«المجالس العرفية» قضاء موازي يساعد في الحفاظ على الأمن بالإسماعيلية | فيديو

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتب فتحي البيومي

لا يحيا الناس إلا بالأعراف، ولا تأمن حياتهم بدون الأصول، فلكل مقام مقال، ولكل مشكلة حلول، بين أناس لا يتنفسون نفسا بدون أعرافهم، ولا يخطون خطوة دون أصول وعادات توارثوها عن الآباء والأجداد، لكل مخطئ حساب، ولكل مثيب إثابة، لا يجد الخلاف بينهم مكانا ليعشش، ولا تجد الأخطاء تربة لتنمو، يقول الأجداد لا مكان لخلاف أينما وجد كبير القوم، فكبيرهم يجد الحل وعلى الجميع السمع والطاعة، هكذا كانت المجالس العرفية عند أبناء العرب بالإسماعيلية.

فمن المعروف أن المجالس العرفية تنتشر في عدد من المحافظات لا سيما محافظة الإسماعيلية ومحافظة سيناء وكذلك محافظات الصعيد، فنراها متواجدة في كل المحافظات التى لا تزال تتمسك بالعادات القبلية والعصبية في القربى والنسب، ومن المعروف أيضا أن للمجالس العرفية دورا هاما وبارزا في مساعدة مؤسسات الدولة في الحفاظ على الأمن وتحقيق الاستقرار بين أفراد العائلات التابعين لمناطق هذه المجالس، إذ تتماشى الأحكام فيها مع الشريعة والقانون في آن واحد، ولا تعارض بين المجالس العرفية وقانون الدولة إذ تعتمد الدولة اعتمادا كاملا على ممثلي هذه المجالس، وتعتبرهم ركيزة أساسية في حفظ الأمن وحل المشاكل في نطاق تواجدهم.

"بوابة أخبار اليوم" ترصد إحدى الجلسات العرفية في محافظة الإسماعيلية للوقف على طبيعة عمل المجالس العرفية والتعرف على ماهية أعمالها ودور المحكم العرفي في مساندة الدولة في حفظ الأمن وحل المشكلات التى قد تؤدي إلى عكاره مناخه .

◄ الشيخ أمين الشعراوي
في لقاء لبوابة أخبار اليوم مع أحد المحكمين العرفيين بالإسماعيلية، يقول الشيخ أمين الشعراوي شيخ قبيلة بلي بمقعد مشيخة القبيلة بجمعية العاشر من رمضان ضواحي الإسماعيلية والذي يمارس التحكيم العرفي لأكثر من عشرين عاما، منذ زمن ونحن نتوارث العادات والتقاليد والأعراف التى تعد دستورا وقانونا يسير عليه جميع أبناء القبائل العربية، ولعل أهم هذه العادات المجالس العرفية ةالتر تساهم بدور كبير في مساندة الدولة في حفظ الأمن، بل أن الدولة في بعض الأوقات تحيل إلينا كمحكمين عرفيين بعض الخلافات وبفضل الله ووعى مشايخ القبائل نقوم بحل المشاكل وإصدار الأحكام العادلة، مما يساهم ذلك الدور الذي نقوم به فى مساندة الدولة والعمل على خلق حالة من الاستقرار لدى أفراد القبائل حتى لا تنشغل الدولة بذلك .

◄ اقرأ أيضًا | «عادات وتقاليد متوارثة»| حكايات وأسرار من المجالس العرفية

◄ طبيعة القضايا  في المحاكم العرفية
وعن طبيعة القضايا التى تعرض على المجالس العرفية يقول الشيخ "أمين الشعراوي"  تتنوع القضايا التى تعرض علينا ولكن أغلبها تكون ما بين القتل والمواريث والنزاع على حدود الحيرة في الأراضي مثلا وغيرها من القضايا، ولا توجد قضايا غريبة بيننا فجميعنا تحكمنا عادات وأعراف لا يحيد عنها أحدا، ومن يحيد يجد الحكم العرفي سيفا قاطعا أمامه يرده إلى الطريق الصحيح ويقومه حتى لا يعود لمثل هذا الخطأ مرة أخرى، ومن الثابت في القضايا العرفية أن جميعها تنتهى بالصلح بين الأفراد المتنازعين بعد التزام الطرف المخطئ وتنفيذه لحكم المجلس، مما يساعد في خلق حالة من الهدوء واستقرار الأوضاع بين أبناء القبائل.

◄ موقف الدولة من المجالس العرفية
وعن موقف الدولة من المجالس العرفية وما تصدره من أحكام يقول "الشعراوي" لا يوجد تعارض بين مؤسسات الدولة وسياسة للمجالس العرفية، حيث هناك تكاملا وتعاونا بين الدولة والمجالس العرفية، بل أن هناك في بعض الأحيان بعض القضايا التى تحيلها مؤسسات الدولة للمجالس العرفية وتكليفنا بحلها وإصدار الأحكام فيها وانهائها بالصلح بين الأطراف المتنازعة، ونجد ذلك واضحا في قيام بعض أقسام الشرطة التى في نطاقها قبائل عربية بإحالة المشاكل للمجالس العرفية، أى أنه هناك تعاون وثيق بين المجالس العرفية ووزارة الداخلية، وفي بعض القضايا التى تصل للقضاء يتم التصالح فيها وإبلاغ المحكمة بإنهاء الخلاف وبالتالي إنهاء القضايا محل الخلاف.

طبيعة الأحكام العرفية والتزام الأطراف المتنازعة بالتنفيذ

وعن طبيعة الأحكام التى تصدر في المجالس العرفية والتزام أطراف النزاعات بتنفيذها يقول " الشعراوي" للمجالس العرفية نظام تسري به المحاكمات وتصدر وفقه الأحكام، حيث هناك خطوات تمهيدية لإجراء المجلس، وتتمثل هذه الخطوات في إلزام طرفي النزاع إلزاما ماديا قد يكون مبالغ مالية أو عقود أراضي وعقارات حتى إن صدر الحكم على أيهم يكون هناك ضامنا للتنفيذ، رغم أننا في معظم الأحيان لا نحتاج لذلك، إذ يلتزم كل طرف من الأطراف المتنازعة الذين يلجئون للمجالس العرفية من تلقاء نفسه بتنفيذ الأحكام الواقعة عليه من تلقاء نفسه، إذ يسودنا جميعا قانون العرف والتقاليد ولا يحيد عنه أحد ممن تربى وكبر في القبائل هنا في الإسماعيلية أو في المحافظات التى تحضن البدو والعرب من شعب مصر.

ويضيف "الشعراوي" أما عن طبيعة الأحكام فتكون في معظم القضايا بتغريم المخطئ بمبالغ مالية تدفع كتعويض لمن لحق به ضرر، وغالبا ما يتم استعمال الرأفة في تخفيض الحكم نظير الصبح بين المتنازعين وذلك حتى نصل لحالة سلم ومحبة فيما بينها بعد إنهاء المشكلة ، ولعل الجانب النفسي هو أقوى من المادى فالعربي أو البدوي لا يقبل أبدا بأن يظل مخطئا في نظر أبناء عمومته والعشائر التى تتفق مع بعضها في العادات والأعراف، وجدير بالذكر أيضا أنه في عدد من الحالات تنازل أصحاب الحقوق عن حقوقهم بعد اعتراف المخطئ والحكم عليه من قبل المجلس إكراما للمجلس وكذلك إكراما لؤابطالدم والقبلية .

 

◄ الإقبال على المجالس العرفية

وعن مدى إقبال أبناء القبائل أصحاب النزاعات على المحاكم العرفية يقول " الشعراوي" بكل أسف زادات المشاكل وزاد الإقبال على المجالس العرفية، وأذكر قديما إننا كنا نعتقد جلسة أو اثنتين في كل شهر أما الأن فكما ترى فهنا في كل جمعة من كل أسبوع تنعقد الجلسات في مقعدنا، هذا بخلاف الجلسات التى ندعى إليها في أماكن أخرى خارج هذا المقعد، فتقريبا على مدار الأسبوع تكون هناك جلسات في أماكن مختلفة نقوم بحبها والبت فيها وانهائها بالصلح، ومعظم هذه القضايا تحال إلينا من أقسلن الشرطة للتعاون فيما بينا وبينهم في الحفاظ على الأمن وخلق حالة السلم بين أفراد القبائل،.

وأخيرا يقول "الشعرواي" لدى مؤسسات الدولة الكثير من الأعمال ودورنا كمشايخ للقبائل مساندة هذه المؤسسات ومحاولة تخفيف للأعباء عنها باحتواء مشاكلنا الداخلية، فليحفظ الله الوطن ويوفقنا جميعا بالعمل خلف دولتنا للحفاظ على أمنها وسلامتها .