واشنطن تحاول إقناع بكين بالتعاون لوقف هجمات الحوثيين

جنود أوكرانييون يضعون قاذفات صواريخ جافلين الأمريكية
جنود أوكرانييون يضعون قاذفات صواريخ جافلين الأمريكية

 كتب: سميحة شتا

يظن القادة فى بكين أن علاقاتهم مع إيران حصنت تكتلات الشحن العالمية الصينية واقتصادها بشكل عام من هجمات جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن على الشحن العالمى عبر البحر الأحمر، فعلى الرغم من أن الحوثيين لم يهاجموا أي سفن مملوكة للصين، إلا أن قادة بكين أصبحوا يشعرون بقلق متزايد بشأن التكاليف الاقتصادية لحملة الهجوم الحوثية المدعومة من إيران.

ويقول الحوثيون إنهم يسعون لإجبار العالم  على وقف الهجوم الإسرائيلي على غزة، والذى كان له عواقب إنسانية مدمرة على الفلسطينيين فى القطاع. ويصر الحوثيون على أنهم يستهدفون فقط السفن التى لها علاقات  اقتصادية  بإسرائيل، وعلى ما يبدو واحتراماً لتحالفات طهران العالمية، أعلن الحوثيون أنهم لن يستهدفوا السفن المرتبطة بروسيا أو الصين - وكليهما انتقدا بشدة دعم الولايات المتحدة للهجوم الإسرائيلى على غزة. وتعتمد الشركات الصينية على التدفق الحر للبضائع بين الصين وأوروبا، وتسببت هجمات الحوثيين فى ارتفاع تكلفة الشحن كما تأثرت تجارة الصين مع الولايات المتحدة سلباً أيضاً.

وبسبب الصعوبات المؤقتة فى استخدام قناة بنما ــ طريق الشحن المفضل بين الولايات المتحدة والصين ــ سعت السفن الضخمة التى تحمل منتجات وبضائع الطاقة إلى شرق آسيا إلى عبور قناة السويس، ويجبر هجمات الحوثيين هذه السفن على التحول  الى  رأس الرجاء الصالح، مما يضيف 10 أيام وتكاليف الوقود إلى الرحلة ويفرض ضغوطاً تصاعدية على أسعار الشحن.

وقد تخلت شركة الشحن البحرى الصينية وهى الشركة المشغلة لرابع أكبر أسطول فى هذه الصناعة، عن جنوب البحر الأحمر بسبب المخاطر الأمنية،و إدراكًا للتهديد الذى يواجهه الاقتصاد الصيني، الذى يكافح من أجل التعافى من جائحة كوفيد-19، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانج وينبين فى أواخر يناير إن بكين «تشعر بقلق عميق بشأن التصعيد السريع الأخير للتوترات فى البحر الأحمر». ولذلك ، سعى كبار المسؤولين الأمريكيين إلى دفع الصين بما لديها من نفوذ لدى ايران للمساعدة فى وقف ضربات الحوثيين. حيث تعد الصين الآن أكبر شريك تجارى لإيران،  والتى تمثل حوالى 25% من إجمالى التجارة الإيرانية. وهى أيضًا المشترى الكبير الوحيد للنفط الإيراني، حيث تستورد أكثر من مليون برميل يوميًا من الخام الإيراني.

لكن الصين تنظر إلى مسؤولياتها بشكل مختلف. و لا تريد استعراض عضلاتها فى الشرق الأوسط. وترى أن أمن المنطقة هو مستنقع من صنع أمريكا. وهى تستغل الفرصة للحديث عن التضامن مع العالم العربي. هناك دلائل على أن بكين قد تتعاون مع واشنطن لوقف هجمات الحوثيين، ومع ذلك، حتى لو حثت الصين طهران على وقف هجمات الحوثيين، فإن النفوذ الإيرانى على الحوثيين غير مؤكد، ويبدو أن الحوثيين مصرون  على مواصلة حملتهم حتى لو منعت إيران تزويد الحوثيين بالأسلحة. ومع ذلك، هناك شكوك واسعة النطاق فى أن الصين ستفعل أكثر من مجرد الانضمام لدعوات المسؤولين الأمريكيين للحوثيين لإنهاء حملتهم. لقد قامت الصين بتنمية إيران كشريك فى جهودها الرامية لتحدى الهيمنة الأمريكية والأوروبية على النظام السياسى والاقتصادى العالمي، على سبيل المثال، من خلال دعوة طهران للانضمام إلى منظمة شنغهاى للتعاون وتحالف البريكس الموسع، بالإضافة إلى التوسط فى اتفاق طهران، التقارب مع السعودية فى مارس الماضي. ومن المشكوك فيه أن بكين تريد المخاطرة بحدوث قطيعة تامة مع طهران بشأن قضية البحر الأحمر، خاصة أن الولايات المتحدة وشركاءها يعملون بالفعل على تحقيق أهداف بكين من خلال مواجهة الحوثيين عسكرياً. ويتوافق عدم تدخل الصين فى أزمة البحر الأحمر أيضًا مع النهج الإقليمى الشامل لبكين، والذى يتمثل فى توسيع علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية فى جميع أنحاء المنطقة دون إشراك نفسها فى سياسات المنطقة أو صراعاتها العنيفة. وتقول وسائل الإعلام الحكومية الصينية إن خط الشحن الصيني، Sea Legend، يعرض نقل البضائع عبر المنطقة بمساعدة مرافقة البحرية الصينية. ويعرض موقعها على الإنترنت جدولا زمنيا لمثل هذه المرافقة فى خليج عدن المتاخم للبحر الأحمر.

وتتمتع الصين بخبرة كبيرة فى مثل هذه المهام: فمنذ عام 2009، تساعد سفنها الحربية فى حماية الشحن التجارى فى خليج عدن من هجمات القراصنة الصوماليين.