نَسِيمُ الوَصْلِ غَرَّدَ يَا نَدَامَى
وَذَوَّبَ فِي جَوَانِحِنَا الظَّلَامَا
فَمَا مِنْ بُقْعَةٍ فِي الرُّوحِ إِلَّا
وَلَوَّنَ وَجْنَتَيْهَا بِالخُزَامَى
فَقُومُوا عَانِقُوا الضَّوْءَ المُنَدَّى
هَدِيلُ الضَّوْءِ فَاكِهَةُ اليَتَامَى
أَمَانِي الرُّوحِ يَا أُخْتَ التَّجَلِّي
لَقَدْ ضَجَّتْ بِكِ الدُّنْيَا يَمَامَا
مَلَأْتِ دُرُوبَهَا النَّشْوَى ضِيَاءً
وَكَانَتْ قَبْلَكِ امْتَلَأَتْ قَتَامَا
جَمَالُكِ سِيرَةُ الغَابَاتِ.. فَارَتْ
بِهَا الأَسْرَارُ وَاشْتَعَلَتْ غَمَامَا
وَعَذَّبَ رِحْلَةَ الأَشْوَاقِ دَهْراً
فَهَا هِيَ فِي الجَوَى عَامًا فَعَامَا
دَلَالٌ فَوْضَوِيٌّ مُسْتَبِدٌ
وَمُلْتَئِمٌ بِهِ جُرْحِي الْتِئَامَا
فَيَا لَشَرَاسَةِ الأَضْدَادِ فِيهِ
حُرُوبُ النُّورِ تَمْلَؤُنَا سَلَامَا
وَقَدْ كَفَلَتْ يَدَاكِ الحُبَّ طِفْلاً
فَبَاتَ الحُبُّ صَبًّا مُسْتَهَامَا
زَرَعْتِ النُّورَ فِي غَسَقِ الزَّوَايَا
وَهِمْتِ بِهِ .. فَبَادَلَكِ الهُيَامَا
فَكَمْ قَمَرٍ عَلَى نَهْدَيْكِ يَنْمُو
وَكَمْ وَرْدٍ عَلَى سَاقَيْكِ نَامَا
وَكَمْ نَازَلْتُ أَسْرَابَ الصَّبَايَا
وَلَكِنِّي انْهَزَمْتُ هُنَا انْهِزَامَا
سِلَالُ البَرْقِ تُسْقِطُنَا عُرُوشاً
تُمَزِّقُنَا وَتَتْرُكُنَا حُطَامَا
فَلَا تَتَرَدَّدِي فِي دَكِّ رُوحِي
إِلَى حَدٍّ بِهِ أَفْنَى تَمَامَا
سَأُولَدُ مِنْ جَدِيدٍ أَلْفَ شَمْسٍ
أَبُلُّ بِهَا المَنَازِلَ وَالخِيَامَا
أَنَا ابْنُ الضَّوْءِ، وَالأَطْيَابُ أَهْلِي
مِزَاجِيُّونَ قَدْ فَتَنُوا المُدَامَا
وَمَطْعُونُونَ بِالغُفْرَانِ دَوْماً
وَمُتَّهَمُونَ بِالعِشْقِ اتِّهَامَا
وَلَسْتَ تَرَاهُمُو إِلَّا نَشَاوَى
رُكُوعاً أَوْ سُجُوداً أَوْ قِيَامَا
إِذَا سَلِمَ الجَمَالَ فَقَدْ سَلِمْنَا
عَلَى هَذَا.. تَرَبَّيْنَا كِرَامَا
فَيَا أَرْقَى مِنَ الإِشْرَاقِ رُوحًا
وَيَا أَنْقَى مِنَ الرُّؤْيَا رُخَامَا
لَقَدْ زَاحَمْتِ أَفْكَارِي شُمُوساً
فَقُولِي كَيْفَ أَشْكُرُهُ الزِّحَامَا؟
عَلَى إِيقَاعِكِ اشْتَعَلَ المُغَنِّي
فَحَنَّى بِالبَسَاتِينِ الكَلَامَا
فَأَجْمَلُ مِنْكِ.. لَا! وَالرُّوحُ وَلْهَى
وَنَبْضُ القَلْبِ مُنْتَهَكٌ غَرَامَا
فَيَا قَمَرَ الخُلُودِ لَقَدْ سَبَانِي
مِنَ البُسْتَانِ عِطْرٌ قَدْ تَسَامَى
لِسَرْوِكِ كُلُّ أَحْلَامِي اسْتَدَارَتْ
فَلَيْتَ السَّرْوَ مَدَّ لَهَا ابْتِسَامَا
وَمَا صَدْرِي سِوَى بُرْجَيِ حَمَامٍ
فَطِيرِي الآنَ فِي صَدْرِي حَمَامَا!