تل أبيب تخطط للهيمنة الاقتصادية بورقة «دولة فلسطينية مستقلة»

إعمار القطاع| من يعيد بناء ما هدمته إسرائيل؟

الدمار فى غزة هذه المرة منقطع النظير ويستغرق إصلاحه عقودًا
الدمار فى غزة هذه المرة منقطع النظير ويستغرق إصلاحه عقودًا

بعد كل عملية اجتياح إسرائيلية ودك وتخريب لقطاع غزة كان السؤال الذى يتردد بقوة هو: من سيعيد إعمار غزة، وكم تبلغ التكلفة؟ الإجابة كانت تأتي تلقائية من كبار المانحين على المدى الطويل للمساعدات الإنسانية للأراضي الفلسطينية المحتلة، بحسابات دقيقة لتكلفة إعادة الإعمار التي كانت تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات.

اختلف الأمر هذه المرة، السؤال نفسه لم يعد مطروحًا بذات القوة المعتادة، لأنه بات مقترنًا بغموض مصير القطاع، إذ لم يتحدد بعد من الذى سيحكم غزة بعد الحرب. سالفًا كان المانحون يدفعون بمساهماتهم إلى أرض واقعة تحت الاحتلال باعتراف دولى. اليوم، حين تتردد فى الأفق دعوات إقامة فلسطينية مستقلة، وتتناثر فى المقابل، تصريحات وممارسات تشير إلى سعي إسرائيل لإعادة احتلال غزة، صار المزاج العام لدى المانحين أقل حماسًا للاندفاع نحو الإعمار، حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود. وتشير تقارير إلى أن صناع القرار يتساءلون خلف الكواليس بالفعل عن السبب الذى يدفعهم مرة أخرى إلى دفع الملايين من أموال دافعى الضرائب لإعادة بناء البنية الأساسية التى من المرجح أن تتعرض للقصف مرة أخرى، فى المستقبل القريب. بل إن كبار المسئولين فى الاتحاد الأوروبى قالوا بشكل لا لبس فيه إن أوروبا لن تدفع تكاليف إعادة إعمار غزة. يمكن فهم الموقف الأوروبى فى ضوء أنهم يريدون بعض الضمانات لمستقبل سياسى من نوع مختلف قبل أن يرسلوا كل هذه الأموال مرة أخرى ولا سيما أن تكاليف الحرب فى أوكرانيا تثقل كاهل القارة العجوز. 

وقبل شهرين قال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أمام لجنة عليا فى الكنيست إن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ستقومان بتمويل إعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب ضد حماس، حتى مع استمراره فى رفض عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة وكذلك إقامة دولة فلسطينية.

 لكن الرد جاء من دولة الإمارات العربية المتحدة على لسان سفيرتها لدى الأمم المتحدة بأن بلادها ستربط دعمها المالى والسياسى لإعادة إعمار غزة بعد الحرب بالتقدم فى المبادرة التى تدعمها الولايات المتحدة نحو حل الدولتين. فى بداية الشهر الجارى أصدرت فرقة عمل مستقبل غزة تقريرًا من خلال المعهد اليهودى للأمن القومى الأمريكى وتحالف فاندنبرج، وهو شبكة غير حزبية من الباحثين والممارسين فى مجال السياسة الخارجية يؤمنون بقوة القيادة الأمريكية لحماية الأمن القومى الأمريكى، دعت فيه إلى إنشاء كيان خاص جديد تدعمه عدة دول عربية للإشراف على المساعدات الإنسانية وتسهيلها والمساعدة فى الجهود الرامية إلى إنشاء حكم فلسطينى جديد فى غزة، نظرًا إلى أن معظم المقترحات المطروحة لغزة ما بعد الحرب - بما فى ذلك التحرك السريع نحو حل الدولتين، أو سيطرة السلطة الفلسطينية على المدى القريب، أو بعثة للأمم المتحدة، أو بعثة دولة عربية على الأرض، أو مهمة طويلة المدى. السيطرة الإسرائيلية - من المحتمل أن تكون غير ممكنة على المدى القصير أو لا يمكن الدفاع عنها عملياً أو سياسياً. 

ويقترح التقرير أن الثقة يمكن أن تبدأ بعمليات إعادة الإعمار فى المناطق التى قامت إسرائيل بـ «تطهيرها» من النشاط «الإرهابى» بينما تستمر العمليات الإسرائيلية فى أماكن أخرى فى غزة. ووفقا للاقتراح، سيتم تمويله من قبل دول عربية مثل المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، بدعم من الولايات المتحدة، ومباركة السلطة الفلسطينية والتعاون مع إسرائيل.