عادل القليعي يكتب ..الجماعات التكفيرية وواقعنا المعاصر

عادل القليعي
عادل القليعي

هذا الموضوع من الموضوعات المهمة الحساسة والشائكة . لماذا ؟!

لأنه يطال الجميع على حد سواء ، أفراد المجتمع جميعا ، صبيته ، شبابه ، حتى شيوخه ، حتى نساءه ، الكل متساوون إما مؤثرين فاعلين أو متأثرين.

مؤثرون من خلال بث الأفكار المتطرفة التي تدعو إلى التطرف والإرهاب وإثارة الفوضى فى البلاد وبث خطاب الكراهية من خلال عقول فردية تشبعت بأفكار تدميرية ليس لها هم ليل نهار إلا استخدام ثوابت الدين مشوهين إياها عن طريق تأويل موتور مغلوط مسفسط ، مستخدمين أبواقهم وحناجرهم الجهورية في خطاب سفسطائي تضليلي ، من أن الدين يدعو إلى الجهاد ولابد من إقامة الحدود ، نعم الدين يدعو إلى الجهاد في سبيل الله ، لكن أي جهاد وضد من ، هل ترويع الآمنين المطمئنين واقتحام محلاتهم وتكسيرها وسرقة محتوياتها جهاد فى سبيل الله ، هل سفك دماء جنود أبرياء مرابطون على الحدود يحمونها من خطر الأعداء يعد جهادا في سبيل الله ، هل قتل مفكر أو أديب أو فنان وترويع أسرهم بالإرهاب والتهديد لمجرد أن اختلفتم معهم فى الآراء يعد جهادا في سبيل الله ، " ما لكم كيف تحكمون "، عن أي جهاد أنتم تتحدثون وتنصبون أنفسكم قضاة وجلادين فى آن واحد.

الجهاد الحقيقي ، جهاد ضد العدو الأكبر ، أعداء أوطاننا الذين لا يرقبون فينا إلا ولا ذمة.

أما أن ترفع السلاح فى وجه أخيك المسلم وغير المسلم فلا يعد جهاد وإنما نعتبره إرهاب ، فما الجناية التي ارتكبها الآمنين فى دور عبادتهم حتى ينكل بهم ، هذا ليس جهادا وإنما فتن يعقبها فتن ، ظلمات بعضها فوق بعض ، الغرض منها شغلنا عن مفاهيم الدين الصحيح ، الدين الوسطي الذي يرفض الغلو والتطرف في كل شئ ، فى العبادات ، فى المعاملات.

وقد أخبر عنها رسول الله صل الله عليه وسلم ، فقال في ما معناه ستكون فتن كقطع الليل البهيم المظلم.
هذا بالنسبة للعقل الفردي المتأثر ، أما العقول المتأثرة سواء كانوا صبية صغار أو شباب في سن المراهقة ، ماذا سننتظر منهم بعدما تتشبع عقولهم بهذه الفريات والشبهات والدعوات المشبوهة ، بالحتمية المنطقية ، إما أن ينحرف هؤلاء عن الجادة وينخرطون مسلوبين العقول والإرادة خلف جماعات ليس لها غرض اللهم إلا التربح والارتزاق من الأعمال الإجرامية ، فيصبحون تكفيريون ، جماعات تكفيرية ليس لها هدف إلا تكفير المجتمع برمته ومن ثم تسول لهم أفكارهم الشيطانية أن أمثال هذه المجتمعات مآرقة ينبغي وأدها واستئصال شأفتها.

أو يعتزلون القوم ويهملون دراستهم ولا يتعاملون مع أقرانهم من بني سنهم ، ولا يعيشون حياتهم ، وتصبح كل أيامهم ضنكا ، ليس هذا وحسب بل قد يصل بهم الأمر إلى تكفير أولياء أمورهم وأخوتهم وأخواتهم الذين يأكلون معهم فى إناء واحد وعلى مائدة واحدة.

ويزداد الامر خطورة قد تصل إلى سفك دماء أو مصحات نفسية.

وكل ذلك بالضرورة سيؤثر سلبا على المجتمع الذي نعيش فيه فبدلا من البناء والتشييد والتعمير يتحول الأمر إلى تدمير وتخريب ، بدلا من المواكبة والمعاصر ومسايرة ركب التقدم العلمي والثورة المعلوماتية والنهوض بالبلد اقتصاديا وسياسيا وعلميا وثقافيا وتنمية مستدامة ينهض من خلالها مجتمعنا ، نعود عودا قهقريا إلى الوراء ونشمت بنا الأعداء المتربصون بنا ولنا.

ولابد أن ننوه إلى أمر مهم ألا وهو الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فينبغي علينا أن نوغل فيه برفق.
 يقول تعالي:(ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)،  ويقول (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) ، وأيضا (فبما رحمة من الله لنت لهم) تلك هي دعوة الإسلام. 
السلام،  الرحمة، المودة، الإخاء، المساواة، العدالة، الحب ونبذ الكراهية.
 فعل الخيرات وطرح المنكرات، طرح العصبية والعنصرية البغيضة.
 ديننا دين السماحة، دين الحب، ديننا دين الحرية المسئولة. يقول تعالي :(لا اكراه في الدين) ، (أفانت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين) .
فالدين لله والوطن للجميع.
 وأحاديث النبي واضحة وصريحة، ألم يقل النبي صل الله عليه وسلم، من أذاى ذميا أو معاهدا فأنا خصمه أمام الله يوم القيامة.
 والسؤال:هل كل من حفظ آية من القرآن الكريم أو حفظ حديثا يكون لديه القدرة على التبليغ. المسألة جد مهمة لماذا مهمة وخطيرة؟.
 لأن هناك ضوابط شرعية إذا لم يلتزم بها الداعية، تكون عواقبها وخيمة علي الداع والدعوة كالذي يقول لا تقربوا الصلاة وهو لايعلم فحوي وتفسير الآيه أو كالذي يتهم عمرو أو زيد بالكفر والزندقة
 لماذا يكفر بعضنا بعض، ورحمة الله وسعت كل شيء. 
العالم من حولنا يتقدم ودعوة الإسلام دعوة تقدم وعلم وحضارة ومدنية. 
ألم يرفض النبي صل الله عليه وسلم صنيع أحد الصحابة و ما فعله مع الرجل الذي أسلم والسيف علي رقبته ونطق الشهادة فقتله. فقال له النبي وهل شققت عن قلبه .
نحن لا نقول إلا الحق ولا نقف إلا مع الحق ونكون مع الحق حيث كان ولن نقول إلا ما يرضي ربنا. "فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلي الله إن الله بصير بالعباد"
فينبغي علينا أن نذكر بهدي النبي صل الله عليه وسلم و بمآثره وخصاله الحسنة، ونذكر بسنته، وباعتداله وبوسطيته وبوسطية دعوته ورسالته التي أرسله بها الله لنشر المحبة والسلام بين الجميع .
فلا داعي للتطرف في الأفكار، لا داعي للتشدد، فالمعصوم في حديثه قالها منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام الدين يسر، ويسروا ولا تعسروا.
بل الواجب علينا الإقتداء بسنته وبهديه الناصح الأمين، حتي نعود سيرتنا الأولي.
فيا أهل التطرف لا تقنطوا الناس من الدين، وألزموا حدودكم، ولا تغالوا، ولا تتصدروا للافتاء بغير علم ولا هدي ولا فقه ولا كتاب منير، بل اتركوا الأمر لأهله الذين بقروا وتبحروا في العلوم الشرعية، اتركوا المسألة لأهل الفتوى،  لدار الإفتاء حفظها الله، لمشيخة الأزهر الزاهر حفظ الله قاماته، ولا تنصبوا أنفسكم قضاة وجلادين في آن واحد، فإذا وكل الأمر إلي غير أهله فانتظروا الساعة.
ونريد أن نحبب الناس في الدين لا نقنطهم ونسد باب العفو والمغفرة أمامهم، نريد أن نحببهم فى الحياة ، فديننا يدعو إلى الحياة لا إلى وأدها ، ديننا يدعو إلى البناء والتعمير والتشييد ، ديننا يدعو إلى المواطنة والإخاء ، والعمل الدءوب خصوصا ونحن مقدمون على جمهورية جديدة بمشروعاتها التنموية العملاقة ، بقادتها الذين يواصلون العمل ليلا ونهارا من أجل رفعتها 
فالله الله الله في كل من يقنط عباد من رحمة الله التي وسعت كل شئ 
الله الله الله، في كل من يكفر عبدا من عباد الله شهد للإله بالوحدانية  ولنبيه بالرسالة ومات على ذلك.

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.