أصل الحكاية| قصة هرم الملك "منكاورع" الهرم الثالث بهضبة الجيزة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

الملك منكاورع هو ابن الملك خفرع، وحفيد الملك خوفو. وقام ببناء ثالث أهرامات هضبة الجيزة، ومع صغر مساحة قاعدة الهرم، يبلغ ارتفاع الهرم الأصلي 65 مترًا مما يجعل هرم الملك منكاورع هو الأصغر على قاعدة مربعة، كما أكده د. حسين عبد البصير عالم الآثار المصرية ومدير متحف الآثار مكتبة الإسكندرية . 

 

وأضاف عبد البصير ، أن طول كل ضلع منها حوالي 108 أمتار، ويرجع هذا الصغر في الحجم إلى عدة عوامل منها صغر المساحة المتبقية على هضبة الجيزة، والمواد المستخدمة في الغلاف الخارجي لهرم الملك منكاورع؛ إذ استخدم أسلافه الحجر الجيري لكساء أهرامهم، في حين استخدم الملك منكاورع الجرانيت المجلوب من أسوان، على بعد أكثر من 800 كم من الجيزة، حتى المدماك السادس عشر، وكانت تلك المادة أصعب بكثير من الحجر الجيري في الشحن والنقل، ومع ذلك فإن الربع السفلي من الهرم هو فقط المكسو بالجرانيت، بينما تم كساء بقية الهرم بالحجر الجيري. 

 

وأكد عبد البصير ، أن المشروعات الغير مكتملة تساعد في علم الآثار في فهم الأساليب المستخدمة لبناء الأهرامات والمعابد، وتقع جنوب هرم منكاورع ثلاثة أهرامات تابعة، ويصاحب كل منها معبد وبنية تحتية، ومثلما كان بجوار الهرم الاكبر، يمكن رؤية ثلاثة أهرامات أصغر بجوار هرم الملط منكاورع، وكانت تلك الأهرامات تستخدم لدفن ملكات عهده، والهرم الأول خاص بزوجة الملك منكاورع الملكة خع مرر نبتي الثانية. 

 

ومع ذلك، لم يتم اكتشاف الهريم الخاص به، ولكن يعتقد أن أكبر هرم الملكات الثلاثة كان هو الهريم، وتوفي الملك منكاورع قبل الانتهاء من بناء مجموعته الهرمية؛ إذ لم يكن تم صقل الكثير من كتل الكساء الجرانيتي الخاص بالهرم. 

 

وكان من المفترض أن يتكون المعبد الجنائزي ومعبد الوادي الخاص من كتل ضخمة من الحجر الجيري المكسوة بالجرانيت، لكن تم البناء بهما فعليًا باستخدام الطوب اللبن الأبيض، وعلى الرغم من ضعف تلك الامكانيات، إلا أن تقديس الملك منكاورع استمر لمدة 300 عام أخرى بعد وفاته، ونظرًا لوفاة الملك، فقد قام ابنه الملك شبسسكاف باستكمال الكسوة، وباقي المجموعة الهرمية. 

 

وتم الحفر في معبد الوادي الخاص بالملك منكاورع بين عامي 1908 و1910 ميلادية بواسطة جورج رايزنر، ووجد عددًا كبيرًا من التماثيل معظمها للملك منكاورع وحده، أو كعضو في تماثيل جماعية، وتم نحت جميعها بالأسلوب الفني الخاص بعصر الدولة القديمة، وبدرجة عالية من التفاصيل، وفي المعبد الجنائزي، كانت الأساسات والقلب الداخلي مصنوعة من الحجر الجيري. وبدأت الأرضيات بالجرانيت.

 

 وأُضيفت الواجهات الجرانيتية إلى بعض الجدران، وتم بناء أساسات معبد الوادي من الحجر، ولكن تم الانتهاء من المعبدين بالطوب الخام، وقدر ريزانر أن بعض الكتل الحجرية المحلية في جدران المعبد الجنائزي تزن ما يصل إلى 220 طنًا، في حين أن أثقل الكتل الجرانيتية المستوردة من أسوان تزن أكثر من 30 طنًا. 

 

ومن المفترض أن خليفة الملك منكاورع الملك شِبسسكاف أكمل بناء المعبد، وجاء في نقش في المعبد الجنائزي ما يلي "جعله (المعبد) نصبًا تذكاريًا لوالده ملك مصر العليا والسفلى" ، وبالنسبة لمعبد الوادي منكاورع، خطط مهندسو الملك لبناء مبنى ضخم بهندسة معمارية من الحجر الجيري والجرانيت، والتي كانت تهيمن على ميناء استقبال المجمع الجنائزي. 

 

وأفاد عالما الآثار الإيطاليان فيتو ماراجيوجليو وسيليست رينالدي، اللذان درسا المعبد ولاحظا الخطة، أنه في المشروع الأولي اُفتتح المعبد ببابين جانبيين يؤديان إلى دهليز بأربعة أعمدة، يسبق قاعة ذات سقف مدعوم بأعمدة، ينفتح جانبها الجنوبي على ممر يصل إلى جسر الهرم. ومع ذلك، مثل باقي المجموعات الهرمية، فإن معبد الوادي بالكاد تم رسمه. 

 

ولم تكن أسس وقواعد البناء قد اكتملت في وقت وفاة الملك، ثم تم الانتهاء منها بواسطة ابنه الملك شبسسكاف لصالح والده، والتي، كما فعل في المعبد الجنائزي، عدل المخطط واستخدم الطوب لتسريع الانتهاء من الأعمال. 

 

ثم قام بترحيل المدخل المؤدي إلى الطريق الجنوبي، وخلق فناءً كبيرًا بدلاً من الغرف ذات الأعمدة، وفي المقدمة، كان يوجد هيكل مسبق مبني بمدخل محوري، يؤدي إلى غرفة أولى، بسقف مدعوم بأربعة أعمدة، ربما من الخشب. 

 

وتوزع تلك الغرفة إلى الشمال والجنوب بواسطة ممرين سلسلة من الغرف تهدف إلى الاحتفاظ بعروض الطعام المقدمة للمعبد، وإلى الجنوب من هرم الملك، توجد ثلاث أهرامات تمتد من الشرق إلى الغرب، وتم تحديدها على التوالي في مخططات المقابر G3a وG3b وG3c. 

 

ولكل منها معبد صغير للعبادة، يقع على وجهه الشرقي، والهرم الأول (G3a) هو هرم أملس المنحدر، وكان يبلغ ارتفاعه في البداية أكثر من ثمانية وعشرين مترًا بقليل، وكانت وجوهه الأربعة مغطاة بواجهة من الحجر الجيري الناعم من طرة، التي تم التقاطها منذ فترة طويلة.

 

 ويوجد على وجهه الشمالي مدخل يفضي إلى منحدر يؤدي بعد عبور الهبوط إلى غرفة تحت الأرض حيث تم العثور على تابوت من الجرانيت، والمعبد الجنائزي الذي يمكن الوصول إليه من الركن الشمالي الغربي لمجمع الهرم الصغير يتجه من الشرق إلى الغرب، ويحتوي على فناء كبير في الهواء الطلق، وجزء مغطى، يضم سلسلة من الغرف المخصصة للعبادة مثل المعبد الجنائزي للملك، والذي يبدو أنه نسخة صغيرة الحجم، والهرمان الآخران عبارة عن هرمين متدرجين ومعبديهما، وهما أضيق بسبب المساحة الصغيرة المتاحة بين كل نصب تذكاري، ويواجهان الشمال، باتجاه هرم الملك، ولكل منها أيضًا منحدر يمكن الوصول إليه من الوجوه الشمالية للأهرامات المؤدية إلى غرف صغيرة منحوتة في الصخر.

 

وعن أعمال التنقيب في الهرم G3b :

 

 وكشفت أعمال التنقيب في الهرم G3b عن تابوت، تم فيه اكتشاف بقايا جثة شابة، ولم يتم اكتشاف أي نقش يسمح بالتعرف على هوية صاحبه، ومن ناحية أخرى، تم اكتشاف علامة على أحد ألواح التغطية عبارة عن خرطوش الملك منكاورع من غرفة الدفن، يشهد على أن بناء ذلك الهرم الصغير قد بدأ بالفعل في عهد الملك، وكان جزءًا لا يتجزأ من مخطط المجمع، ومن المؤكد أن مظهره غير المكتمل كهرم متدرج يفسر بانقطاع الأعمال عند وفاة الملك، يعتبر الهرم الثالث بالقياس أيضًا هرم ملكة لم يكتمل، ومع ذلك، فإن استكشافه لم يسفر عن وجود أي تابوت، وفي نهاية القرن الثاني عشر الميلادي، حاول الملك العزيز عثمان بن يوسف، نجل ووريث الناصر صلاح الدين الأيوبي، هدم الأهرامات بدءًا من هرم الملك منكاورع. 

 

وظل العمال الذين جُندوا لهدم الهرم في عملهم لمدة ثمانية أشهر، لكنهم وجدوا أن التدمير يكاد يكون باهظ التكلفة مثل البناء، وتمكنوا فقط من إزالة حجر أو حجرين كل يوم، واستخدم البعض إسفين، ورافعات لتحريك الأحجار، بينما استخدم البعض الآخر الحبال لهدمها. وعندما كان يسقط الحجر، فإنه كان يدفن نفسه في الرمال، مما تطلب جهودًا غير عادية لاستخراجه. 

 

واستخدمت الأوتاد لتقسيم الحجارة إلى عدة قطع، واستخدمت عربة لنقلها إلى أسفل الجرف، حيث تُركت، وعلى الرغم من جهودهم، فإن العمال كانوا قادرين فقط على إتلاف الهرم إلى حد ترك جرح رأسي كبير في واجهته الشمالية. 

 

أهرام الملكات جنوب هرم منكاورع :

 

إلى الجنوب من هرم منكاورع توجد ثلاثة أهرام صغيرة، من الشرق إلى الغرب، وتم تحديدها على التوالي في مخططات المقابر G3-a، G3-b وG3-c، ومن المحتمل جدًا أن يكون أحدها هو الهرم الجانبي المعتاد، وقام بفحصها "برنج" و"ﭬيز"، والشرقي منها مربع القاعدة، وطول كل ضلع منها 36 مترًا، وارتفاعه الحالي 10 أمتار، وهو مشيد بكتل كبيرة من الأحجار الجيرية المحلية، وكان جزءًا منه، على الأقل، مكسوًا بالجرانيت الأحمر، ويوجد مدخل ذلك الهرم في واجهته الشمالية، وهو مغلق الآن، ويؤدي إلى ممر هابط في نهايته حجرة الدفن، وفي الناحية الغربية من حجرة الدفن، نجد تابوتًا من الجرانيت الأحمر، موضوعًا في أرضيتها.

 

 متحف الفنون الجميلة في بوسطن

 

وفي الناحية الشرقية من هذا الهرم، توجد بقايا هيكل من الطوب اللبن، وقد ظن بعض العلماء أنه هرم الملكة "خع مرر نبتي" الثانية، زوجة وأخت الملك منكاورع، والتي تقف إلى جواره في مجموعة تماثيله الشهيرة المحفوظة الآن في متحف الفنون الجميلة في بوسطن في أمريكا، وارتفاع الهرم الأوسط لا يزيد عن تسعة أمتار. وطول كل ضلع من قاعدته المربعة 36 مترًا، وهو مشيد بالحجر الجيري المحلي، ويتكون من أربع درجات، ولا يوجد دليل على أنه تمت كسوته. ويقع مدخله في الناحية الشمالية، وهو مفتوح، إلا أن الأتربة تملأ الجزء الأسفل منه في الوقت الحاضر، وتقع غرفة الدفن بنهاية الممر، وكما نعلم أن "برنج" و"ﭬيز" عثرا فيها على تابوت صغير من الجرانيت، يحتوي على هيكل عظمي لامرأة صغيرة السن، وعلى أحد أحجار تلك الحجرة كتابة تحمل اسم الملك منكاورع، وكان لهذا الهرم هيكل صغير من الطوب اللبن في الناحية الشرقية منه، أما الهرم الغربي منها، فارتفاعه تسعة أمتار، وطول ضلع قاعدته المربعة 36 مترًا، وهو ذو درجات، ومشيد بكتل كبيرة من الأحجار الجيرية المحلية، ويؤدي مدخله، المسدود حاليًا، إلى ممر هابط، ثم إلى ردهة، وبعدها حجرة الدفن، ولم يُعثر في تلك الحجرة على شيء يثبت استخدامها للدفن، ومن الجائز أن ذلك الهرم هو الهرم الجانبي في مجموعة الملك منكاورع الهرمية.

 

ولذلك الهرم، مثل الهرمين الآخرين، هيكل صغير من الطوب اللبن في الجهة الشرقية منه، ومن ناحية أخرى، فإن ذلك الهرم يمثل جانبًا أكثر تدهورًا؛ بسبب محاولة التدمير التي بدأت أثناء الحملة الفرنسية على مصر.

 

 وسعيًا لدراسة بناء الأهرامات عن طريق تفكيكها، بدأ العلماء في ذلك الوقت هذا العمل عن طريق عبور النصب التذكاري مباشرة، على أمل اكتشاف غرفه السرية، وتوقفت أعمال التدمير تلك مع فشل حملة نابليون بونابرت التي هزمها تدخل الأتراك والإنجليز. 

 

ويُذكر أن تلك لم تكن المحاولة الأولى لإلحاق الأذى أو التدمير بالأهرامات المصرية؛ ففي نهاية القرن الثاني عشر حاول الملك العزيز عثمان بن يوسف، نجل ووريث الناصر صلاح الدين الأيوبي، هدم الأهرامات بدءًا من هرم الملك منكاورع.