مع أقتراب ذكري وفاته .. أحمد زكى يظهر من جـديد فى المحكمة بسبب مقتنياته النادرة

الفنان الراحل أحمد زكى وأبنه هيثم
الفنان الراحل أحمد زكى وأبنه هيثم

اسماء‭ ‬سالم

يقول الفتى الأسمر، مات أبى بعد ولادتى بعام واحد، فقالوا عنى يتيم الأب، ولم أر امى الا وانا فى السابعة، فبعد وفاة والدى ارغموا أمى على الزواج من رجل اخر، عاشت معه سنوات طويلة دون ان أراها أو ترانى، وفى تلك الفترة عشت فى بيت العائلة بدون أب او أم أو شقيق، وفى احد الأيام وجدت سيدة لا أعرفها تطرق الباب، وعندما دخلت نظرت لى وبكت بحرقه، ثم اخذتى فى حضنها وأستمرت فى البكاء، وقتها ولأول مرة أشعر بالحنان، دقائق قليلة واختفت تلك السيدة، علمت بعد ذلك انها امى.

ويتابع العملاق أحمد ذكى؛ التحقت بمدرسة الصنايع، وكنت شغوفًا وقتها بالتمثيل، وشجعنى مدير المدرسة على اداء بعض الأدوار فى مسرح المدرسة، وفى أحد الأيام زار المدرسة بعض من فنانين مصر الكبار القادمين من القاهرة الى الزقازيق، حيث مقر مدرستى ومقر إقامتى ايضًا، ودار بينى وبينهم حوار، نصحونى خلاله بالإلتحاق بمعهد السينما وقد حدث.

كانت تلك مجرد لمحات بسيطة من نشأة الفنان الراحل أحمد زكى، ولم تختلف حياته «الميلودرامية» كثيرًا، بعدما تحول الى عملاق فى عالم الفن، والعجيب أن الأحداث التى تدور حتى بعد وفاته تسير على نفس الخطى، دراما وتراجيديا، تضاهى فى غرابتها وقسوتها صدمة وفاته اثر سرطان الرئة، لتجعل اسمه يتردد مرة أخرى ليس فى عالم الفن، بل فى المحاكم ودفاتر القضايا وصفحات الحوادث، ما هي الحكاية؟، هذا ما سوف نتعرف عليه في السطور التالية.

أقسام الفن في مختلف الصحف خصصت صفحات وصفحات للحديث عن الراحل أحمد زكى، كما سعت برامج «التوك شو» فى ترديد أسمه مجددًا، حتى ان بعض البرامج ستخصص حلقات كاملة عن الفنان القدير، وستكون محور الأسئلة؛ أين إختفت مقتنيات الراحل أحمد زكى؟، هل فعلًا بيعت لأحد رجال الأعمال فى مصر كما تردد؟، هل تم تهريبها الى خارج البلاد لصالح ثرى عربى اشتراها بمبلغ كبير؟، هل مازالت موجودة فى أماكن متفرقة؟، أو أنه قد تم إخفائها بفعل فاعل؟، أو ان اغلبها بالفعل أصبح موجودًا فى احد المخازن التابعة لوزارة الثقافة المصرية؟!. وكالعادة سيتم ترديد الأسئلة فى دائرة مفرغة، وتجف أحبار الصحف على الأوراق دون إجابة شافيه، تمامًا كما تنتهي حلقات «التوك شو» دون معلومة حاسمة.

بالتأكيد، لسنا من ضاربين الودع، أو ممن ينجمون بالمستقبل، لكن هكذا جرت العادة طيلة الـ 18 عامًا السابقة، وبعد أيام وتحديدًا فى السابع والعشرين من الشهر المقبل، والذى يتزامن مع الذكرى الـ 19 لوفاة واحدًا من أساطير الفن فى مصر والعالم العربى أحمد زكى.

غموض وكنوز

يقٌال أن الفنان أحمد زكى لم يترك تركًا عظيمًا من الفن فقط، والمتمثل فى عشرات الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والتى تحولت فيما بعد الى علامات فنية ومدرسة للأجيال الجديدة التى تلتحق بعالم الفن، بل ترك أيضا تركة عظيمة من الكنوز التى لا تقدر بثمن، منها صور ومقاطع له قديمة وهو يؤدى ادورًا فنية فى المركز الفنى بالزقازيق، ومنها الأوراق الرسمية لأدواره فى العديد من الأفلام، ويقال ايضًا ان من ضمنها اوراقاً، او «اسكريبتات» لأدوار كان ينوى القيام بها، تشمل أيضًا مقتنيات بعض من ملابسه التى ادى بها الأدوار مثل فيلم «البيه البواب وغيرها»، خلافًا عن الجوائز التى حصل عليها من مصر وخارجها، علاوة على خطابات ورسائل تكريم من رؤساء دول وحكومات عربية وأخرى أجنبية، لكن يبدو أن الأزمة الأولى او الغموض ضرب تلك المقتنيات التى لا تقدر بثمن بسبب الفنان أحمد زكى نفسه، والذى اقام فى بداية حياته بين شقتين مملوكتين له، إحداهما فى شبرا والأخرى فى المهندسين، وبسبب حالة الوحدة التى لاصقته منذ كان صغيرًا، وحصوله على لقب يتيم مبكراً، اراد علاجها بالإقامة احيانًا عند اصدقائه، أو الإستقرار فى احد الفنادق الشهيرة والذى اتخذه مقرًا دائمًا له، علاوة الى ان بعض المقتنيات كان حصل عليها الفنان هيثم أحمد زكى، والذى نقلها الى فيلته فى الشيخ زايد.

كل هذه العوامل ادت فى النهاية الى تشتيت المقتنيات بين عدة اماكن، ليبدأ السيناريو الجديد، أو ليبدأ فصلًا جديداً من «الميلودراما» التى لاصقت الفنان أحمد زكى منذ صغره، وأبت ان ترحل برحيله.

إختفاء

           مقتنيات الفنان الراحل أحمد زكي

بعد وفاة الفنان هيثم أحمد زكى، وبناء على الأوراق الرسمية، انتقلت مليكته وملكية والده الى الوريث الشرعى، وهو رامى عز الدين، شقيق الفنان هيثم احمد زكى من والدته الفنانة الراحلة هالة فؤاد، والتى انفصلت عن زوجها الفنان أحمد زكى قبل وفاته بسنوات.

الى هنا وتبدو الأمر عادية، أو طبيعية، لكن ما جرى بعد ذلك كان غريبًا بل ومدهشاً، الممتلكات المتمثلة فى الأموال والعقارات كان من الطبيعى أن تنتقل الى الوريث الشرعى، لكن مقتنيات أحمد زكى نفسها كانت محل خلاف كبير، من له الحق فيها؟، هل الوريث الشرعى؟، أم الجمهور.

فحسب ما قالته منى، الشقيقة الكبرى للفنان أحمد زكى، فى تصريحات اعلامية سابقة؛ أن مقتنيات الفنان الراحل ليست من حق احد سوى جمهوره، وهو بناء على وصيه الفنان أحمد زكى نفسه قبل رحيله؛ حيث أوصى أن يتم وضع مقتنياته الخاصة فى متحف فنى كبير، وأن يتم فتحه لصالح الجمهور، وهى وصيه لم تنفذ حتى الأن، كما أوصى بألا يتم تجسيد شخصيته فى أى عمل فنى بعد رحيله.

وتتابع منى شقيقة الراحل أحمد زكى، بأن محاولاتها السابقة بأن يتم تنفيذ وصية شقيقها ذهبت أدراج الرياح، خاصة وان الوريث الشرعى قام ببيع شقتين لاحمد زكى، ولا تعلم مصير المقتنيات التى كانت بداخلهما، ثم تفجر قنبلة من العيار الثقيل؛ بأن شقة المهندسين قد تم بيعها وهى تحت الحراسة القضائية، وهو ما يعنى ان البيع ليس قانونيا، ولابد وان يتم إعادة الشقة مرة أخرى بالمقتنيات التى بداخلها.

وتتواصل المفاجأت عندما أشارت السيدة ايمان، الشقيقة الصغرى للفنان احمد زكى، ان محامى «رامى»، الوريث الشرعى لهيثم أحمد زكى قام ببيعها بملغ كبير رغم الغاء التوكيل.

تضارب جديد

          مقتنيات الفنان الراحل أحمد زكي

قبل عام، ظهر رئيس اللجنة المكلفة من قبل وزارة الثقافه بحصر ممتلكات الفنان الراحل أحمد زكى، وهو المخرج عمر عبد العزيز والذى اشار فى تصريحات صحفيه سابقة؛ ان اللجنة انتهت بالفعل من حصر ممتلكات الفنان الراحل، والتى تم نقلها الى مكتب تابع لوزارة الثقافة، تمهيدًا لضمها الى متحف سينمائى كبير سيكون مقره فى مدينة السينما، وسيكون للفنان الراحل أحمد زكى ركنًا فيه.

اما عن طبيعة المقتنيات فقال، ان العديد منها ما يشير به بعض شهود العيان لا يخص الفنان أحمد زكى، كما ان هناك بالفعل مقتنيات أخرى مفقوده، والتي تم حصرها مثل البدلة والبيادة والعصا التى أستخدمها الفنان أحمد زكى فى تقمص دور السادات فى فيلم «أيام السادات»، وبذلته فى فيلم «ناصر 56»، وغيرها من المقتنيات المشابهه.

لا إجابه

           مقتنيات الفنان الراحل أحمد زكي

لكن لماذا ظهر اسم الراحل احمد زكى الأن فى المحاكم؟!

يقول بلال عبد الغنى، المحامى الحالى لـ رامى عز الدين، الوريث الشرعى لأحمد زكى؛ ان رامى قام بالفعل بتسليم مقتنيات الراحل الى وزارة الثقافة منذ عدة سنوات، ومن حينها وهو يذهب الى الوزارة ليسأل عن متى سيتم وضع تلك المقتنيات فى متحف، لكنه لا يحصل على إجابه.

ويتابع المحامى بلال عبد الغنى؛ كل ما يريده رامى الان هو ان يتم وضع مقتنيات الراحل أحمد زكى فى متحف لان مقتنياته من حق الجمهور، كما انه عرض انه اذا لم تنوى وزارة الثقافة وضع مقتنيات احمد زكى فى متحف، فإنه سيحاول جاهدًا شراء شقة المهندسين مرة أخرى، بعد ان تم بيعها، على أن يتم وضع تلك المقتنيات فيها تمهيدًا لتحويلها الى متحف، لكن عرضه الأخير ايضًا لم ينل القبول أو الرفض.

لذلك قرر رامي إقامة دعوى قضائية كمحطة نهائية مع وزارة الثقافة لحسم أمر المقتنيات، وأكد بالدعوي التي اختصمت كلا من رئيس المجلس الأعلى للثقافة بصفته، ورئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية بصفته، ورئيس قطاع المركز القومي للسينما بصفته.

وأضاف بلال عبد الغني المحامى؛ إنه يطعن على القرار السلبي بالامتناع عن تسليم المنقولات والمتعلقات والمقتنيات الشخصية، الخاصة بالفنان الراحل  أحمد ذكي والفنان الراحل هيثم أحمد ذكي، والتي سبق تسليمها إلى وزير الثقافة بصفته عن طريق لجنة مشكلة من رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، بموجب القرار 274 لسنة 2020، وذلك بناء على طلب تم تقديمه من المستشار القانوني بصفته المحامي الخاص رامي بركات، لاستلام تلك المقتنيات وذلك على سبيل الأمانة.

وأضافت الدعوى؛ أنه وجد منهم كل تسويف ومماطلة دون الوقوف على مجرى الحقائق والتهرب من تسليم تلك المنقولات الى الطالب موضحًا بعض الحقائق والمسلمات، وأوضح؛ حيث انه وبتاريخ 2023/9/9 فوجئ رامي عزالدين بركات، بخطاب آخر موجه إليه من أمير تادرس بصفته القائم بأعمال الوكيل الدائم لوزارة الثقافة غير مفهوم نهائيًا عقلًا ومنطقًا في طلبه للآتي:

أولًا: لأصل الطلب المقدم سند استلام وزارة الثقافة لهذه المقتنيات، ونتساءل هنا هل من المعقول ان يقوم أحد بتقديم طلب ويرد له أصل الطلب مرة أخرى، وبأي حق تم صدور القرار رقم 274 لسنة 2020 والذي بناء عليه تم تشكيل اللجنة لاستلام تلك المقتنيات، ومدى أحقية الطالب منفردًا دون باقي الورثة المشار اليهم في هذه المقتنيات، وفي سؤال القائم بأعمال الوكيل الدائم لوزارة الثقافة لا يستقيم من العقل والمنطق وذلك من الذي أشار الى وجود ورثة آخرين، ومن أين جاء بأن تلك المقننات لها ورثة غير رامي عزالدين بركات؟!

كما جاء في الدعوى، على الرغم من أن تلك المقتنيات تم تقديمها من رامي عز الدين بركات منفردًا؛ أي ان تلك المقتنيات ملكه وفي حيازته منفردًا، ومن جهة أخرى أن تلك المقتنيات خاصة بالفنان الراحل أحمد ذكى والفنان الراحل هيثم أحمد ذكى، ومن الثابت أمام المحكمة الموقرة من الاعلامات الشرعية ارقام: 1 - 245 لسنة 2005 .

وأضافت الدعوى؛ بناء عليه وبعد وفاة المرحوم هيثم أحمد ذكى وبموجب الإعلام الشرعي رقم 956 لسنة 2019 وراثات الدقي انحصر إرثه في  رامي عز الدين عبد الله محمد بركات فقط وعدم وجود فرع وارث له في ذلك، ومن هنا يثبت لديكم احقية الطالب عن نفسه كمالك وحائز لتلك المقتنيات التي تم تسليمها الى وزير الثقافة بصفته بموجب اللجنة المشكلة بقرار رئيس قطاع الصندوق بموجب القرار رقم 274 لسنة2020، وصفة رامي عزالدين بركات بصفته الوريث الوحيد لتلك المقتنيات، مما حدا بالطالب الى التقدم بطلب الى لجنة التوفيق وفض المنازعات مقيد برقم 3 لسنة 2024 والتي انتهت اللجنة بجلسة 2024/1/23 برفض الطلب، وحيث ان أسباب الطعن متوافرة ومن حيث الجدية والاستعجال لما يحق للطالب رفع هذه الدعوى.

وطالب الطاعن تحديد أقرب جلسة ممكنة ليصدر الحكم و قبول الدعوى شكلًا، وبصفة مستعجل بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع، وفي الموضوع  بإلغاء القرار السلبي لجهة الإدارة المطعون عليه مع ما يترتب عليه من آثار والزام المطعون ضدهم بتسليم المنقولات والمتعلقات والمقتنيات الشخصية الخاصة بالفنان الراحل  أحمد ذكى عبد الرحمن والفنان الراحل هيثم أحمد ذكى عبد الرحمن والتي سبق تسليمها الى وزير الثقافة بصفته عن طريق لجنة مشكلة من رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية بموجب القرار 274 لسنة 2020.

>>>

مازال الغموض هو المسيطر على متقنيات واحدًا من اساطير الفن فى مصر والعالم العربى، والتى بالتأكيد لا تقدر بثمن، والتى هى حق جمهوره بناءً على وصيته.

وبعيدًا عن الإجراءات القانونية، والصراعات التى تبدو قائمة بين بعض الأشخاص المهتمين، فهل يأتى اليوم الذى يجد فيها جهور وعشاق العملاق أحمد زكى مقتنياته متاحه للمشاهدة فى متحف أو جناح خاص به، نتمنى ان تكون الإجابة بالإيجاب، وبالتأكيد الأيام المقبلة هى الوحيدة القادرة على حسم القضية والإجابة على هذا السؤال.

اقرأ  أيضا : «خلافات على الميراث».. الداخلية تكشف حقيقة تعرض عائلة لأعمال بلطجة بالإسكندرية


 

;