عادل القليعي يكتب: وتزداد النعم.. بشكره سبحانه وتعالى

عادل القليعي
عادل القليعي

لست من أنصار المذهب الظاهري، القائم على الارتكان والارتكاز على ظاهر النص وتفسيره تفسيرا ظاهريا.
وإنما المجتهد الذي يعمل عقله هو الذي يغوص ويتعمق في باطن النصوص يأولها تأويلا يخدم واقعه الذي يحياه.

نتفق علي أمر بدهي لاينكره إلا جاحد، أو معاند، أو مكابر.

أو ضآل ومضل يجد الحق واضحا أمامه وضوح الشمس في كبد السماء، لكن مصر ومتكبر، وأصروا واستكبروا استكبارا.

هذا الأمر البداهي، أن نعم الله علينا كثيرة لا تعد ولا تحصي، (وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها.)

حاولوا أن تعددوا هذه النعم،ليس علي الإنسان فقط، بل علي كل المخلوقات.

ألم يقل الله تعالي، (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة.)

ظاهرة، أنه تعالي سخر لنا كل شيئ لخدمتنا،سخر الجبال ، والجبال أرساها لحفظ توازن الأرض.

البحار ،الأنهار، الشجر، الدواب ، الليل والنهار، الشمس والقمر.

(لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسبحون.)

كل في مجراته يسير في انتظام لا يحيد ولا يميد عما سخر له.

الخيل،البغال، الحمير لنركبها وزينة، ولتحمل أثقالنا إلي بلد لم نكن بالغيه إلا بشق الأنفس، وزينة ، شعورك بالراحة النفسية وأنت تنظر إلى جمال الخيول في حلبات السباق وتناسقها العضلي الجميل، وشعرها الجميل وهيرمونية وتناغم حركاتها، ألايشعرنا ذلك الجمال بإبداع المبدع جل وعلا.

ثم أنظر إلى نعم الله تعالي على الإنسان،(ألم نجعل له عينين، ولسانا وشفتين، وهديناه النجدين.)
هل من خالق غير الله،من الذي خلقنا فسوانا فعدلنا،في أي صورة ما شاء ركبنا.

الله تعالى أليست كل هذه نعم الله تعالى علينا ، ومن ثم وجب علينا، شكر المنعم سبحانه وتعالى.

هذه بعض نعم الله جل وعلا الظاهرة.

أما الباطنة فهى لا تعد ولاتحصي، انظروا الي الجوانب المادية في حياة الإنسان،من الذي أعطاك الآلات التي ينتظم بها عمل هذا الجسد، فمن الذي خلق بداخلنا الحرارة والبرودة واليبوسة بنسب ومقادير معتدلة لحفظ توازن واعتدال الجسد، بالضرورة المنطقية الله تعالي، لماذا لأنه لا أحد يستطيع أن يفعل ذلك وإلا سيحدث الاختلال النسبي والتناسبي، القلب،الكبد، الطحال،البنكرياس،المعدة،الأمعاء وحركاتها وانتظام هذه الحركات، هل من خالق غير الله، أروني ماذا خلق الذين من دونه.

في نومك من الذي يحفظك عليك نفسك ويردها عليك فتستيقظ، (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت، ويرسل الأخري إلي أجل مسمي.)

ثم انظروا واعتبروا أيدكم الله بروح منه، إلى أعظم نعم الله تعالي علينا نعمتي العقل والإرادة.

فبالعقل نميز بين الحق والباطل، الخير والشر، الحسن والقبح، الجميل والجليل.

وبالإرادة الحرة التي وهبنا الله تعالى إياها،نكون مسؤولون عن أفعالنا، وعن تصرفاتنا فبإرادتنا نتجه ناحية الثمين ونترك الغث.

أليست هذه نعم لا تعد ولاتحصي، ومن ثم وجب على كل ذي عقل رشيد، وعلم سديد، أن يشكر المنع سبحانه وتعالي.

وإذا ما وهبك الله نعمة لاتقل كنت أعلم أن الله سيؤتينا المال لأني اجتهدت وسعيت وعملت، لا لكن قل الحمد الله الذي وفقني للعمل فكثيرون يعملون ويحتهدون ورزقهم ضيق فقل الحمد لله.

لا تقل أني ذاكرت ونجحت بمجهودي،نعم ذاكرت واجتهدت، لكن من الذي وفقك وسددك وهيئ لك الأسباب، فلتشكر المنعم الذي أنعم عليك بكل هذه النعم.

فشكر المنعم يزيدها ويسمنها ويكثرها.

سيدنا إبراهيم أيقن نعم الله عليه فشكر الله تعالي على هذه النعم ،  أن هداه الله ووفقه إلى معرفته، أن وهبه الإبن بعد عقم طويل ، ووهب هذا الإبن الحياة بعد أن هيأه للذبح، فشكر الله.

ومن نعمه عليه أن رد عنه رجز الشيطان ووسوسته في موضوع ذبح ابنه.

شكر الله تعالي أن أخرجه من النيران الموقدة وجعلها بردا وسلاما، (قلنا يا نار كوني بردا وسلاما علي إبراهيم.)

لذلك قال الله إن إبراهيم كان أمة بذاته، لماذا لأنه شكر أنعم الله ولم يكفر بهذه النعم مثلما كفر بها قارون،عندما قال (إنما أوتيته علي علم عندي).

والنتيجة (فخسفنا به وبداره الأرض.)

وعاد وثمود،وقوم تبع، وأصحاب الايكة، وأصحاب الجنتين.

وفي كل عصر وفي عصرنا أقول لمحدثي النعمة، لاتطغوا في الأرض ولا تتكبروا على عباد الله باموالكم فالذي أعطاكم فى لمح البصر يسلبكم ولن يبقى إلا علمكم وسيرتكم بين الناس (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم،وإن أسأتم فلها).

فلا تظلموا بعضكم البعض وردوا الحقوق إلى أصحابها قبل أن يقتص منكم الحكم العدل يوم القيامة.
وإن كان بكم بقية جاهلية فعودوا إلى رشدكم واعلموا أن المنعم هو الله والذي يعطيك في لمح البصر يأخذ ما أعطاك إياه.

وأقول لمن تأخر عنه الرزق أو أمسكه الله،لا تهن ولاتحزن فإن الله أخره عنك لحكمة لا يعلمها إلا هو، وأعلم أن رزقك سيأتيك حتما لأن الضامن له هو الله.

ولتعلم أن رزقك لن يأخذه غيرك فليهدأ قلبك وليطمئن.

واقول أيضا لمن يشكون من ضيق الرزق ويسبوا ويلعنوا ، لا تفعلوا ذلك ولتنظروا إلى من حولكم من البلدان، أنتم بالنسبة لهم في رغد وأمن وأمان ، أليست نعمة الأمن تستوجب الشك ، اليست نعمة الأمن من الخوف رأس النعم، ماذا ستفعل والأموال وأنت لا تستطيع حتى الخروج من بيتك، ما الذي ستفعله لك الأموال وأنت مهجر تنام فى الخلاء تلتحف السماء، أليست هذه النعم التي نحن فيها تستوجب الشكر ، شكر المنعم، والوقوف خلف من وفر لنا الأمن والأمان والسلم والاستقرار.

فهل شكرنا المنعم سبحانه أن هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

كاتب المقال أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان