خبير آثار: المتحف القبطي سجل مشرّف فى ذاكرة مصر الحديثة

الاحتفال بذكرى المتحف القبطي
الاحتفال بذكرى المتحف القبطي

شهد أحمد عيسى- وزير السياحة والآثار، فعالية الاحتفال بمرور 114 عام على إنشاء المتحف القبطي بمنطقة مجمع الأديان بمصر القديمة وافتتح قاعة عرض مخطوط سفر المزامير بعد الانتهاء من ترميمه وتوثيقه
وفى ضوء ذلك يوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، بأن مبنى المتحف القبطي نفسه مسجل في عداد الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، تم إنشاؤه عام 1898م وافتتاحه رسميًا عام 1910، ليصبح بذلك المتحف الأول والوحيد بالعالم المتخصص في الآثار القبطية .

اقرأ أيضا| أصل الحكاية| تاريخ أقدم كتاب كامل للمزامير القبطية في المتحف القبطي بعد ترميمه

ويشير الدكتور ريحان، إلى أن واجهة المتحف القبطى هى رسالة سلام ومحبة فى حد ذاتها باعتبارها لوحة معمارية استثنائية لا مثيل لها فى العالم وقد قام  مؤسس المتحف القبطى مرقص سميكة باشا بنسخ واجهة جامع الأقمر الفاطمى بشارع المعز لتكون واجهة المتحف القبطى حين تأسيسه لتؤكد قيم التلاحم والتعانق بين الأديان فى مصر وأن العمارة المسيحية والإسلامية فى مصر هى منظومة تواصل حضارى وتأثير وتأثر وتشابك والتحام فى نسيج واحد بخيوطه من سداه ولحمة.

وتعد هذه الواجهة نموذجًا طبق الأصل من واجهة جامع الأقمر وقد أضاف إليها الفنان التشكيلى راغب عياد الرموز المسيحية، وولد مرقص سميكة عام 1864 فى عائلة قبطية عريقة تضم رجال دين ورجال قضاء وعمل بالآثار القبطية حتى وفاته وكان عضوًا فى مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية والجمعية التشريعية ومجلس المعارف الأعلى والجمعية الملكية الجغرافية ومجلس أعلى دار الآثار العربية وعضو مجلس الأثريين فى لندن وعضو مجلس إدارة جمعية الآثار القبطية بالقاهرة ومن مؤلفاته دليل المتحف القبطى والكنائس الأثرية فى مجلدين باللغتين العربية والإنجليزية ووضع فهارس المخطوطات العربية والقبطية الموجودة بالمتحف القبطى.

ويضيف الدكتور ريحان، بأن المتحف القبطى يقع بمنطقة مصر القديمة أمام محطة مترو الأنفاق وقد أفتتح رسميًا عام 1910، وأنشئت المبانى الأولى لهذا المتحف على جزء من الأرض التابعة لأوقاف الكنيسة القبطية قدمها البابا كيرلس الخامس البطريرك 112، وقد سمح أيضًا بنقل جميع التحف والأدوات القبطية الأثرية كالمشربيات والأسقف والأعمدة الرخامية والنوافذ واللوحات والحشوات الخشبية المنقوشة والأبواب المطعمة والأرائك والبلاطات الخزفية التى كانت فى منازل الأقباط القديمة و ظل المتحف القبطى ملكًا للبطريركية حتى عام 1931، حين قررت الحكومة ضمه إلى أملاك الدولة لأنه يمثل حقبة هامة من سلسلة حقبات الفن والتاريخ المصرى القديم  وتقديرًا لمرقص سميكة باشا قامت الحكومة بعمل  تمثال نصفى له على نفقة الدولة أقيم وسط الحديقة الخارجية أمام مدخل المتحف.

ولفت الدكتور ريحان، إلى أن جامع الأقمر يقع بشارع المعز لدين الله بناه الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله أبو على المنصور بن المستعلى الخليفة السابع من خلفاء الدولة الفاطمية فى مصر عام  519هـ ، 1125م وأشرف على البناء الوزير أبو عبد الله محمد بن فاتك البطائحى المعروف باسم المأمون البطائحى بمنطقة  النحاسين، وواجهة الجامع مبنية كلهّا بالحجروباقى الجامع مبنى من الداخل بالطوب.

ويمتاز جامع الأقمر بجمال زخرفة الواجهة التى تعتبر أول واجهة مزخرفة في المساجد القاهرية وقد ظهر فى مدخل الجامع العقد المعشق لأول مرة فى عمارة المساجد وقد انتشر بعد ذلك فى العمارة المملوكية فى القرن الخامس عشر الميلادى وفوق هـذا العقد يوجد العقد الفارسى على شكل مروحة تتوسطها دائرة فى مركزه.

وبمنتصف الواجهة فوق الباب عقد مزين بدائرة زخرفية تخرج منها أضلع بارزة يراها البعض كما لو كانت الشمس وأشعتها وفى منتصفها دائرة أخرى كتب بها محمد وعلى وحولها دائرة أخرى زخرفية ثم دائرة تحمل الآية القرآنية المتكررة بكثرة فى الآثار الفاطمية «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» ، وعلى يمين هذا العقد ويساره زخرفة مقرنصات وهى أقدم مقرنصات لا تزال باقية على واجه مبنى إسلامى.

وتابع الدكتور ريحان، بأن المتحف القبطى يضم حوالي 16000 قطعة أثرية مرتبة فى 12 قسم ترتيبًا تاريخيًا، ومن أهم مقتيناته شاهد قبر من الحجر الجيري يظهر التداخل بين علامتي الصليب والعنخ (نهاية القرن 4م)، قطعة نسيج عليها بعض الرموز المسيحية (القرن 6م)، نقش علي مشط من العاج يظهر بعض معجزات السيد المسيح (القرن 7م).

تاج عمود من الحجر الجيري مزين بشكل عناقيد العنب (القرن 7م)، مسرجة من البرونز لها مقبض على شكل الهلال والصليب (القرن 13م).

ويضم الجناح القديم للمتحف مجموعة من قطع الأثاث الخشبية والأبواب المطعمة والباب المصنوع من خشب الجميز الخاص بحامل أيقونات كنيسة القديسة بربارة، كما يضم لفائف نبات الأكانتس وأوراق العنب وأفاريز مزدانة بأرانب وطواويس وطيور، علاوة على مخطوطات للكتاب المقدس.