أصل الحكاية| شونة الزبيب بأبيدوس أقدم مبنى بالطوب اللبن في العالم.. بالصور  

 شونة الزبيب بأبيدوس
شونة الزبيب بأبيدوس

يعد مبنى شونة الزبيب فى أبيدوس قيمة عالمية استثنائية وتفرد لمصر فهو أقدم مبنى من الطوب اللبن في العالم، وقد ذكر في القرآن الكريم براعة المصرى القديم فى عمل الطوب اللبن وحرقه والبناء به فى الآية 38 من سورة القصص "فَأَوْقِدْ لِى يهمن على الطين فَلجعل لى صرحا" والإيقاد على الطين هي ما يعرف اليوم بقمائن الطوب اللبن والذى يتم حرقه ليصبح طوبًا أحمر، كما أكده خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية.

وأضاف الدكتور ريحان، أن المصرى القديم عرف البناء بالطوب اللبن منذ عصر الأسرة الأولى اعتبارًا من سقارة ونقادة ومقابر أبيدوس وفي سقارة نرى هندسة معمارية متطورة للغاية تستخدم في البناء المقابر والمصاطب من الطوب اللبن بنفس نبوغه فى البناء بالأحجار، وشيد مسكنه من الطين وشيدت أيضا قصور العظماء من الطوب اللبن، كما شيدت البنية الفوقية لمقابر عصور بداية الأسرات من الطين كما هو الحال بمقابر سقارة بالرغم من كل هذا التقدم في عمارة الأحجار إلا أن المصري القديم لم يفشل في الهندسة المعمارية في بناء الطوب فلقد أستخدم الطوب اللبن أيضا في العمارة المحلية والدينية والجنائزية لذا يمكننا القول بأن هندسة الاستيطان في مصر القديمة لعبت دورًا مهمًا وعمليًا للغاية وذلك طبقًا لما جاء فى دراسة أثرية للباحث الآثارى على محمد أحمد على تحت عنوان "عمارة الطوب اللبن في مصر القديمة".

ونوه الدكتور ريحان، إلى أن أبيدوس تميزت بنوع من الطوب يبلغ طوله أكثر من 70سم ومن أجل تدعيم البناء استخدم المصري القديم بعض من المواد كحشوات بين مداميك الطوب اللبن مثل الأخشاب والقش أو حزم من القصب في تدعيم سقف بعض المباني واستخدمت العواض الخشبية بشكل أكبر في العمارة.

وتعد "شونة الزبيب"، أقدم الأمثلة على براعة المصرى القديم فى عمل الطوب اللبن والبناء به وهو الموقع الذى ظل لآلاف السنين مكانًا مقدسًا يقصده الحجاج المصريين وكانوا يقومون بتقديم قرابين من العنب داخل أوانى من الفخار كان بيتم دفنها فى المكان، و بمرور الزمن تحول العنب إلى زبيب داخل الأواني. 

وتعود الأهالي علي رؤيه كسر الفخار وبداخلها الزبيب ولذلك اعتقد الأهالي أن المكان عبارة عن شونة أو مخزن لتخزين الزبيب ولذلك أطلقوا عليه "شونة الزبيب".

ويشير الباحث الآثارى باسم سليمان أبو خرشوف من قرية عرابة أبيدوس ودرس الآثار المصرية القديمة بآداب سوهاج إلى أهمية شونة الزبيب ويسرد عدة آراء عن سبب التسمية ومنها أن الرهبان المسيحيين المقيمين في دير الست دميانة بالقرب من الشونة استخدموا المكان لتشوين وصناعة الزبيب لذلك أطلقوا عليه شونة الزبيب، وظل الإسم ملتصقًا بالمكان حتى الآن برغم أبحاث علم المصريات التي كشفت الغرض من تشييد المبنى وهو أنه "بيت الكا" (بيت الروح) وبيت الكا هو الذي أصبح فيما بعد المعابد الجنائزية.

ويعتقد أنها بنيت في عام ٢٧٠٠ قبل الميلاد في عصر الملك خع سخم وي آخر ملوك الأسرة الثانية ووالد الملك زوسر مؤسس الأسرة الثالثة، ويعتقد أيضا أنها معبد الوادي الخاص بمقبرة الملك خع سخم وأيضا أنها قلعة عسكرية استخدمت في محاولات توحيد مصر الأولي، ووجد علماء الآثار العديد من قطع الفخار مسجل عليها اسم الملك خع سخم وي لذلك نسبوا إليه بناء المكان .

وأشار الباحث الآثارى باسم سليمان أبو خرشوف، إلى أن مساحة شونة الزبيب 10 آلاف متر مربع وشونة الزبيب فيها نفس السمات المعمارية الموجودة فى المجموعة الهرمية للملك زوسر مع فارق وحيد هو أن شونة الزبيب مبنية بالطوب اللبِن، وجدران المبني مشيد بأسلوب البارز والغائر أوالمشكاوات والغرض منه إبراز العلاقة بين النور والظِل وتدعيم المبني، وظهرت هذه النوعية فى أبيدوس ثم اتنقلت إلى سقارة. 

وكذلك شكل بوابات ومداخل شونة الزبيب تعد نسخة من بوابة دخول هرم الملك زوسر في سقارة نفس المقاسات والأبعاد وأيضا سقف المدخل على شكل جذوع نخل مرصوصة فى صف واحد، وقد استوحى المهندس ايمحتب شكل شونة الزبيب والمدخل والجدران فى سقارة وكأنه رفع المقاسات والشكل ونفذه مرة أخري لكن من الحجر الجيري بدلًا عن الطوب اللبن.

وفي كتاب وصف مصر الجزء 23 يصف شونة الزبيب بأنها مليئة بالمومياوات والرمال تغطيها وهناك رأي أن جدران شونة الزبيب كانت تحيط بـمصطبة مدرجة وهي الصورة الأولية للهرم المدرج.

وفى سنة 1988 اكتشف عالم المصريات "ديفيد أوكنر" بقايا مصطبة مدرجة مكونة من 4 درجات كانت مشيدة من أكوام من قطع الحجر الجيرى المغطى بالطوب اللبِن لكنها اختفت بمرور الزمن، وبالتالى فإن فكرة الهرم المدرج ولدت فى أبيدوس و بدأت على شكل مصطبة مدرجة ثم هرم مدرج، وايضا اكتشف عالم المصرييات "ديفيد أوكنر "خارج أسوار شونة الزبيب ١٤ مركب مدفونة في قبور من الطين اللبن مقاساتها 28 متر طول و2 متر عرض و 75 سم الغاطس، اعتقد العلماء في البداية أنها من عصر الملك خع سخم وي، لكن أثبتت الدراسات أنها اقدم بكثير، ويعتقد أن هذه المراكب كانت مدفونة رمزيًا كقوارب الشمس التي يستخدمها الإله رع في رحلته في السماء في المساء حتي شروق الشمس مرة أخري بالنهار.