشهداء والمصابين بالمحافظة، ثم انضمت للمجلس القومى للمرأة فرع الشهداء والمصابين بالقاهرة، وتحاول الآن من خلال العمل التطوعى الوقوف على احتياجات أسر الشهداء والمصابين من العسكريين والمدنيين.

وأكدت نوران، أن الشهيد كان يتسم بالطيبة والتدين فقد كان حافظًا للقرآن بالتفسير، مُضيفة أنه يوم استشهاده جاءته مُكالمة علمنا بها فيما بعد، وتم تحذيره خلالها من أن هناك معلومات تُفيد بالتخطيط لاغتيال أحد القادة العسكريين فى سيناء، وسألته والدتى بعدما شاهدت قلقه فكان رده: «خير مفيش حاجة»، وعقب عودته من الصلاة أحضرت له شنطة سفره للنزول للقاهرة لحضور مؤتمر مُهم، لكن كانت هناك مجموعة من الإرهابيين الخونة ينتظرونه أمام المنزل، وما إن خرج إلا وأطلقوا النار عليه أمام أعيننا، ثم سرقوا سيارته ومُتعلقاته الشخصية، وقاموا بالهرب، ورغم مرارة المشهد وقسوته، إلا أنه زادنا حُبًا للوطن، ولهذا عندما قرر شقيقى الالتحاق بالكلية البحرية لم نُعارضه لاستكمال مسيرة الوالد، وشقيقتى الصغرى جومانة أيضًا تُريد أن تصبح طبيبة كما كان يتمنى والدى الشهيد.


◄ الفريق عبد المنعم رياض «راهب العسكرية»

ولد فى 22 أكتوبر 1919 بقرية سبرباى بمدينة طنطا، وكان طفلًا ذكيًا يُحب الاستطلاع والاكتشاف، التحق بكلية الطب، وبعد عامين فضل الالتحاق بالكلية الحربية، وكان بعض زملائه من أعضاء مجلس قيادة ثورة يوليو 1952، وكان يُناديه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالـ«باشاويش»، واختار المدفعية سلاحًا وطائرات العدو هدفًا، وذاعت شهرته، وأطلق على فرقته «الطوبجى المصرى»، وكان مُحبًا للعلم، تواقًا للمعرفة، يُجيد الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والروسية.

خلال عامى 1955 و1956 كان له دور فنى فعال فى صفقة الأسلحة الروسية الأولى، ثم تعاظم دوره فيما تلا ذلك من صفقات، وفى 1957 وصل إلى رُتبة «أميرلاى»، وكان مُشرفاً على صفقات الأسلحة، وفى 1958، كان ضمن دفعة من ضباط القوات المُسلحة الذين حضروا دورة تدريبة مدتها 10 شهور بأكاديمية «فرونز» الروسية، فأُطلق عليه وقتها «الجنرال الذهبى»، حيث كان الأول على دفعته بتقدير امتياز.

كان الفريق رياض، يعرف أرض سيناء أكثر من أى أحد، وفى 11 يونيو 1967 أصدر الرئيس عبد الناصر، قرارًا جمهوريًا بتعيينه رئيسًا للأركان ليبدأ مرحلة جديدة من حياته، وهى المُشاركة فى إعادة بناء القوات المُسلحة، ورأب الصدع لقواتنا جراء صدمتها من هزيمة يونيو 1967، والاستعداد لحرب تستنزف كل إمكانيات جيش العدو ماديًا وبشريًا، فعقد لقاءً مع كل القادة لمُناقشة جميع تقديرات الموقف، والتصدى لكل الخطط الحربية، واقترح تجنيد حملة المؤهلات العليا لخدمة القوات المسلحة، وشارك فى العديد من العمليات، ومنها «رأس العش»، و«تدمير إيلات»، ووضع خطة الحرب «جرانيت».

واستشهد رياض، عند موقع نمرة 6، بعد وضعه خطة شاملة لتحطيم خط بارليف بخطة نيران قوية مُنسقة، وكان قبل 72 ساعة من استشهاده قد طلب من سكرتيره استمارة المعاش الخاصة به من شئون الضباط، لكى يصرف الورثة معاشه، بعد أن تذكر أنه لم يملأ هذه الاستمارة بملفه العسكرى، وحدد فيها اسم شقيقته الدكتورة ذاكية، وريثة لكل مُستحقاته حال استشهاده، فهو لم يتزوج، وظل راهبًا على الجبهة، واكتفى فقط بالارتباط بالأرض المصرية حتى يتم تحريرها، وكان يُعطى كل وقته لعمله فقط، لتوضع الاستمارة بملفه يوم الخميس 6 مارس قبل استشهاده بثلاثة أيام فقط.


◄ والد الشهيد هاني عبد الرحمن: «كان يحلم بالشهادة في سيناء»

إصابته لم تمنعه من العودة إلى سيناء فقد أصيب الرقيب هانى عبد الرحمن فى قدمه فى إحدى المداهمات، وتم علاجه، وأصر على عودته إلى سيناء لينال الشهادة فى إحدى المداهمات فى العريش فى فبراير 2018، يقول والده عبد الرحمن حسن من الشرقية، إنه تم تفجير المدرعة التى كان بها فى إحدى المداهمات، وأنه أصيب قبل استشهاده بثلاثة شهور بشظية فى قدمه، وذهب بعد علاجه لأداء مناسك الحج تكريما لبطولاته، وأصر على الرجوع إلى سيناء، وكان يقول أنا رايح آخد الشهادة، وقتها كنت فى العمل ووجدت تليفونا من شقيقه يقول لى: إن هانى اتصاب، ووجدت نفسى أقول له أخوك ماتصابش، أخوك استشهد.. ويقول والد الشهيد، إن هانى استشهد وترك ابنه 3 سنوات، وأن حفيده يتم تكريمه من القوات المسلحة فى كل مناسبة، والقوات المسلحة أهدتنى الحج لبيت الله الحرام مع معاش شهرى، وتم بناء مدرسة باسم الشهيد وهو خير تكريم لاسمه. 


◄ نجلا الشهيد العميد أحمد كمال محمود: طالبناه بالاستقالة فقال: «لو كلنا استقلنا هنسيب بلدنا لمين؟!»

قالت داليا كريمة الشهيد العميد أحمد كمال محمود، الطالبة بالفرقة الرابعة بكلية الإعلام، إن والدها الشهيد، ولد فى مايو 1972 بكفر شبين، بشبين القناطر بالقليوبية، وبعد إتمام دراسته الثانوية التحق بالكلية الحربية، وتخرج منها 1987 بسلاح المدفعية، وشغل عدة مناصب مُهمة حيث عمل مُعلمًا بالكلية الحربية، ومُديرًا لمكتب قائد الجيش الثالث الميدانى، ومُديرًا للعلاقات العامة بمستشفى القوات المسلحة بالجلاء بمصر الجديدة، مُشيرة إلى أنه بشهادة زملائه كان فى المُقدمة أثناء عمليات المُداهمة، وقبل عيد الفطر كانت إجازته بالأسبوع الأخير، حيث كان جدى مريضًا بالمُستشفى، وقضى كل راحته معه جالسًا تحت قدميه، فقد كان أصغر إخوته، ولديه شقيقه الأكبر مُهندس زراعى، وأربع شقيقات كلهن مُتزوجات، وكان حنونًا للغاية فى تعامله معى أنا وشقيقى محمد، فتعلمنا منه الانضباط واحترام الآخر ومُساعدة الكبير.

وأوضحت داليا، أنه عقب انتقاله للعمل بسيناء، وعندما جاء فى أول زيارة لنا طلبت منه والدتى تقديم استقالته، فرد عليها قائلًا: «هنموت مرة واحدة.. وموتة من موتة تفرق.. ولو كلنا قدمنا استقالاتنا هنسيب لمين بلدنا؟!»، وعندما بكينا عندما سمعنا خبر استشهاد أحد زُملائه قال لنا ضاحكًا: «يا ريت نموت شُهداء زيه».

وعن استشهاده، قالت إنه أبلغنا قيامه بمأمورية لتمشيط وسط وشمال سيناء بمساحة 400 كيلومتر، بداية من منطقة المنبطح وحتى منطقة القسيمة، وكان الشهيد قائدًا لـ20 مُدرعة، ومع كل هذه المُدرعات رفض الشهيد ركوب إحداها، وقام بركوب سيارة دفع رباعى، بل وأصر على سير سيارته فى مُقدمة الدورية هو وثلاثة من جنوده، لكنه فوجئ بانفجار عبوة ناسفة كانت موجودة أسفل سيارته، فاستشهد هو وسائق السيارة، كيرلس فهمى.

محمد نجل الشهيد، بالصف الثالث الثانوى، قال: «الشهيد ترك لنا حُب الناس، وزُملاؤه دائمو التواصل معنا»، ووجه الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى، والقوات المُسلحة لتقديمهم كافة أوجه الرعاية المعنوية لأسر الشهداء تقديرًا لتضحيات ذويهم الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيل تحقيق رسالة الأمن السامية، وهذا عرفانًا بدور الشهداء الذين ضحوا بدمائهم من أجل رفعة الوطن، وإعلاء قيمة أمن الوطن والمواطنين، إضافة لإطلاق اسمه على مدرسة بشبين وأخرى بسيناء، مؤكدًا أنه يتمنى الالتحاق بالكلية الحربية ليُكمل مسيرة والده.


◄ المنسي.. شهيد لا ينسى

ولد العقيد الشهيد أحمد منسى بطل معركة البرث فى مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية عام١٩٧٧ لأب وأم من خيرة الأسر المصرية حيث الوطنية والسماحة والعطاء.. كان والده - رحمه الله - طبيبا يعرف قيمة الإنسانية والعطاء، امتهن الطب رسالة وليس تجارة يداوى الفقراء مجاناً أو بنقود زهيدة، واشتهر بأنه طبيب الفقراء ورّث كل معانى الإنسانية لأبنائه فتشربها البطل وأشقاؤه وأصبحت جزءًا راسخاً من تكوينهم الشخصي.

انبهر بالشخصية العسكرية منذ صغره وعشق شخصية الشهيد البطل العقيد إبراهيم الرفاعى فكان المثل الذى حلم بأن يكون مثله، حصل على الثانوية العامة والتحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام ١٩٩٢ وعمل ضابطا بسلاح الصاعقة. 

في ٧/٧/٢٠١٧ كان موعد الرحيل إلى دار الخلود للبطل المنسى وزملائه بالكتيبة بعد ملحمة بطولية قاموا بها جراء هجوم انتحاريين بسيارات مفخخة تبعها هجوم لإرهابيين ارتدوا ملابس عسكرية بينما قضى المنسى ورجاله على ٤٠ إرهابيا ودمروا ٦ عربات دفع رباعى وقدموا تضحيات ودافعوا ببسالة عن كمينهم الذى رفضوا تركه وآثروا الدفاع عنه وقتال الإرهابيين وعدم تمكينهم من الاستيلاء عليه حتى آخر لحظة فى عمرهم، ليتحقق حلم البطل لينال الشهادة.

ويقول المهندس محمد صابر منسى شقيق الشهيد أحمد منسي، إنه كان محبا لأعمال الخير والجميع يحبه كثيرا ولم ير أحد منه أى شيء سيئ، ويضيف أن أخاه ورجاله قدموا أرواحهم للدفاع عن الوطن بكل قوة ولا يخشون الموت، أثناء التصدى لهجوم إرهابى فى سيناء.  

بينما يقول صديقه رأفت الملط: «كنا بنحب بعض فى الله، ومحدش فينا كان عاوز حاجة من التاني، كان حب من غير مقابل، وهو ده سر قوة علاقتى بمنسي».. وقال: «الشهيد لم يكن مجرد ضابط عسكرى فقط، بل كان مطلعا على كل الأمور اقتصاديا واجتماعيا وعسكريا وسياسيا، ويحلل ويستنتج كل ما يحدث، وأثره على مصر، وما يجرى على أرض سيناء، وكان محبا لحمزة بن عبد المطلب، وخالد بن الوليد، وخلال دراسته كان دائم القراءة عن الصحابة، وحقق حلمه بالالتحاق بالكلية الحربية، وكان دائمًا يتمنى أن ينال الشهادة».


◄ زوجة الشهيد العقيد أسامة محمد: «نال ما كان يتمناه»

عامة الناس تعيش وتموت، لكن الصفوة وحدهم هم من يختصهم القدر بالخلود، فيصبح الفرد إنسانا ويعيش مناضلا، ويموت بطلا أو شهيدا، العقيد أسامة محمد عبد الحليم، أحد أبطال القوات المسلحة، الذين نالوا الشهادة على رمال سيناء فى إحدى المداهمات.

تتذكر الدكتورة هبة أحمد، زوجة الشهيد عقيد أسامة محمد عبد الحليم، الذى استشهد فى إحدى العمليات بشمال سيناء فى يونيو 2022، وتقول إن الشهيد كان محبا لعمله جدا، وهو من سعى للانتقال إلى شمال سيناء من أجل محاربة الإرهاب، كنت خائفة عليه ولكنه أصر فى النهاية على الذهاب الى سيناء، وظل بها أكثر من عشر سنوات، بالإضافة إلى يقينه الداخلى أنه سوف ينال الشهادة.

أضافت، أنه نال الشهادة قبل انتقاله للقاهرة بأسبوع، ولكنه نال ما كان يتمناه وأصبح شهيداً، وتقول إنه كان طيبا جدا ومحبا لعمله، وكنت كثيرا ما أسأله: تخيل نفسك لو لم تكن ضابطا فى الجيش ماذا كنت ستصبح فكان يقول: «أنا ربنا خالقنى ضابط جيش مقاتل، ومش هعرف أكون غير كده».

تابعت، وقبل استشهاده بأسبوع جلس مع ابنه الكبير سيف وقال له: «عاوزك تكون راجل وتعرف إنك ابن شهيد: فقال له سيف: «ليه يا بابا بتقول كده ربنا يديك الصحة وطولة العمر»، وبعد شهادته لم يستوعب أبناؤه ما حدث ووجدوا صعوبة فى تجاوز فكرة أنه لم يعد موجودا معهم، فهم إلى الآن متأثرون بشهادته، وفى جنازته العسكرية لم يكن سيف مستوعبا.. أما عن ابنته حنين، 14 عاما، فتقول والدتها: لا يمر يوم إلا وتتحدث عنه، فسيرته دائما على لسانها وكثيرا ما تحلم به فى منامها، وهى مقتنعة بفكرة أنه موجود حولها فى كل مكان.

وتقول زوجة الشهيد، إن سيف ابنه لديه الرغبة فى الدخول للكلية العسكرية ليكون مقاتلا مثل والده، وتقول إن القوات المسلحة كنت داعما قويا للأولاد فى كل مناسبة، ودائما ما يكلمونهم فى التليفون من أجل تلبية أى طلبات لهم ففعلا الجيش لا ينسى أبناءه. 


◄ إيمان الغريب والدة الشهيد المُقدم شريف عمر: «اتصل 3 مرات ليلة استشهاده ليوصينى ببناته»

قالت إيمان غريب، والدة الشهيد المُقدم شريف محمد عمر الزيات، إن يوم الشهيد يُشعرنا بالفخر والعزة بكل شهيد ضحى ودافع عن تراب وطنه، مُشيرة إلى أن ابنها الشهيد من مواليد 27 فبراير 1983. 

أضافت، أن ليلة استشهاده اتصل بها ثلاث مرات، فكررت عليه فكرة نقله من سيناء، وقلت له: «يا شريف عندك بنتين صغيرين».. فرد «يا ماما ولادى ربنا اللى هيربيهم، ومصر كلها هتكون حنينة على بناتى، أنا بكلمك ومُمكن تكون آخر ساعات لى فى الدنيا أنا حاسس بكده، خلى بالك من نفسك ومن بناتى».

تابعت أم الشهيد، إنه أخبرها بأنه سيقوم بمُداهمتين فى غاية الصعوبة، وقد نجح بالمداهمة الأولى، وهنأته القيادة العامة للقوات المسلحة بنجاحها، لكنه بالمداهمة الثانية نال الشهادة أثناء اقتحامه أحد القصور بقرية المهدية، وكانت بها عبوات كثيرة من المُتفجرات، وقالت إنه بعد ذهابه لرفح اتصلت بشقيقه «كريم» ضابط بالأمن المركزى، وقالت له: «عندى إحساس أن أخوك مش هيرجع من سيناء»، وقبل استشهاده بشهرين قال لى شقيقه كريم: «ماما أنت جاهزة ومُستعدة إن شريف يبقى شهيد.. قلت له جاهزة ومُستعدة، وأنا من وقت ما دخلتكم حربية وشرطة جاهزة واستودعتكم عند الله».

وقالت إنها علمت بعد استشهاده بأنه اتصل بخاله الكابتن شوقى غريب لتهنئته بعيد ميلاده، فعرض عليه نقله من سيناء، فرد عليه قائلًا: «لا.. لو أنا مشيت وكلنا مشينا.. يبقى كده الناس دى نايمة فى بيوتنا.. كل كابتن يتمنى يدرب منتخب مصر.. واحنا كل ضابط مننا أمنيته الشهادة». 

وعن يوم استشهاده، قالت إنه يوم 16 مارس 2016، شاهد تحركات لبعض العناصر التكفيرية فى أحد الأماكن بنطاق كتيبته فاستأذن قائده لتفتيش المكان، وقرر الخروج بدوريته مُترجلًا لمنع اكتشافه من التكفيريين، ذهب مع جنوده فاكتشف مخزناً للمواد التفجيرية والعبوات الناسفة، وأبلغ قيادته فصدرت الأوامر له بالإخلاء وسرعة العودة للكمين، وتدمير المنزل، وفوجئ أثناء الإخلاء بسيدتين مُنتقبتين، فأمر بوقف إطلاق النيران لاقتراب السيدتين من المنزل، لكن لم يستجيبا، وبعدها تم تفجير عبوة ناسفة بالريموت كنترول بواسطة السيدتين فاستُشهد على الفور.    


◄ سهام الفقى زوجة الشهيد المُقدم مرسي محمد المرسي: انتقل لرفح برغبته.. ولم يخبرنا لمدة 18 شهراً

يُعد الشهيد المُقدم مرسى محمد المرسى، أحد أمهر قاذفى الدبابات، وأنشأ خطوطًا للكمائن تمت السيطرة من خلالها على رفح، وكان مسئولًا عن تحرك الدبابات بين رفح والعريش والشيخ زويد، واشترك فى العديد من المُداهمات الناجحة للقضاء على العناصر الإرهابية والتكفيرية، حتى أصبح مطلوبًا ومُستهدفًا، فطلب قائده نقله فرفض حتى يثأر لزُملائه الشُهداء، وأُصيب أكثر من مرة، وشارك فى المُداهمات بالبراهمة، والبرث، وحق الحصان، والمطلة، والمهدية، ودمر 102 عبوة ناسفة، و35 صاروخًا حراريًا، وقضى على 34 تكفيريًا شديدى الخطورة، وساهم فى تدمير 50 نفقًا، و3 سيارات دفع رباعى، و8 مخازن للأسلحة، ونال التكريم من قائده لشجاعته.

سهام الفقى، زوجة الشهيد، قالت إنه استشهد صباح 27 مارس 2018، أثناء تنفيذه إحدى المُداهمات بمنطقة المقرونتين ضمن العملية الشاملة «سيناء 2018».

أضافت، أنه فى 2013 انتقل لسيناء بمدينة رفح، وكان مسئولًا عن تأمين المعبر، حيث أُصيب بشظايا فى كتفه وبطنه، ونُقل للمستشفى لتلقى العلاج دون أن يُخبر أحدًا من أسرته، حتى علمنا من زُملائه بعدها، لافتة إلى أنه عمل بالإسماعيلية لـ3 سنوات ثم انتقل بعدها إلى رفح، بُناءً على طلبه، وظل عامًا ونصفًا دون أن نعرف شيئًا عن انتقاله للعمل بسيناء.

وقالت زوجة الشهيد، إنه فى 2017 رُقى لُرتبة «رائد»، وكان فرحًا بعودته إلى سيناء، وفى يوم 12 فبراير 2017 أُصيب بشظايا فى يده لانفجار عبوة ناسفة سببت له «غرغرينا»، وأجرى عملية جراحية، وعاد لخدمته، وصُدم عندما علم بقرار قائده نقله إلى فايد بالإسماعيلية، ومُغادرة سيناء فرفض القرار طالبًا الاستمرار فى خدمته بالعريش، ومع إصراره وافق قائده على تنفيذ رغبته، حتى استُشهد أثناء تنفيذ العملية الشاملة «سيناء 2018».

وعن يوم استشهاده، قالت: «أجريت آخر اتصال به للاطمئنان عليه، صباح يوم استشهاده الساعة 2 صباحًا 26 مارس 2018، واستشهد بعدها فى السادسة صباحًا، وقبلها بأيام رأيت كابوسًا بالمنام، وصباح استشهاده ذهبت للطبيب حيث كنت مريضة بمُرافقة شقيقتى، وبعدها تلقت شقيقتى اتصالًا فتغير وجهها، حتى علمت بعد محاولات منها نبأ استشهاده، أثناء تنفيذه إحدى المُداهمات بمنطقة المقرونتين، ضمن أعمال العملية الشاملة «سيناء 2018»، حيث أُصيب بطلق نارى أسفل الرأس برصاص قناصة.


◄ شقيق الشهيد رقيب أحمد إسماعيل بسيوني: «استشهد في ذكرى وفاة والده»

تصدى لهجوم إرهابي في رفح على كتيبته، ولكن رصاصة الغدر سارعت فأصابته واستشهد على إثرها، الرقيب أحمد إسماعيل بسيوني أحد أبناء محافظة الشرقية الذى لبى نداء وطنه عندما استدعوه من إجازته، فيتذكر شقيقه محمد إسماعيل فيقول: إنه استشهد فى رفح وبعد انتهائه من إحدى المداهمات وعودته للكمين، وأثناء تأدية خدمته للحراسة حدث هجوم على الوحدة فى الثالثة فجراً، فأعطى إنذارًا لزملائه بالهجوم وبدأ فى الاشتباك مع الإرهابيين، ونال الشهادة متأثرا بإصابته بشظية فى رقبته، ويقول شقيقه إنه استشهد فى يوم سنوية والده، ولديه ولد سنة ونصف، وبنت 4 سنوات.

وقت الاستشهاد كان من المفترض أنه إجازة وتم استدعاؤه من إجازته وكان قلبي مقبوضا وقتها وقلت له لا تذهب ولكنه أصر على الذهاب لتلبية الواجب. 

يضيف محمد، إن القوات المسلحة لا تنسى أبناءها من الشهداء فتم تكريم أبنائه وتناولت والدته الإفطار فى رمضان الماضي مع الرئيس السيسي، وتم تخصيص مدرسة باسم الشهيد فى القرية، حكى أصدقاؤه فى الكتيبة أنه كان كريما على زملائه، وتم تكريمه من قبل من قائد الجيش الثالث لبطولاته فى إحدى المداهمات.