بـ ..حرية !

البرتقال أشد من القنابل

محمد عبد الحافظ
محمد عبد الحافظ

ربيع أبو حسن بياع برتقال غلبان على باب الله، يخرج على «فرشته» فى الشارع على الرصيف بعد أذان الفجر، وهى عبارة عن قفصى برتقال على يوسفى يشتريها بالأجل، أى أنه يدفع ثمن البضاعة لتاجر الجملة بعد أن يبيعها، فهو لا يملك رأس مال، وما يفيض فهذا هو رزقه ورزق عياله.

منذ يومين شاهد شاحنات الإغاثة فى طريقها إلى غزة، وبعفوية تناول البرتقال وأخذ يقذف به فوق الشاحنات ليصل إلى الشعب الفلسطينى، دون أن يتردد ويفكر لحظة فى أن هذا البرتقال هو قوته وقوت عياله.

ما فعله عم ربيع يلخص ببساطة شديدة موقف مصر وشعبها من القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى الشقيق، الذى يباد على أيدى قوات الاحتلال الغاشم، وبدعم أمريكى وأوروبى.

مصر بها ١٠٠ مليون عم ربيع كلهم نموذج للإنسانية والجدعنة والإيثار والنخوة والتضحية.

وظنى أن ما فعله عم ربيع لا يقل تأثيره على إسرائيل عما تعرضت له فى ٧ أكتوبر عندما كشف هذا اليوم هشاشتها، وضعفها.. وبرتقال عم ربيع نزل على الإسرائيليين أقسى من القنابل، وأشد من قرار محكمة العدل الدولية، فلقد أيقنوا أن لا الشعب الفلسطينى سيفرط فى قضيته، ولا الشعب المصرى سيتخلى عن مساندة الشعب الفلسطينى، ولن يتنازل عن حبة رمل فى سيناء، فمن يضحى برزقه من أجل الغير، يتخلى عن حياته من أجل وطنه، وهذه معانٍ لو تعلمون عظيمة، لا يتعلمها الإنسان فى الكتب ولا ينفذها بقرار، ولا تشترى ولا تباع، ولكنها تولد مع المصريين ويرضعها الأطفال من صدور أمهاتهم.

قد تستطيع إسرائيل النازية أن تشن غاراتها على الشعب الفلسطينى، وأن تتجاهل حكم محكمة العدل الدولية ولا تنفذه، ولكنها لن تستطيع أبدا أن تقاوم أو توقف مثل ما فعله عم ربيع.
الكرم والسخاء لا يقاسان بكثرة ما تعطيه ولكن بقدر إيثارك على نفسك من أجل الآخرين.
هذه صفات المصريين التى يخشاها أعداؤنا ويحاربنا من أجلها، فقوة مصر ليست فقط، بأسلحتها وعتادها ولكن بشعبها.
حفظ الله مصر وشعبها.