فتوى| مغفرة الذنوب فى ليلة النصف من شعبان

د. شوقى علام
د. شوقى علام

هل يعد غير الراغب فى القطيعة من المشاحنين والمخاصمين الذين لا يغفر لهم فى ليلة النصف من شعبان حيث أرغب فى وصل شخص كنت على خلاف معه ولكنه يرفض؟

يجيب عليه الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية بقوله إن الفطرة الإنسانية مجبولة على الرضا والغضب والمحبة والكراهية وغير ذلك من الصفات التى من شأنها أن تُقَرِّبَ الناس من بعضهم أو تُبْعِدَهُم، وقد راعى الشرع هذه الفطرة عند شدة الخلاف والتخاصم؛ فأذِن بالهجر لأيامٍ لا تزيد على الثلاثة كأصلٍ عامٍّ؛ وهى وقت كافٍ لتهدأ فيه النفوس من غضبها، ويراجع كلٌّ مِن المتشاحنين نفسه، ويصل مَن هجره، فإن زاد على الأيام الثلاثة بلا مسوِّغٍ شرعيٍّ: حَرُمَ عليهما، وأثما ما داما مشتركَين فى الهجر والخصام والقطيعة ولم يبادر أحدهما بالصلح والوصل، وحُرِمَا الخير والفضل، وعوقبا بعدم الدخول فى عموم المغفرة فى الأيام المشّرفة والليالى المباركة؛ كالنصف من شعبان، والتى تنزل فيها الرحمات، وتَعُمُّ البركات، وتُغْتَنَمُ النفحات، وينال الناس فيها النفحات وإجابة الدعوات، والفضل العظيم والثواب الجزيل والمغفرة العامة، وذلك ما داما متشاحنَين، فإن بادر أحدهما بالصلح وأخرج ما فى قلبه من الشحناء تجاه أخيه، ونوى وصله وسعى فى ذلك واجتهد بكل الوسائل والطرق التى توصل إلى الصلح وما من شأنه أن يُذهب ما بينهما من الخصومة وأبى الآخر الصلح والوصل وظلَّ على مقاطعته؛ فحينئذ لا يدخل الأول الذى بادر بالصلح وسعى فى نفى الخصومة فى هذا الزجر وعدم نيل المغفرة والفضل فى هذه الليلة المباركة، وأقل ما يخرج به من الهجر: إلقاء السلام، ويُستحب علاوة على ذلك مبادلته الكلام والعودة إلى ما كانا عليه قبل الهِجران وتدخُّل الشيطان.
وفى واقعة السؤال: يجب عليك شرعًا وَصْلُ أخيك ما استطعت، والسعيُ فى الصلح لتعود المودة بينكما، فإن أَبَى وقطعك مِن جانبه؛ فيكفيك إلقاءُ السلام عليه أو وَصْلُهُ بوسائل التواصل المتاحة؛ لتخرج من الهجر والشحناء، وتكون محلًّا لنوال المغفرة والرحمة والفضل العظيم فى ليلة النصف من شعبان المبارك.