المشهد

«رسالة المهرجان الكبير»

خالد محمود
خالد محمود

ماذا يعنى لقب «مهرجان كبير»؟

فى قلب «برلين السينمائى» أدركت الإجابة.. أيقنت أن هناك مسافة كبيرة بين مهرجاناتنا ونظيرتها فى أوربا، الحالة كلها مختلفة.. التنظيم.. المحتوى.. الهدف.. الرؤية.. العلاقة مع الجمهور التى تشبه علاقة نهم متبادل.

وقفت أمام قصر المهرجان فى بوتسدامر بلاتز لأشهد عُرسا سينمائيا حقيقيا، فطوابير العشاق بالآلاف شبابا وشيوخا، تصطف يوميا منذ الثامنة صباحا لمشاهدة الأفلام التى جاءت من أنحاء العالم، بحالة شغف كبرى، بعد أن قامت بحجز التذاكر «أون لاين» وفقا لنظام تكنولوجى دون أى عقبات، رغم البرد القارس والثلوج والأمطار.. الابتسامة تعلو الوجوه ، وتماثيل الدب «رمز المهرجان» مضاءة ليل نهار أمام المارة وحتى فى وسائل المواصلات العامة نرى برومهات للأفلام لتؤكد وجود الحدث المهم.

الجمهور يصطف بالساعات أمام السجادة الحمراء ينتظر النجوم ليحييهم ويرحب بهم فى مشهد حضارى.

والأهم هو وجود قائمة أفلام لا تخيب الظن فى معظمها، بل تعكس عالما حقيقيا وكبيرا من الإبداع بمختلف توجهاته تشتبك مع قضايا معاصرة بكل حرية.
الحقيقة الأخرى أن المهرجانات السينمائية الكبرى تدرك أن الأفلام المعروضة منذ ضربة البداية يجب أن تكون قوية ومعبرة عن طموح إداراتها فى الحفاظ على القمة سواء داخل المسابقة الرسمية أو فى الأقسام الأخرى الموازية مثل البانوراما أو المنتدى، أو سينما الجيل، حتى المؤتمرات الصحفية لها منظومتها الخاصة عقب كل عرض ويجب أن يتم حجزها أولا عبر الإنترنت للمهتمين من الصحافة العالمية، حتى لا يكون هناك مجال للعشوائية التى عهدناها فى مهرجاناتنا، وهذا بحق ما تفعله إدارة مهرجان برلين السينمائى فى دورته الرابعة والسبعين.

جدول العروض معروف مسبقا، وكل إعلامى يقوم بعمل قائمته الخاصة، ثم يحجزها وتأتى لها رسالة بالتذكرة، ويدخل القاعة بسلاسة ودون أى طوابير.
النقطة الأخرى هى تواجد أشهر المجلات العالمية المتخصصة فى السينما تجدها موجودة بالمركز الصحفى توزع مجانا وبها مواد عن أفلام المسابقة وتصدر يوميا، لتشكل معلومات ثرية للإعلامى والجمهور، بالقطع تواجد مثل هذه الإصدارات نابع من قيمة المهرجان وأفلامه ونجومه وسمعته التى حققها عاما بعد آخر.

أعتقد أن الإمكانيات المادية لا تشكل العنصر الأساسى لتنظيم مهرجان مهم بقدر وعى إدارته وتفهمها للرسالة واختياراتها للأعمال المشاركة، وبالتالى يزحف إليها آلاف الوسائل الإعلامية على نفقتها الشخصية لتكون جزءا من الحدث.

أتمنى أن يعى المسئولون عن المهرجانات عندنا الرسالة ويكبروا ويتخطوا حالة التخبط والانغلاق الذى يعيشون فيه بإرادتهم.