حكايات| قبيلة الهيمبا.. رجالها يهدون زوجاتهم للضيوف ونسائها لا تستحم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عدد لا يحصى من القبائل يمتد في ربوع أفريقيا، والتي يقدر عددها بنحو 3 آلاف قبيلة على مستوى القارة، والتي تمتاز بالتنوع في التقاليد والعادات القبلية الفريدة والتي تختلف وتتباين من قبيلة لأخرى، إحداها ذهبت إلى الغرابة من باب الصدمة والدهشة، فلك أن تتخيل أن «قبيلة الهيمبا» الواقعة في مناطق شرق إفريقيا وبالتحديد ناميبيا، لديها عادة غريبة بأنه إذا حل لديهم ضيف فإن الزوج يهاديه بزوجته كدليل على حسن الضيافة والكرم، على أن ينام الزوج في الخارج في تلك الليلة.
 
غرائب الهيمبا


من ضمن غرائب تلك القبيلة أيضا، أن نسائها لا تستحم، ولكن رغم ذلك تظل رائحتهن رائعة دائمًا، وربما ذلك راجع لأنهم يستبدلون ذلك بحمام البخار الساخن وذلك من خلال وضع قطع من الفحم المشتعل في وعاء صغير يحتوي على بعض البخور المصنوع من خشب شجرة كوميفورا متعددة الجوغا، وينتظرن حتى تتصاعد أبخرة الدخان وينحين فوق الوعاء ويبدأن في التعرق لغسل الجسم بالكامل، ويُسترن أنفسهن بقطعة من القماش حتى يحتبس الدخان في أجسادهن.

اقرأ أيضًا: حكايات| «يا خراشي».. ما علاقة الأزهر باستغاثة المصريين؟

وربما أيضا أبرز أسباب أنهن يحافظن على رائحتهن رائعة، هو استخدام ما يطلقون عليه «أوتجيز»، وتلك عجينة من الزبدة والدهون وصبغة حمراء - المعطرة أحيانًا بالراتنج العطري - التي تضعها نساء الهيمبا كل صباح على بشرتهن وشعرهن، مما يمنحهن لونًا أحمر مميزًا، والذي أعطاهم مشهدا استثنائيا وصورة مبدعة عن بقية قبائل إفريقيا.

دور محوري للنساء


النساء أيضا تلعب في مجتمع الهيمبا دورا أكبر مما يلعبه الرجال بكثير، فتربية المواشي وحلبها وإحضار الماء من الأنهار للقرية من شأن النساء، كذلك جلب الحطب، وبعض الصناعات اليدوية، وبناء المنازل، وتربية الأطفال، ورجال القبيلة يعتقدون اعتقاداً راسخاً بأهمية النساء حتى أنهم إذا وصلت البنت إلى عمر ١٣ عاماً قاموا بالاحتفالات الصاخبة و تؤخذ الفتاة إلى المكان المقدس بالقبيلة والمخصص للشعائر الدينية التي يؤمنون بها، وتبقى هناك جالسة في حماية الأجداد حتى قدوم رفيقاتها وقريباتها إليها.

جذور الهيمبا


وقبيلة «الهيمبا»، واحدة من الشعوب الرعوية الرحل، وهم مجموعة عرقية تنحدر من شعب الهيريرو الذي هاجر منذ مئات السنين من مناطق شرق إفريقيا، وبالتحديد إلى ناميبيا، وتتواجد القبيلة في الوقت الحالي في شمال ناميبيا، وبالتحديد في منطقة كينيني الواقعة في صحراء أوكالند، وتتحدث أوجتي هيمبا وهي إحدى لهجات الهريرو، وطبقا لأخر الإحصاءات فإن تعداد قبيلة الهيمبا يتراوح ما بني 40 إلى 50 ألف نسمة متناثرين كالبدو. وبسبب الطبيعة الصحراوية القاسية وانعزالهم شبه التام لفترات طويلة عن العالم فقد حافظ أفراد القبيلة على طريقة حياتهم التقليدية القدمية، حيث لم ينفتحوا في السابق على الغرباء إلى أنهم تحولوا في السنوات الأخيرة مقصداً للسياح الوافدين من أنحاء العالم المختلفة.

اقرأ أيضًا: «هالير».. قصة كفاح الفيل الإيفواري من المرض حتى التتويج بأمم أفريقيا

وتحتفظ قبيلة الهيميا بطريقة مميزة لارتداء الثياب حيث أنهم لا يلبسون سوى القليل جدا من الثياب على أجسادهم، فمنطقة الصدر والبطن، تكون عارية تماما سواء للرجال أو النساء، أما المنطقة السفلية فيتم تغطيتها بتنورة قصيرة جدا مصنوعة من جلد الماعز، وتقوم النساء أيضا بالتزين ببعض الإكسسوارات التي يصنعنها بأنفسهن سواءً من العظام أو النحاس أو جلود الحيوانات، والتي يضعونها في رقابهن وأيديهن، كما يضعن خلخالا في أسفل القدم للحماية من لدغات الحشرات السامة وعندما تتزوج فتاة في القبيلة تقوم الأم بإزالة الخلخال من قدمها اليسرى لمدة عام، حتى يعلم بقية القبيلة بأنها أصبحت أم لزوجة جديدة ويجب زيارتها ومباركتها.

تعدد العلاقات
المصور إريك لافورج -الذي زار القبيلة والتقط لها العديد من الصور، يوضح أن "الزواج مهم في ثقافة الهيمبا، ولكن يتم تشجيع العلاقات خارج نطاق الزواج، مضيفا أن تعدد الزوجات هو القاعدة لكل من الرجال والنساء الذين يمكن أن يكون لهم علاقات  أخرى خارج نطاق الزواج.

ويضيف لافورج أنه: «على الرغم من حقيقة أنهم يعيشون في قرى صغيرة، فإن جبال الهيمبا غنية ورجالها أيضا أغنياء.. فيمكن أن تصل قطعان البقر للشخص الواحد إلى 200 بقرة، على الرغم من أنه لن يقول أبدًا عدد الأبقار التي لديه، حيث أن هذا التكتم راجع إلى الحفاظ على السرية تجنبا للصوص.

وحرص لافورغ على فضح الأسطورة المتعلقة بأن نسائها لا تستحم، ولفت إلى أنه إذا كان لديهم إمكانية الوصول إلى المياه، فسوف يستحمون، لكن نظرًا لأنهم يعيشون في أماكن قاحلة، فهذا يعد بالنسبة لهم رفاهية.

البعض يغادر للمدينة
يقول ماكي ناتوندو، الذي يرتدي بنطالًا وقميصًا بأزرار، لكنه يعرّف نفسه على أنه هيمبا: «نحن كثيرون من الهيمبا نعيش هنا في مدينة أوبوو  - أقرب شيء إلى مركز حضري في شمال ناميبيا القاحلة والنائية - ولكن عائلتي موجودة في قرية القبيلة في الجبال، ولكن لأنه يأمل في العثور على وظيفة فإنه يقيم في أوبوو، مضيفا أن «الناس يأتون إلى هنا ولا يحبون العودة إلأى القبيلة».

ديفيد كراندال، عالم الأنثروبولوجيا في جامعة بريجهام يونج الذي درس وكتب كتابًا عن الهيمبا، يقول: «لقد كانت أوبوو عالم جذاب للأولاد المراهقين من قبيلة الهيمبا.. ولكن رجال القبيلة يضعون ساق في عالم الهيمبا ويضعون الأخرى فيما يرون أنه حياة جديدة في أوبوو».

أزمة ثقة


ويتفق معظم السكان المحليين والخبراء، على أن جبال الهيمبا مرت ببعض الأوقات الصعبة مؤخرًا. وكتبت عالمة الأنثروبولوجيا والناشطة في مجال حقوق السكان الأصليين مارجريت جاكوبسون في كتابها «Himba: Nomads of Namibia» أنه في الثمانينيات قتل الجفاف 80 إلى 90 في المائة من ماشية منطقة الهيمبا. في نفس الوقت تقريبًا، حاصرت حرب الأدغال بين مقاتلي الحرية في ناميبيا وقوات الأمن في جنوب إفريقيا بسبب الفصل العنصري العديد من جبال الهيمبا في تبادل لإطلاق النار، وذلك ترك عدم الثقة بين الحزب الحاكم في البلاد والقبيلة. وأثارت خطط الحكومة لبناء سد من شأنه أن يغمر منطقة رعي الهيمبا قلق الهيمبا وأنصارهم.

لكن السيدة جاكوبسون وآخرين، يشيرون إلى أن جبال الهيمبا البالغ عددها 15 ألف أو نحو ذلك، لا تزال واحدة من أنجح المجموعات العرقية وأكثرها ثراءً في البلاد. ويقول البروفيسور كراندال - الذي أمضى عامًا يعيش في قرية هيمبا بالقرب من أوبوو - إنه يشكك في حقيقة «تهديد» واسع النطاق لثقافة الهيمبا.. ويعتقد أنه من الخطأ التفكير في أن ثقافة القبيلة ثابتة، مشيرا إلى أن الهيمبا اليوم أو حتى الهيمبا قبل 20 عامًا، لا يعيشون بنفس الطريقة التي عاشوا بها قبل 100 عام، هناك دائما بعض التكيف مع الظروف المحلية».