روشتة مواجهة ارتفاع الأسعار

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: هانئ مباشر

أدت موجة التضحم التي يتعرض لها العالم إلى ارتفاع أسعار السلع في جميع الدول ومنها مصر، ولم يعد مرتب الشهر يكفى معظم الاحتياجات الأساسية، ليظل السؤال الأهم: كيف نقلل من نفقاتنا ونتخلص من بعض العادات الاستهلاكية غير الضرورية فى حياتنا، من دون أن يتأثر مستوى المعيشة الذى تعودنا عليه؟

«الدولار سعره زاد»، ما إن تظهر على ملامحك الغضب من ارتفاع أسعار السلع بشكل سريع وغير مبرر إلا وتجد كل الباعة يردون عليك بهذه الجملة من دون أن يوضحوا لك أسباب ارتفاع أسعار سلع ومنتجات غذائية محلية الصنع التى ليس لها علاقة بارتفاع سعر الدولار، كالخضار والفاكهة التى أصبح لدينا فى كثير منها إنتاج يصل إلى حد الاكتفاء الذاتى بل والتصدير.

والمثير للدهشة أن زيادات الأسعار لنفس السلعة تختلف من منطقة لأخرى، بل ومن بائع لآخر فى نفس المنطقة، كل على هواه، فى ظل صعوبة فرض الرقابة على جميع منافذ البيع وامتداد موجة “جشع التجار” لتطال العديد من السلع والخدمات فى شتى المجالات.. الذين تمكنوا من امتصاص مليارات الجنيهات عنوة من جيوب المواطنين، دون وجه حق، وهى مليارات نصيب الحكومة منها صفر، فهى خارج حسابات الضرائب، والمستفيد الوحيد منها هو التاجر.

◄ محمود العسقلاني: إلزام التجار والصناع بكتابة أسعار السلع على المنتجات

◄ غير مبررة
يقول محمود العسقلاني، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»: إن مواجهة هذا الجشع وموجة الغلاء غير المبررة أمر يسهل مواجهته عبر تنفيذ مجموعة من الخطوات العملية والقابلة للتطبيق لضبط أسعار مختلف السلع.

وأولى الخطوات تبدأ بإلزام التجار والصناع بكتابة أسعار السلع مطبوعة على عبوات المنتجات بحيث يكون المستهلك على دراية بسعر البيع حال خروجه من المصنع أو الجمرك إذا كان مستوردًا، وفى هذه الحالة لا يمكن البيع بسعر أغلى من سعر السلعة.

ثم يأتى بعد ذلك إجراء مهم وهو «تحديد هوامش ربح» و«سعر عادل» للسلع الأساسية فلا يوجد شيء اسمه سوق حر فيما يتعلق بالسلع الأساسية والتى يعتمد عليها المواطن كحد أدنى فى حياته المعيشية اليومية كالسكر والزيت والأرز، فلا بد من تحديد هوامش ربح خاصة بها ولا تترك لهوى التجار، والسوق الحر لا يتعارض مع تدخل الدولة لتسعير هذه السلع التى يصل حاليا أرباح بعض التجار منها إلى أكثر من 500٪ وهو أمر غير موجود فى أى دولة رأسمالية على مستوى العالم.

◄ اقرأ أيضًا | «الأسواق» تحت المراقبة

◄ آليات مطلوبة
وبالنسبة للخضراوات والفاكهة، يجب زيادة منافذ التوزيع والتوسع فى إنشاء التعاونيات من المنتج إلى المستهلك مباشرة، وأن تكون بضم منافذ وزارة الزراعة مع المجمعات الاستهلاكية والتعاونية والجمعيات المعنية بحماية المستهلك لتكون نواة لتعاونية كبيرة تدخل فى توفير السلع من المنتج إلى المستهلك مباشرة دون وسطاء لمواجهة تجار الجملة ونصف الجملة الذين يرفعون الأسعار، وهو ما يعنى أن تكون أسعار السلع فى هذه التعاونية أقل من مثيلاتها فى السوق بحوالى 50٪ على الأقل، ونحن لدينا البنية التحتية الجاهزة فعلا للتوعية فى «التعاونيات» فالفروع موجودة والمنافذ موجودة، فقط نحن بحاجة إلى الإرادة للتطبيق فقط.

ويجب على الحكومة مواجهة التجار الجشعين والمحتكرين لأى سلعة وبشكل حاسم، من خلال تعديل تشريعاتها لمحاربة المحتكرين للسلع والمحاصيل سواء كانوا مستوردين أو تجارا، ووضعهم تحت طائلة القانون، ومنع التلاعب فى الأسواق.

◄ مجرم حرب
إن التاجر الذي يرفع الأسعار بدون مبرر لتحقيق مكاسب دون وجه حق، لا يقل خطورة عن المجرم الذى يرتكب جريمة سرقة، بل هو «مجرم حرب» فكلاهما يسرق من جيوب المواطنين، وهى جريمة تتضاعف خطورتها مع الظروف الاقتصادية الحالية وموجة غلاء الأسعار، وفى ظل ما يواجه الوطن من تحديات ومخاطر حوله.

والعقوبات والإجراءات الرادعة يجب أن تبدأ من الغرامات المالية إلى الإعلان إعلاميا عن المخالفين لتحذير المواطنين منهم مستقبلاً وانتهاء بأشد العقوبات المقررة قانونا كل حسب مخالفته.

إن الارتفاع السعرى الحاد يرجع للعديد من الأسباب لعل أبرزها هو تراجع الرقابة على الأسواق، وهو ما يستوجب من الجهات المختصة إحلال البدائل الأرخص سعرا فى كل المناطق وبكميات تكفى الاحتياجات المحلية، وهذا ما يؤكد عليه مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، والذى يضيف إلى عامل غياب الرقابة “أزمة الدولار” وصعوبة الحصول عليه والتى خلقت مشكلات عديدة للمستوردين ورفعت من فاتورة الاستيراد بشكل انعكس بشكل مباشر على السلع المعروضة بالأسواق.

◄ السلوكيات!
ورغم حقيقة تلك الأسباب فإن هناك مغالاة غير عادية فى سعر بيع السلعة النهائية، وسعر بيعها حاليا لا يتواءم مع تكلفتها الحقيقية بل يمثل أضعاف قيمتها نتيجة لتعدد القنوات التى تمر السلع من خلالها لحين وصولها ليد المستهلك النهائي، ومع رغبة كل قناة أو حلقة وصل فى تحقيق ربح مبالغ فيه بسبب الجشع والاحتكار وضعف الرقابة ارتفعت الأسعار لمستوياتها الجنونية الحالية.

وهناك سبب آخر ينبغى ألا نتغافل عنه ويجب أن نواجهه بكل شجاعة وهو أن سلوكيات الشعب غير عقلانية وغير مفهومة فرغم تلك الارتفاعات الجنونية، فإن هناك فئات كثيرة تقوم بالشراء “بنهم” غير عادي، والتى أتصور أنها بدأت تفيق من سلوكها مع عدم قدرتها على الاستمرار فى سلوكياتها الشرائية والاستهلاكية غير الرشيدة.

ويتابع: يجب التعامل مع الأزمة الحالية بثقافة ترشيد الاستهلاك، وتوجيه الرسائل الإيجابية التى تتسق مع الواقع بشكل مستمر، محذرا من الرسائل السلبية وتأثيرها الضار فى ظل الزيادات الحالية فى أسعار السلع والتى لا يمكن وصفها إلا بكلمة «جنونية»، وإنه من غير المنطقى أن الأسعار بنسبة 50٪ لبعض السلع فى بعض المناطق خاصة الراقية والتى يرتفع حجم دخول ساكنيها. وعلى وزارتى الزراعة والتموين بالتعاون مع المحافظات ضرورة التحرك من أجل زيادة المعروض والسيطرة على الأسعار مع الرقابة على الأسواق حتى لا ترتفع أسعار السلع أكثر من اللازم.

◄ د.يمن الحماقي: ضرورة تنويع مصادر شراء الاحتياجات

◄ الاحتياجات الأساسية
أما الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، فتقول: هناك  إجراءات يمكن أن يتبعها المواطن لمواجهة ارتفاع الأسعار، منها البحث عن أكثر من مصدر لشراء السلع واختيار السعر الأقل، وليس ضروريا شراء جميع الاحتياجات من نفس المصدر.. وأسعار السلعة الواحدة تتفاوت من مكان إلى آخر، وأيضا فى المكان الواحد، وبالتالى اختيار المكان ذى السعر الأقل يوفر الكثير من الأموال.

ومن الأهمية معرفة أماكن المنافذ الخاصة بوزارتى التموين والزراعة، والقوات المسلحة، لأنها تعرض السلع بأسعار مخفضة جدا.. والأهم من كل ذلك لابد من التأكيد على الدور الهام للمرأة المصرية فى هذه الفترة فهى وزيرة مالية فى بيتها، حيث تتميز بحنكة شديدة فى شراء أكبر قدر من احتياجات الأسرة بميزانية بسيطة، فهى تعرف ما يريده كل فرد فى الأسرة وتلبية بقدر من التدبير.

◄ د. ماجد عبدالعظيم: لا سبيل سوى ترشيد الاستهلاك

◄ ترشيد الاستهلاك
فيما يقول الدكتور ماجد عبدالعظيم، أستاذ الاقتصاد: لا سبيل لأى مواطن للنجاة من ارتفاع الأسعار الذى نشهده حاليا سوى الترشيد، ما يعنى وضع النفقة فى محلها للحصول على أعلى عائد منها، وترشيد الاستهلاك لا يعنى التخفيض ولا يعنى تجنب استخدام الأشياء، ولكن استخدامها بشكل معقول.. فعلى سبيل المثال استخدام السيارة فى الضروريات فقط واستبدالها باستخدام المترو أو الأتوبيسات الجديدة التى توفرها الدولة، بالإضافة إلى الحفاظ على بواقى الطعام وعدم إلقائها فى القمامة بل وضعها فى الثلاجة واستخدامها مرة أخرى.

وأولى خطوات التوفير وتقليل الإنفاق هى معرفة أين يذهب المال. الكثيرون منا لا يعرفون حقا كيف يتسرب المال من بين أيديهم، ولكنهم يتفاجأون بأنهم بحاجة للاستدانة منتصف الشهر، لهذا ننصحك بتسجيل نفقاتك لمدة أسبوع كبداية ثم لمدة شهر، وستكتشف أنك كنت تنفق الكثير من المال على أشياء يمكنك الاستغناء عنها بسهولة، ومثال بسيط على ذلك عادتك فى تناول كوب قهوتك فى الصباح من محلات بيع القهوة الكثيرة المنتشرة فى كل مكان بدلا من إعدادها فى المنزل، أو أنك تشترى الكثير من الفواكه والخضار التى لا تحتاج لها حقا، وينتهى بها الأمر فى حاوية القمامة بعد تعفنها.