نحن والعالم

تبادل الأدوار

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

قبل وقت ليس بالطويل، وتحديدا قبل عملية «طوفان الأقصى» أكتوبر الماضى، كانت مراكز القوى الدولية الكبرى فى الشرق الأوسط تشهد تحولاً جذرياً من الغرب إلى الشرق مع أفول الهيمنة الأمريكية وبزوغ النفوذ الصينى والروسى.

حيث استثمرت روسيا نجاحها فى دعم الرئيس السورى بشار الأسد لتعزيز صورتها كحليف قوى يعتمد عليه واستخدمت ذلك كمطية للعب دور فى صراعات أخرى بالمنطقة فى ليبيا والسودان.

كما استفادت من علاقاتها المتوازنة مع الأطراف المتضادة «ايران وحزب الله والسعودية ودول الخليج ومصر وتركيا» لتوسيع قاعدة نفوذها السياسى والعسكرى والاقتصادى، فزادت ونوعت من مبيعات أسلحتها لمختلف دول المنطقة ومن بينها مصر، واستوردت الصواريخ الإيرانية وعملت بشكل وثيق مع الرياض ودول الخليج للسيطرة على أوبك +، وعقدت اتفاقات لتصدير الغاز مع تركيا. فى الوقت نفسه، اعتمدت الصين على سلاح الاقتصاد لإرساء قواعد نفوذها فى المنطقة.

ومن خلال مبادرات تنموية «كالحزام والطريق»، واستراتيجيتها الفريدة القائمة على عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الاخرى واحترام سيادتها، استطاعت بكين ان تشق طريقها بسلاسة لقلب العواصم العربية لتصبح أكبر مستثمر أجنبى فى دول الخليج والشريك الأبرز لمختلف دول المنطقة. وتوجت الصين مسارها للزعامة بنجاحها فى التوسط فى اتفاق مصالحة دبلوماسية تاريخية بين السعودية وإيران مارس الماضى، وهو الإنجاز الذى رأى فيه البعض شهادة وفاة للنفوذ الأمريكى فى المنطقة.

لكن للأسف بدلت الحرب فى غزة الأدوار مرة أخرى وأعادت أمريكا لقلب الأحداث فى المنطقة سواء عسكرياً من خلال العتاد والأسلحة التى أرسلتها والعملية العسكرية التى تقودها فى البحر الأحمر، أو سياسياً من خلال مشاركتها فى جهود الوساطة لفرض هدنة وإدخال المساعدات. وفى حين تقف كل من روسيا والصين على هامش المشهد يتطلع الجميع بغضاضة نحو واشنطن باعتبارها الوحيدة التى يمكنها كبح جماح إسرائيل «إن أرادت ذلك».

لماذا تقف موسكو وبكين على الهامش؟ وهل لديهما القدرة على التدخل والتأثير على الأحداث ؟ هذا ما سنتناوله فى المقال القادم بإذن الله.