فواصل

رجل ومهمة

أسامة عجاج
أسامة عجاج

طوال أربعين عاما من متابعة منظمات العمل العربى المشترك - وهى عديدة ومتنوعة - تعرفت على شخصيات بالعشرات، تولت رئاستها ومسئولية إدارتها، بعضها - للأسف الشديد - أعتبرها محطة للعبور إلى منصب آخر وأكبر فى بلاده، أو مكافأة نهاية خدمة، فلم يترك بصمة، ولم يكن له ذكر، وبعضها الآخر تعامل معها كمهمة قومية، وسعى بالتخطيط وكثافة العمل والتحرك إلى إحياء دورها، ومن هؤلاء عادل العسومى، الذى التقيته بعد أقل من نصف ساعة من جلسة انتخابه كرئيس للبرلمان العربى فى أكتوبر ٢٠٢٠، فى حواره الأول للصحافة المصرية، والأمر دون أى مبالغة، أن البرلمان الذى يتشكل من مجموع أربعة أعضاء من كل برلمان عربى، شهد طوال السنوات الأربع الماضية، نقلة نوعية، ونشاطا ملحوظا واستثنائيا، بصورة تثير الثناء والإعجاب، فتحول تحت رئاسته، وهو الرئيس الخامس للبرلمان، إلى خلية نحل لم نرها طوال عمر المجلس، الذى يمر على تأسيسه عشرون عاما، فى أعقاب قمة الجزائر ٢٠٠٤، فقد نجح العسومى فى تحويل المجلس إلى رقم صعب، لا يمكن تجاوزه، على كل الأصعدة الخاصة، بالاستحقاقات الدستورية والبرلمانية فى دول العالم، كمراقبة الانتخابات وغيرها، وفى إطار الدبلوماسية الشعبية والبرلمانية، وقد يعود الأمر إلى أنه ابن تجربة برلمانية ثرية فى مجلس النواب البحرينى منذ ١٨ عاما، وسأتوقف هنا للتدليل على ما أقوله، على تعاطى البرلمان العربى ورئيسه، مع الأزمة غير المسبوقة، التى تمر بها المنطقة العربية، وهى استمرار العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى، منذ السابع من أكتوبر الماضى، حيث عقد البرلمان العربى ثلاث جلسات، لبحث تداعيات العدوان، أولها فى نفس الأسبوع، مع إصدار أكثر من مائة بيان منذ الأزمة، تندد بالمذابح المرتكبة فى حق الشعب الفلسطينى، مع ٧٥ نداء إلى برلمانات العالم، لحثهم الضغط على حكومتهم باتجاه وقف العدوان، وتبادل الرسائل مع الأمين العام للأمم المتحدة، ومنظماتها المعنية بالأزمة، للمطالبة بمحاسبة الحكومة الإسرائيلية، وعدم إفلاتها من العقاب، ناهيك عن زيارات عديدة لعدد من دول العالم، فى مناسبات مختلفة، لطرح الأوضاع المأساوية التى يعيشها الشعب الفلسطينى، ويذكر للعسومى الموقف المهم الذى اتخذه فى اجتماعات الاتحاد البرلمانى الدولى الأخيرة، والتى عقدت فى أنجولا أكتوبر الماضى، بالخروج من الجلسة وشجع آخرين على ذلك، احتجاجا على كلمة رئيس الاتحاد المنتهى ولايته، التى كانت داعمة للاحتلال الغاشم، مع التكريم الذى تم لجنوب إفريقيا على مواقفها الداعمة للحق الفلسطينى، ومنح رئيسها سيريل رامافوزا الوسام الأرفع، الذى يتم تقديمه للقادة والرؤساء، كما حرص على زيارة معبر رفح على رأس وفد من الأعضاء، للكشف عن حرب التجويع والحصار الذى يتعرض له الشعب الفلسطينى. البرلمان العربى تحول مع عادل العسومى إلى منظمة قد تكون الأنشط فى الفترة الأخيرة.