عاجل

حروف ثائرة

الشراكة وعائد لو تعلمون عظيم!

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

‏كتبنا كثيرا عن مشروع تنمية رأس الحكمة وإيجابياته العديدة باعتباره نقطة تحول كبرى فى فقه الاستثمار بمصر، وكيف أربك المشروع حسابات المتربصين، ومازالت شائعاتهم توجه بالتشكيك تارة، والبلبلة تارة أخرى، لأسباب راسخة بنفوسهم المريضة، والخوف من السقوط بفخهم والانشغال بالرد على سهامهم المسمومة.


‏ورغم إننى تناولت سابقا عدة جوانب بالمشروع ، أقف اليوم أمام كلمة الشراكة والتى اختصرها البعض، ومنهم للأسف مسئولون فى حصة مصر المعلنة وهى 35٪ ، والحقيقة أنها نسبة غير واقعية، وتمثل نصيب مصر من صافى الربح فقط، لكن أين الرسوم والضرائب المقررة قانوناً؟!، فمثلا النشاط السياحى يجمل الرسوم والضرائب التى يسددها للدولة بحوالى 40% من إيراداته وليس أرباحه، وأنشطة أخرى تسدد 25%، وهذا ليس بدعة مصرية إنما واقع عالمي، ودول كبرى تفرض نسباً أعلى للضرائب والرسوم، فإذا أخذنا المتوسط، وليكن 30٪ ، بإضافتها لنصيبنا من صافى الربح، نجد أن حصة مصر بمشروع تنمية رأس الحكمة بكافة مكوناته وعائداته تزيد على النصف.


لكن هل تقف استفادة مصر عند العائد المادي؟!، الإجابة بالنفي، بالنظر إلى إيجابيات المشروع العديدة والمتنوعة، فمصر شريك رئيسى بمجلس إدارته، وهذا يتيح لها توجيه قراراته لخدمة اقتصادنا القومي، وعضويتها بمجلس الإدارة يجعلنا ملاصقين لأنشطة وسياسات مهمة، وما أكثر ما تتميز به الإمارات الشقيقة بشهادة العالم من خبرات ستنفذها برأس الحكمة، ولا ضير أن نستفيد من خبراتها تلك، ونقلها الى مشروعات اخري.
‏وبما ان رأس الحكمة ستشهد نشاطا اقتصاديا استثنائيا متطورا، سيزيد من قيمة ليس مكونات المشروع فقط، وإنما كافة المشروعات القريبة منه سياحية وعقارية وحتى الصناعية والتجارية، وهو عائد لو تعلمون عظيم، كما أن نجاح المشروع والدعاية الإيجابية له يزيد من قيمة الاستثمار بمصر، ليصبح بداية قوية تبدأ منها، وليس قبلها، كافة المشروعات التى سيتم طرحها بعده، مما يعنى ارتفاعا كبيرا فى عوائد الاستثمار وقيمته ومردوده بكافة ربوع مصر، خاصة ساحلها الشمالي.


ومن النقاط المهمة أيضا حركة التجارة وسلاسل الإمدادات العالمية، والتى يقتصر دور مصر فيها حاليا فقط على قناة السويس، ومشروع تنمية رأس الحكمة يتضمن إنشاء ميناء عالمى على أعلى مستوى للشحن والتفريغ ونقل البضائع، ودخول سلاسل إمدادات كبري، مما يعنى دخول مصر هذا المجال من الباب الملكي، وليس خافيا سمعة وشطارة الإمارات الشقيقة بهذا المجال، والتى ستنتقل تدريجيا لمصر التى ستصبح رقماً مهماً بالتجارة العالمية.
‏وإذا كانت السياحة المكون الرئيسى بالمشروع، وتجذب مصر حاليا ١٥مليون سائح سنويا، لكنهم وبصراحة من متوسطى الدخل فما دونهم، وتغيب تماما سياحة الأثرياء رغم إمكانياتها السياحية الفريدة، ورأس الحكمة ميلاد جديد لسياحة الأثرياء بمصر، وما يمثله من سمعة ونقلة ودخل مضاعف.
‏ولو وصلنا للمناطق الصناعية بالمشروع، نجدها تضم صناعات دقيقة وغير تقليدية مهمة، منها الصناعات التكنولوجية، ومصر لديها تواجد بهذا المجال، لكن بعد تنمية رأس الحكمة ستذهب تلك الصناعات إلى مستوى مختلف تماما.
أعتقد أنه آن الأوان لننظر أمامنا بعيدا عن سهام المشككين والمرجفين المتربصين، ونجعله انطلاقة حقيقية للاقتصاد والاستثمار فى مصر، يعود خيرها بإذن الله على مصر والمصريين.