التاريخ لا زال حاضرا..

«عم السيد».. حكاية أقدم صانع «برانيط» في الإسكندرية| صور

عم السيد
عم السيد

رائحة التاريخ تفوح من على بعد أمتار، وأصالة المكان، وأثاث مر الزمن عليه، في زقاق ضيق من أزقة منطقة بحري في الإسكندرية، لا صوت يعلو فوق صوت ماكينة خياطة عم السيد الخطيب.

اقرأ أيضاً| ضبط 16 طن أعلاف و14 طن ذرة صفراء مجهولة المصدر بمصنعين بالإسكندرية

الرجل السبعيني، يجلس بهيئته الوقورة، وحوله كميات كبيرة من القبعات "البرانيط"، ومنسوج عليها كلمات بالإنجليزية عن الحضارة المصرية، وصور الملك توت وعين حورس، والعديد من ملوك الفراعنة القدامى.

"الخطيب" أقدم صانع "برانيط" في مصر، هو ووالده كانا يصنعان القبعات الملكية للملك فاروق والحاشية الملكية، خاصة القبعة البيضاء والتي كان يحب أن يرتديها فاروق الأول. 

يقول عم السيد الخطيب، إنه ورث المهنة من والده الذي تعلمها من الأجانب الذين كانوا يعملون بها في ذلك الوقت، وبدء بها في سن صغير من عمره، وكان والده يقوم بتصنيع طواقي الصيادين والجناينية، وتطورت بعد ذلك إلى صناعة البورنيطة، وكانت الورشة متخصصه في تلك الصناعة منذ إنشائها حتى الآن. 

وأضاف "الخطيب" أن جميع المنتجات في الورشة صناعة مصرية كاملا وجميع الخامات متوفرة، وهو من المهتمين بتاريخ مصر وبالرموز الأثرية والتاريخية وأنه يقوم  بوضعها على منتجاته، لأن المنتج المصري يتفوق على المنتج المستورد، وهويسعى سعيا حثيثا لتطوير نفسه ومهنته، لأن والده كان مستمر في تطوير المهنة.

ويحكي "عم السيد" عن والده أيقونة تلك الصناعة في مصر، أنه كان  له زبائنه من الجاليات الأجنبية التي كانت تعيش في مدينة الإسكندرية، وأن والده هو من قام بتصنيع البرانيط الخاصة بـ فيلم خلي بالك من زوزو للفنانة الراحلة سعاد حسني وأيضا صنع الكاسكيت الايطالي والفروقية الخاصة بـ أحمد سوكارنو أول رؤساء إندونيسيا وكان مشهور بها.

ويتابع الخطيب أنا ورثت المهنة ولم أرثها فقط إنما ورثت التاريخ من أبي، فبعد أن سطر والده تاريخ كبير في هذه الصناعة، كان لابد أن استغل هذا التاريخ وأطوره، فقمت بالتطوير في  الخامات والموديلات لمواكبة الحداثة، وخاصة أنه الورشة التي تنافس الصناعة الأوروبية المتخصصة في تلك الصناعة.

وأضاف "الخطيب"، أن الأجانب أنفسهم يقبلون على شراء منتجات ورشتي، ويأتون كل عام خصيصا لي، لأن منتجات ورشتي  تتميز بالجودة العالية، وأيضا لأن سعرها أرخص من المنتج المستورد، ومزينة ومرصعة بالحضارة الفرعونية كدعاية لمصر.

وأكد "الخطيب" أن وضعه الصور والرموز الفرعونية ينشط السياحة، ويقوم بعمل ترويجي كبير لمصر، لإن الأوروبيين يحترمون حضارتنا، ويحبونها جدا، وهذه الرسوم غير متوفرة لديهم، يأتيني ألمان وفرنسيون وإيطاليون ويونانيون، من كل الجنسيات خصيصا لشراء القبعات بالرموز الفرعونية، ولذلك قمت بتعليم نفسي 6 لغات من شرائط الكاسيت وأنا جالس في ورشتي حتى أستطيع التواصل معهم.