اليوم العالمي للإذاعة

روان سامي - باحثة ماجستير اعلام بمعهد البحوث والدراسات العربية
روان سامي - باحثة ماجستير اعلام بمعهد البحوث والدراسات العربية

بقلم: روان سامي

هنا القاهرة.. إذاعة القرآن الكريم من القاهرة... إليكم نشرة الأخبار من راديو مصر... صوت العرب من القاهرة... عبر أثير موجات الراديو نسرح، ونتخيل، ونتعلم، فمن منا لم يعشق الراديو، ويرتبط معه بذكريات جميلة. 
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم١٣ فبراير من كل عام كيوم عالمي للإذاعة، وذلك بدءً من عام ٢٠١٢م، نظراً لما تمثله هذه الوسيلة من اتصال فعال وأداة لتوصيل المعلومات للجمهور، مع مُساهمتها في التعبير عن آرائهم. 
ويأتي هذا اليوم، وتحتفل به القنوات الإذاعية على مستوى العالم للتشجيع على التوعية بأهمية وسيلة الراديو، ومعرفة المستمعين بها أكثر، وعرض دوره الكبير  الذي قام به على مدار السنوات الماضية في زيادة الوعي، ونشر الثقافة، وعرض ما يهم المواطنين من محتوى مسموع، والاستماع إليه من كل مكان في العالم. 
فالراديو ليس وسيلة إعلامية وفقط، وإنما ذكريات، وعقول فكرت وابتكرت، وأقلام أبدعت، ومذيعين تحدثوا بأجمل الكلمات لينقلوا لنا شعور كل كلمة، فنفرح ونحزن ونتذكر ونسرح فيما مضى، ونتعرف على ما يحدث في المجتمع. 
فمنذ صغري عودتني أمي على سماع الراديو بمحطاته المختلفة، فارتبطت به وقمت بحفظ  ترددات القنوات، وأسماء البرامج والمذيعين حتى كبرت، ومازلت مرتبطة بالعديد من البرامج التي استفدت منها كثيراً، وأيضاً ارتبطت بسماع أغاني أم كلثوم التي تشدو بها كل يوم عبر قناة الأغاني الإذاعية. 
وخلال شهر رمضان الكريم انتظر وبشغف خريطة البرامج والمسلسلات الإذاعية التي سيتم إذاعتها على مدار الثلاثين يوماً. 
وعلى الرغم من مرور الزمن إلا أن هناك برامج إذاعية مازال صداها حتى يومنا هذا، ومازال يتم الإشارة إليها على أنها من البرامج العتيقة التي تركت أثراً كبيراً في نفوس المستمعين من كل مكان، ومنها برنامج قال الفيلسوف، وبرنامج كلمتين وبس لفؤاد المهندس، وبرنامج أبلة فضيلة، وغيرهم. 
ومن ينسى الخطاب الأشهر الذي تم إذاعته عبر الراديو حينما عبرت قواتنا المصرية خط بارليف وانتصرنا على الإحتلال الإسرائيلي عام ١٩٧٣م. 
ومازالت الإذاعة المصرية تحاول التطوير من برامجها، وتُقدم يومياً وجبة دسمة متنوعة من البرامج الهادفة، والأخبار، والفواصل المبتكرة، وعمل لقاءات مع المسؤولين والمشاهير والشخصيات العامة، وأيضاُ التواصل مع الجمهور. 
وعلى الرغم من وجود وسائل التواصل الاجتماعي، والتطور التكنولوجي الكبير، إلا أنه مازالت الكثير من المنازل تمتلك راديو وتستمع إليه بشغف و حب، والدليل هو اتصال الكثير من المستمعين للتعبير عن آرائهم في الموضوعات المختلفة، مع إرسال الرسائل عبر صفحات البرامج. 
وعلى مدار قرنين من الزمان أصبحت الإذاعة أكثر وسائل الاعلام توسعاً وانتشاراً واستخداماً حتى بعد دخول عصر التكنولوجيا الحديث، ووجود المنصات الرقمية، فقد تمكنت من خلق علاقة وطيدة مع المستمعين على مر السنوات، و لم يخفت بريقها في يوم من الأيام، بل تزداد نجاحاً وحباً داخل قلوب مستمعيها من كل مكان. 
وقد تفوقت الإذاعة المصرية في عرض التمثيليات الإذاعية المختلفة التي يتشوق لها الجمهور، ويعيش معها وينتظر الحلقات بفارغ الصبر، ومن لم يعرف مسلسل أرشيف المحاكم الذي كان يعرض القصص الحقيقية التي وقعت بالفعل لكي يتعرف الجمهور عليها، وغيرها من المسلسلات. 
فالإذاعة المصرية عبر أثير الزمان أضافت للمستمعين الذكريات الرائعة، وزادت من ثقافتهم العامة، وهناك رواد إذاعيين حملوا على عاتقهم مسؤؤلية نقل الحقائق والمعلومات للجمهور، وعرضها لهم بشكل جذاب. 
وهؤلاء الرواد ابتكروا وأبدعوا وكانوا يتحدثون بأروع الكلمات ويتركون كل ما هو جميل في نفوس المستمعين فالجيل القديم سلم الراية للجيل الحديث والآن استمع اليهم  بكل نهم وشغف وهناك برامج أُحب متابعتها بصفة يومية، ومنها برنامج كلام وسط البلد لنسرين عكاشة وكريم كوجاك، وبرنامج حياتنا، ونشرات الأخبار اليومية وجميعهم يُنقلون عبر راديو مصر، وأيضاً أُحب الاستماع إلى إذاعة القرآن الكريم، وإذاعة الإسكندرية، بالإضافة إلى سماع أغنيات الزمن الجميل عبر إذاعة الأغاني، فهم عشقي الذي لا ينتهي. 
فمع تلك المحطات الإذاعية أسرح وأذهب بخيالي إلى ذلك الإبداع الذي يُنقل عبر موجات الراديو، فأذهب بعيداً وأنسى كل شئ سيئ واستمع إلى تجارب الآخرين واستفيد منها.
فلم يكن الراديو مجرد وسيلة إعلامية تنقل الأخبار والمعلومات وفقط وإنما يحمل بداخله  ترابط وتلاحم كبير بين المستمع ومحطات الإذاعة المتنوعة، فهو حالة متكاملة من الفكر والعمل والإجتهاد والإبتكار ومنظومة تعمل معاً من أجل توصيل أفضل الأشياء للمستمعين.

-------------------------------------------------------------------------------

(*) باحثة ماجستير اعلام بمعهد البحوث والدراسات العربية