دراما رمضان ٢٠٢٤ l في عودة الفخراني .. بهجة

مسلسل عتبات البهجة
مسلسل عتبات البهجة

ريزان‭ ‬العرباوي

“بهجت الأنصاري”, وكيل وزارة متقاعد يتورط في مفارقات كوميدية مع أحفاده، فيدخل عالم الفضاء الإلكتروني ليصبح من المؤثرين, يسعى لبث روح السعادة والتفاؤل بين متابعيه عبر قناته على “يوتيوب”, تلك تفاصيل الشخصية الدرامية التي يعود بها يحيى الفخراني بعد غياب دام لعامين عن الدراما الرمضانية، من خلال مسلسل “عتبات البهجة” المكون من 15 حلقة، العمل الاجتماعي الذي يغلب عليه الطابع الإنساني مع إلتزام كبير بروح الرواية التي تحمل طابع فلسفي, فالعمل مقتبس عن رواية “عتبات البهجة” للكاتب إبراهيم عبد المجيد، والمعالجة الدرامية لمدحت العدل, ومن جديد يعود الصديقان الفخراني والمخرج مجدي أبوعميرة بعد مرور نحو 16 عاما, بعد آخر عمل جمع بينهما من خلال مسلسل “يتربى في عزو”.. والمعروف عن الفخراني أنه مغامر من الدرجة الأولى، يمتلك قدر كبير من الجرأة والذكاء، ودقيق في اختيارته، حيث قدم تجارب ذات ثراء وعمق فني, ونحن أمام عتبة فنية جديدة وعودة بعد غياب, فكيف يرى النقاد تلك العودة؟..

في البداية يقول الناقد طارق الشناوي: “رواية (عتبات البهجة) لإبراهيم عبد المجيد مليئة بالإحساس الفني العالي، فهي عمل روائي عظيم مرصود له عناصر جيدة، فيها قدر من الاطمئنان، خاصة عندما يتصدر المشهد فنان بحجم يحيى الفخراني بكل تاريخه وبكل حالة الثقة التي زرعها على مدى 40 عاما أو يزيد فوجوده منذ السبعينيات منذ مسلسل (أبنائي الأعزاء شكرا) وغيره، وهو في الحقيقة بالبؤرة، حتى أصبح حالة رمضانية أحبه الجمهور وتعلق به لصدقه وأدائه غير المفتعل, وطبيعة العمل الدرامي تختلف عن العمل الروائى والمعالجة الدرامية، لكن هناك مدحت العدل، وهو كاتب سيناريو له أعمال مميزة، أيضا المخرج مجدي أبو عميرة له أمجاد كمخرج، لكن يظل آخر أعماله لم تكن بالمستوى المطلوب طبقا لمستجدات التكنيك الإخراجي, وأنا أدرك تماما ذكاء مجدي، وأنه سيراعي تقديم تكنيك عصري يتوافق مع الزمن حتى يعود مرة أخرى لمكانته”.

ويضيف الشناوي: “أن يكون العمل الدرامي مكون من 15 حلقة هو مطمئن جدا بالإبتعاد عن المط والتطويل, فقد لاحظنا أن أغلب مسلسلات الـ30 حلقة يكون الجزء الأخير منها مجرد تكرار أو محاولة لملء مساحات بيضاء بأي كلام، لذلك فهو عنصر مطمئن, وفي النهاية أترقب مثل الكثيرين، ولا يمكن إصدار حكم نهائي، لأن الحكم بعد المشاهدة, لكن يمكن القول أننا أمام عمل مكتمل العناصر ونتمى له التوفيق”.

عناصر النجاح

ويقول الكاتب الصحفي والناقد سيد محمود: “بدأ التواجد الفعلي للفخراني في الدراما الرمضانية منذ بداية السبعينيات، ولمع نجمه مع بداية الثمانينات، ومع الأجزاء الأولى لمسلسل (ليالي الحلمية), واستمر تواجده بعد ذلك حتى أصبح من العلامات المميزة لدراما الشهر الكريم، وأصبح الجمهور ينتظر أعماله, وتعاون مع كبار المؤلفين مثل جلال عبد القوي في (الليل وآخره), إلى أن ألتقى بالكاتب عبد الرحيم كمال، ونتج عن هذا التعاون مجموعة من الأعمال مميزة والناجحة, وأرى في مسلسل (عتبات البهجة) عناصر درامية مبشرة بعمل مميز, أولا الرواية لإبراهيم عبد المجيد، وهى مكتوبة بحرفية عالية، كما أنها تقدم شكل وفكر معاصر يواكب الوقت الحالي، عن المؤثرين أو من يقدم محتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي, واختيار الفخراني لهذا النمط من الشخصيات خاصة في مرحلته العمرية الحالية يعتبرمن العوامل التي ستساهم في نجاح العمل”.

ويتابع قائلا: “هناك 4 أسباب أساسية لنجاح هذا العمل، وتواجده كأحد المنافسين الأقوياء, أولهم شخصية الفخراني التي يجسدها وفيها جوانب كوميدية وأبعاد إنسانية, ولأن يحيى محبوب فهو يصل إلى قلوب المشاهدين بسرعة البرق, ثانيا عودة المخرج مجدي أبو عميرة وهو متفوق في غرس دراما أسرية ترتبط بشهر رمضان, فله أدواته الإخراجية التي تجعل المشاهد يتماهى مع الشخصيات، بل ويعيش حالة أسرية وإنسانية, أما مدحت العدل وهو سيناريست موهوب، وعندما يتلاقى هذا الكاتب بروحه ورؤيته المعاصرة مع مجدي أبو عميرة والفخراني بالإضافة إلى أصل العمل رواية لإبراهيم عبد المجيد كلها أسباب تجعل هذا العمل من أهم الأعمال المطروحة خلال الموسم ويستحق أن يشكل عودة للفخراني، فهو دقيق في اختياراته, وأعتقد أنه رفض أعمال كثيرة إلى أن استقر على هذا العمل, ومن التغييرات الحاصلة استبعاد التعاون مع ابنه فى الإخراج, وفكرة تغيير النمط والشكل والمضمون هو أساس التجربة هنا”.

“أيضا اختيار العنوان الذي يوحي بالبهجة والسعادة هو ذكاء، بالإضافة إلى صعوبة تغيير عنوان الرواية, فالغرض هنا ولا يشوبه شائبة هو استغلال نجاح وشهرة الرواية واسم إبراهيم عبد المجيد فى العمل الدرامى، ومما لا شك فيه أنه إضافة للعمل الفنى”.

ويضيف: “نعيش عصر السوشيال ميديا فعند تقديم مسلسل تلفزيوني عن تلك التجارب ويجسدها فنان من جيل سابق هو في حد ذاته تحدي كبير، على عكس فرضية أن الشخصية يجسدها فنان شاب, فالحدوتة ستفقد عنصر الجذب والتشويق، لأن المؤثرين على السوشيال ميديا هم شباب، لكن أن يخوض تلك التجربة فنان من جيل سابق سيخلق فضول لدى المشاهد، والذي ينتج عنه جذب ثم مشاهدة، ثم إستمرار في المشاهدة, فهي تجربة معاصرة بروح وخبرة كبيرة.. وطبعا ذكاء”.

“وبالنسبة لأعمال الـ15 حلقة استطاعت أن تفرض نفسها وبقوة في الفترة الأخيرة، لأن الهدف هنا مزدوج، وسهامه ليست موجهة لشاشات التلفزيون فقط، لكن أيضا للمنصات، فإذا كان العمل من 30 حلقة سيقلل من فرص عرضه على المنصات الإلكترونية, وبتقليل عدد الحلقات أحقق الاستفادة والهدف، وأيضا دخول منافسة مكثفة, وأعتقد أنه أفضل حل لكبار النجوم لتقديم جرعة مكثفة وناجحة ومقبولة”.

احتفاء و ترقب

وتقول الناقدة عزة هيكل: “أتمنى أن تكون عودة مثمرة وإضافة للدراما استكمالا لمسيرة يحيى الفخراني, فنحن أمام أسماء من كبار صناع الدراما, مدحت العدل كاتب مميز وله باع كبير في الدراما كذلك مجدي أبو عميرة من المخرجين المميزين, لكن مع ذلك لا نريد أن نرتفع بسقف التوقعات إلى أن تتم المشاهدة, وسنحتفي به ونترقب عودته ونتمنى أن تشكل علامة مميزة في تاريخ الدراما ومسيرة الفخراني”.

وتتابع: “أنا من مشجعي اتجاه الدراما للأدب، وفكرة العودة بعمل مقتبس من رواية أدبية بالتأكيد سيشكل إضافة قوية وثرية للعمل الدرامي, فحتى تعود الدراما إلى أزهى عصورها، لابد وأن يكون النص جيد دون النظر أو الاهتمام بوجود نجم كبير فقط, فأنا ضد فكرة الاعتماد على فكرة النجومية وورش العمل, وأرى في (عتبات البهجة) عناصر النجاح، بداية من الفكرة الجيدة, فالعالم كله يتجه الآن إلى العودة للنصوص الأدبية، خاصة أن كتاب الدراما الموهوبين في تناقص، لكن هناك معالجات جيدة كالتي يقدمها عبد الرحيم كمال وغيره, وهنا عودة برواية لإبراهيم عبد المجيد، ومعالجة درامية لمدحت العدل, وفي رأي أنها عودة جيدة لفكرة النص وأهمية الرسالة والدراما والحكاية والحدوتة”.

وتستكمل كوثر حديثها عن المسلسل بالقول: “تدور القصة حول رجل يسعى لبث السعادة من خلال السوشيال ميديا، وهي ليست المرة الأولى التي يوظف فيها الفخراني وسائل التواصل ومخاطبة تلك الشريحة من خلال الأعمال الدرامية, فقدمها من قبل من خلال مسلسل (بالحجم العائلي), وهو أمر طبيعي، فقد أصبحت أداة من أدوات الدراما والحكاية والحدوتة والصراع لا أكثر ولا أقل, وإن كنا لا نعلم هنا إلى أي مدى يتم إستخدامها وتوظيفها دراميا, لكن كل جديد بالتأكيد مفيد, ولا أريد التنبؤ بتوقعات، لكن أرى أن العناصر تبشر بوجود عمل متميز, وطبعا الاختيار يدل على ذكاء الفخراني, فمن الصعب أن يعود بعمل لا يليق بتاريخه ومسيرته الفنية، فله إسهامات كثيرة بالدراما التليفزيونية، وكان أحد النجوم البارزين, ولكي يعود لابد وأن يكون الاختيار دقيق، سواء من خلال الكتابة أو المعالجة أو الإخراج أو الإنتاج, بالإضافة إلى وجود مجموعة كبيرة من الوجوه الشابة ذات الموهبة”.

وعن فكرة إنتاج المسلسل في 15 حلقة تقول هيكل: “أصبحت الدراما الآن ذات نفس قصير، وابتعدت عن دراما النفس الطويل، وهي الدراما الملحمية، ولها مميزات وعيوب، الميزة في الاختصار والبعد عن المط والتطويل، لكن مفهوم الدراما التليفزيونية لابد وأن يحتوي على شخصيات كثيرة وموضوعات متعددة ومتشعبة، وتكون القماشة واسعة، ومع ذلك من الممكن أن يكون العمل مكثف وجيد في نفس الوقت”.

مدفعية ثقيلة

وصفت الناقدة خيرية البشلاوي عودة الفخراني بأنها مكسب كبير للدراما المصرية, وتقول: “نحن بصدد الحديث عن أسلحة ثقيلة نافذة وقوية للوجدان الجمعي, يحيى الفخراني ومجدي أبو عميرة ومدحت العدل.. الفخراني كما ذكرت هو مدفعية ثقيلة في الدراما المصرية، وله حضور طاغي، واختياراته قوية بها ثراء فني, ويمتلك حس اجتماعي وطني به إلتزام عفوي، وليس مصطنع، ومن هنا تكون العودة مباركة طيبة, أيضا مجدي أبو عميرة ومدحت العدل أثبتوا من خلال أعمالهم أنهم مكسب حقيقي للدراما, إذا المشاهد محظوظ هذا العام بوجود عمل يجمع بين تلك الأسماء القوية, وأتوقع نجاح كبير للعمل، وأنه بالفعل سيكون (عتبات بهجة) تحقق ردود أفعال قوية وتساهم في إثراء الوجدان والفكر الجمعي, وكلها توقعات بناءً على خلفية وماضي تلك الأسماء”.

وتختتم خيرية حديثها بالقول: “بالنسبة لاختيار عنوان يوحي بالسعادة، فهو اختيار ذكي، وله علاقة بالواقع الاقتصادي والسياسي المترنح دوليا وإقليميا، وكذلك الواقع النفسي المتراجع نتيجة العامل الاقتصادي وغلاء الأسعار عالميا, فنحن بحاجة شديدة لعنصر البهجة، وهو توقيت واختيار ذكي لمرحلة تتسم بالكأبة، وعلينا أن نجد منفذ أوعتبة لقليل من البهجة والسعادة.. ومن الذكاء أيضا العودة بعمل مكون من 15 حلقة, فأنا ضد تماما المط والتطويل, ودائما المادة الموضوعية الموجودة للعمل الدرامي هي التي تفرض عدد الحلقات بعيدا عن الإسترسال، لمجرد ربح وقت مدفوع, بالعكس أرحب جدا بهذه النوعية ذات الـ15 حلقة”.

اقرأ  أيضا : حصريا.. عرض مسلسل «عتبات البهجة» للنجم يحيى الفخراني على شاشة DMC

;