النقاد يكشفون .. سر ريمونتادا « الحريفة » فى تصدر شباك التذاكر

فيلم الحريفة
فيلم الحريفة

أحمد‭ ‬إبراهيم

يربط الكثيرون فكرة وجود تشابه كبير بين النجاحات التي حققها فيلم “أوقات فراغ” عام 2006، وفيلم “الحريفة” في عام 2024، وأول عامل للربط كانت التجربة التي ضمت في بطولتها مجموعة من الشباب الذين هم في بداية البطولة المنفردة بالسينما، والثاني إقتراب الأفكار والموضوعات المقدمة من الشباب والتحدث بلغتهم القريبة منهم، والثالث كلاهما التجربة الأولى للأثنين مخرجين الأول كان محمد مصطفى والثاني للمخرج رؤوف السيد، وكذلك التأليف “أوقات فراغ” لعمر جمال و”الحريفة” لإياد صالح في تجربته الأولى بالسينما، وعلى مستوى الخريطة السينمائية فكل الفيلمان حققا مفاجأت كبيرة في سوق السينما كلا في وقته، وكلاهما تفوق على أفلام احتوت على أسماء نجوم كبار.

فيلم “أوقات فراغ” الذي بدأ عرضه في 1 نوفمبر عام 2006، تفوق على أفلام طرحت معه مثل “لعبة الحب، عليا الطرب بالثلاثة، ثمن دستة أشرار”، أو بعده بأيام، خاصة فيلمي النجمين كريم عبد العزيز وأحمد حلمي “في محطة مصر” و”مطب صناعي” على الترتيب، وفيلم “خيانة مشروعة” للمخرج خالد يوسف، واستطاع “أوقات فراغ” تحقيق المفاجأة وظل صامدا، خاصة أن هذا العام كان هناك أفلاما ممتدة منذ موسم الصيف، مثل “عمارة يعقوبيان” لعادل إمام، “حليم” لأحمد زكي، “عن العشق والهوى” لأحمد السقا، “واحد من الناس” لكريم عبدالعزيز، “عودة الندلة” لعبلة كامل” و”كتكوت” لمحمد سعد.

بعد مرور ما يقرب من 18 عاما نجد أن فيلم “الحريفة” الذي طرح في 4 يناير الماضي، يحقق نفس “الريمونتادا” ويعتلي صدارة الإيرادات خلال النصف الأول من الموسم السينمائي الحالي، استطاع “الحريفة” الخروج كما يقال بالتعبير الكروي بالتدريج “من تحت”، حتى راوغ الجميع وقام بتنفيذ الهجوم الخاطف ليصل لـ”النمبر وان” الجلوس على قمة الترتيب منفردا، متفوقا على أقرب منافسيه فيلم “أبو نسب” لمحمد إمام الذي طرح في ديسمبر من العام الماضي، وأيضا التفوق على أفلام طرحت معه في نفس التوقيت على غرار “الإسكندراني” لأحمد العوضي وإخراج خالد يوسف، و”شماريخ” لعمرو سلامة”.

تخطت إيرادات فيلم “الحريفة” حاجز 37 مليون جنيه، حيث تصدر رسميا قمة شباك تذاكر أفلام موسم نصف العام، والفيلم يشارك في بطولته نور النبوي، أحمد غزي، المطرب كزبرة، خالد الذهبي، نور إيهاب، ونجم كرة القدم والمحلل الكروي أحمد حسام “ميدو”، لهذا نفتح باب النقاش مع النقاد حول أسباب النجاح الكبير الذي حققه الفيلم، وكيف يمكن استغلال هذا النجاح مستقبلا؟

يقول الناقد رامى المتولي: “(الحريفة) تجربة جيدة في المجمل، ويستحق هذا الاهتمام، ونحن أمام عمل سينمائي مكون من مجموعة من الشباب الصاعد يتصدرون بطولته، في مغامرة كانت غائبة منذ فترة طويلة عن الساحة السينمائية، وتحسب للمنتج طارق الجنايني الذي آمن بالفكرة وقرر خوض المغامرة بعيدا عن حسابات السوق والمكسب والخسارة، حيث أن المغامرة لم تطول الأبطال فقط، لكن أيضا فريق العمل خلف الكاميرا المخرج والمؤلف، وأعتبر فيلم (الحريفة) تجربة مهمة ستساهم في تشكيل واقع للجيل الجديد بالسينما المصرية لسنوات مقبلة، لسببين أساسيين، أولا على مستوى فكرة الفيلم وتنفيذه، وثانيا النجاح في كسب ثقة الجمهور والذي تم ترجمته لتصدر الإيرادات مؤخرا”.

 

ويقول الناقد أندرو محسن: “هناك عوامل عدة مكنت (الحريفة) من تحقيق المفاجأة وحصد إيرادات ضخمة بالرغم من منافسة أفلام أخرى أكثر جماهيرية وشهرة على مستوى الجماهير، أول العوامل كان السيناريو المتقن، حيث لم يكن (الحريفة) مجرد فيلم ترفيهي كوميدي، لكن مستواه فنيا متميز، وهذا ما لمسته الجماهير بعد المشاهدة، والعامل الثاني طرح ومناقشة قضايا حقيقية تتعلق بكرة القدم التي تقدم الرياضة الأقرب للجماهير بشكل عام وللجمهور من الشباب المهتمين بمشاهدة الأفلام داخل قاعات العروض بشكل خاص، لأن جمهور كرة القدم بمفردهم قادرون على تحقيق النجاح لأي فيلم بسهولة إذا شعروا أن الفيلم يطرح تلك النقطة بشكل إحترافي يحترم عقولهم والرياضة التي يعشقونها، بالإضافة إلى ظهور الفيلم بصورة واقعية، حيث تم تقديم الواقع المعاصر دون تجميل مما جعله أكثر جذبا”.

ويضيف أندرو: “العامل الثالث والأهم الدعاية الشفهية، حيث لم يتم إنفاق دعاية ضخمة للفيلم مثلما حدث مع فيلم (عصابة عظيمة)، على سبيل المثال، أو أفلام أخرى، بسبب المستوى المميز والغير المتوقع للفيلم تحققت له الدعاية من قبل الجماهير الذين شاهدوه، بالتالي كان يقدمون النصائح لمشاهدته، وهو ما جعله يحقق قفزة كبيرة بالإيرادات، خاصة مع بداية الأسبوع الثاني من العرض، فقد حقق خلاله ما يقرب من 16 مليون جنيه”.

ويقول الناقد أحمد سعد الدين: “نجاح (الحريفة) يعود لعدة أسباب، أولها أن الفيلم يناقش ويطرح أفكار الشباب بشكل مميز ومتعمق لهذا جذب شريحة الأهم والأكبر لمتابعي السينما، حيث أن معظم المترددين على دور العرض أعمارهم لا تتخطى حاجز الـ40 عاما، وهو نفس العمر الذي تم مناقشة بعضا من القضايا التي تهمه من خلال الفيلم، وأيضا الفيلم تدور أحداثه حول كرة القدم من خلال مجموعة من اللاعبين، وبالتأكيد كرة القدم لديها قاعدة جماهيرية عريضة، والأفلام التي تتعلق بها تحقق نجاحات، لكنه ليس شرطا، فمن قبل شهدنا أفلام عن الكرة لكن لم تحقق أي شيء مثل (الزمهلاوية)”.

ويضيف سعد الدين: “سبب آخر لنجاح (الحريفة)، يتعلق بتراجع المنافسة، صحيح أننا أمام عدد كبير من الأفلام التي طرحت منذ بداية العام، لكن على مستوى أرض الواقع (الحريفة) ينافس فيلمين فقط، هما (الإسكندراني) لخالد يوسف، و(أبو نسب) لمحمد إمام، الذي وجد الجمهور إقتراب تفاصيله من فيلم والده النجم عادل إمام (عريس من جهة أمنية)، فتراجعت إيراداته بمرور الوقت، والفيلم الثاني (الإسكندراني) تأليف الراحل أسامة أنور عكاشة، وهو الاسم الذي أعتمد صناعه عليه فقط لتحقيق النجاح، دون النظر إلى أن سيناريو الفيلم قديم للغاية، ولا يناسب الوقت الحالي، فكان يجب عليهم إجراء تعديلات تواكب العصر، وبالتأكيد شعر المتفرجون بالأمر، لهذا تراجع هو الآخر، ووجد الجمهور ضالته في (الحريفة)، وهو مشروع جيد تم تنفيذه بصورة مميزة، يمزج بين الكوميديا والرياضة، بالإضافة لوجود مجموعة من الشباب الواعد الموهوب، مع تواجد النجم ميدو، ومشاركة مميزة لنجم الكوميديا بيومي فؤاد”. 

وعن توقعاته حول استغلال هؤلاء الشباب لهذا النجاح مستقبلا قال سعد الدين: “لا يمكن الحديث عن ذلك الآن، حيث أنهم مازالوا تحت الاختبار، ولا يكفي أبدا نجاح أول فيلم ليكون ضرورة إستمرار النجاح، فهذا الأمر يتوقف عليهم وعلى اختياراتهم، قد يتحول الأمر إلى مجرد نجاح لحظي، وعلى مستوى السينما المصرية نحن أمام نموذجين، الأول أبطال فيلم (صعيدي في الجامعة الأمريكية)، فمن بعده سيطر هذا الجيل على الساحة وحققوا النجاحات التي لم تتوقف على محمد هنيدي فقط، بل أمتدت إلى أحمد السقا ومنى زكي وهاني رمزي وفتحي عبد الوهاب وطارق لطفي، ومازالوا فرسان رهان في شباك التذاكر، فمنى زكي مثلا تحقق إيرادات جيدة جدا مع فيلمها الجديد (الرحلة 404)”.

ويستكمل سعد الدين حديثه قائلا: “أما النموذج الثاني الذي لم يستطع أبطاله استغلال نجاحهم الأول كان فيلم (أوقات فراغ)، الذي حقق نجاحات توازي (الحريفة)، وهما تجربتين متشابهتين إلى حد كبير، لكن بعد (أوقات فراغ) جاءت التجربة الثانية لهم متواضعة من خلال فيلم (الماجيك)، ثم تفرقوا، ولم يستطع تحقيق النجومية المنفردة باستثناء أحمد حاتم، لكن ليس بمنحنى ثابت، لهذا فإن معيار الإستمرارية يكون بعد نجاح عملين أو ثلاثة”.

بينما يقول الناقد محمود قاسم: “العمل الجيد يفرض نفسه على الجميع بصرف النظر عن من هم أبطاله، وهناك نماذج كثيرة في السينما المصرية صحيح أنها نادرة مؤخرا، لكن كان هناك (اللمبي) لمحمد سعد في بداية الألفية، والذي نجح في تصدر الإيرادات رغم أن الجمهور لم يكن يعرفه جيدا، وكذلك (أوقات فراغ) عام 2006، الذي اعتمد في بطولته على ثلاثي يقفون أمام الكاميرا لأول مرة، ونفس الحال مع (الحريفة)، حيث نجد أن نجاح هذه التجارب يعود لمستوى أبطاله وصناعه الجيد، وأنهم يخاطبون القاعدة الجماهيرية العريضة بصورة بسيطة وكوميدية بعيدا عن السطحية والافتعال، فقد وجد الجماهير أنفسهم في هؤلاء الأبطال، وتلك الأفلام تخاطبهم بطريقة سلسة ومقنعة، لهذا حققت النجاحات وتصدرت الإيرادات، بل وتفوقت على أفلام لنجوم أكثر شهرة، لكن يظل الجمهور ينتصر للعمل المميز أيا كان أبطاله”.

اقرأ  أيضا : الحريفة .. الفيلم الذى هزم الكبار في الأيرادات

;