«تم الإلغاء» قصة قصيرة للكاتبة إيمان العطيفي

قصة قصيرة للكاتبة إيمان العطيفي
قصة قصيرة للكاتبة إيمان العطيفي

بعد عشر سنوات تامة من العزلة الشديدة، حبسُ انفرادي في سجنِ صنعتهُ بأيديها، وأتقنتَ الصنُع، شاكت سياجهُ بمهارةِ فائقة، سمعت بأنهُ قادم إلى القرية المجاورة لحضور ندوة أدبية.

ساقها الحنينُ إلى الخزانة، أمسكت به بين يديها، ضمتهُ إلى صدرها، شمت رائحتهُ فيه، وكأنه يسكنهُ منذ أخر مرة قابلتهُ فيها،

(الأحمر يليق بكِ.).. لازالت جملتهُ تجلجل في أذنيها.

أعادت الفستان أدراجه، صدقآ لم يعُد الأحمر يليق بها، للسن حكمهُ، تناولت فستان أسود، وحذاء أسود، وطرحة سوداء، لا يوجد لديها أي نوع من أنواع المكياج، اكتفت بجر مرود الكحل في عينيها.

ما أطول الطريق، تغيرت تضاريس الشوارع، وكأنها تمرق في بلاد غريبة، من سرعة الخطوات، انزلقت قدمها أكثر من مرة، لكن لا يهم، المهم ان تصل قبله لتتمكن من رؤيته يترجل من سيارته الأنيقة، متأبطا يد امرأته الأنيقة داخلا نادى الآدب.

فقط تملى عينيها برؤيته وترحل، وصلت إلى نادى الأدب بعد مشقة عجيبة، صدمها صمت غريب يعربد في المكان الذي تشوبه بعض الظلمة.

وقفت لبرهة ضئيلة، لتجد يدا تمتد إليها، تجذبها بقوة شديدة إلى الداخل.

صرخت، وارتطمت بالحائط المقابل، وقعت عيناها على صورة تعرفها في المرآة المعلقة على جدران الحائط، أفزعها ما ترى

-انت مين؟ وأيه اللي جابك هنا

-أنا جايه أحضر الندوة

-ندوة إيه يا بنتي ،الندوة تم إلغائها بسبب السيول.

نظرت إلى السماء المفتحة الأبواب على مصرعيها، وإلى الأرض الموحلة.

خلع الرجل بسرعة شاله وغطى رأسها في شفقة شديدة.

-- انت أديبه؟

-....... ..

- انت منين؟

-...........

-مين دعاكِ للندوة؟

لم تسمع أي سؤال، وقطعآ لم تجب

هالها منظرها المبتل، ملابسها التي تقطر سيلا، حذائها الموحل

شعر الرجل بحزن شديد لما هي فيه، أرد أن يربت على كتفها، يطبطب على قلبها،علها تفيق.

تبسم بحزن لم يستطع إخفاءهُ

- معلش يا بنتى تم الإلغاء بسبب المطر، محدش من المدعوين يقدر يوصل في الجو ده.

نظرت إليه وعيناها تحجبها الدموع، وقد خلعت شاله من على كتفيها مناولة له إياه  --ولكني وصلت .

أدارت ظهرها للمكان، ورحلت وسط السيول.