فى الصميم

منع «الكارثة».. وليس إدانتها!!

جلال عارف
جلال عارف

بينما كان البيت الأبيض يؤكد أن الرئيس الأمريكى بايدن أكد لنتنياهو فى مكالمة تليفونية مطولة «الأحد»، أن العملية العسكرية الإسرائيلية على رفح يجب ألا تبدأ بدون خطة تضمن سلامة النازحين الفلسطينيين. كانت الغارات الإسرائيلية تتوالى على المدينة الصغيرة التى يتكدس فيها ما يقرب من ١٫٥ مليون فلسطينى، وكان عشرات الشهداء يسقطون فى العمليات التمهيدية لكارثة اقتحام المدينة!!


بينما كان نتنياهو يزعم  -  من جانبه -  أن الجيش الإسرائيلى سيجلى مئات الآلاف من النازحين فى رفح شمالا قبل ما يسميه بـ «العملية العسكرية»، كانت آلة القتل الإسرائيلية مازالت تعمل فى خان يونس ومدينة غزة وحتى فى أقصى شمال القطاع لتؤكد أن الحديث عن تأمين المدنيين هو أكذوبة إسرائيلية فى وقت لا توجد فيه أى منطقة آمنة فى كل غزة!! والأمر نفسه واضح مع أكذوبة أخرى لنتنياهو وهو يقول إنه سيتم احترام القوانين الدولية فى اقتحام رفح، وكأن العالم لا يعرف أن مجرمى الحرب فى إسرائيل لم يلتزموا طوال تاريخهم إلا بالإرهاب وانتهاك القانون والخروج على الشرعية!!
إسرائيل -  كقوة احتلال -  ملزمة قانونا بحماية الفلسطينيين فى غزة وفى الضفة والقدس الشرقية المحتلة وليس بإقامة المجازر لهم. وهى لن تتوقف عن القتل إلا إذا ايقنت أن العقاب سيكون رادعا وأنها لن تجد من يحميها -  بالقوة أو بالنفوذ أو بالفيتو -  بعد أن تجاوزت كل الحدود، وأصبحت خطرا على «الرعاة الرسميين» الذين دعموا إرهابها الذى لازمها منذ نشأتها وحتى الآن.


المشكلة الأساسية بكل وضوح هى فى موقف الولايات المتحدة الأمريكية الذى ظل على مدى أربعة شهور من الحرب يرفض إيقاف المذابح، ويعطل أى قرار لمجلس الأمن يعكس الإرادة الدولية التى ترفض استمرار حرب الإبادة وتدرك مخاطر ذلك على المنطقة والعالم. هذا الموقف لن يتغير تماما إلا إذا أدركت أمريكا أن إسرائيل لا تدمر فقط ما كانت تدعيه من مكانة أخلاقية، وإنما تدمر كل المصالح الأمريكية فى المنطقة وخارجها. وربما كانت الرسالة الأقوي -  حتى الآن -  بهذا الصدد هى رسالة مصر التى أشارت إلى أنها سترد بقوة على أى تحرك إسرائيلى على حدودها وبأى خطوة تعتبرها انتهاكا لمعاهدة السلام مع إسرائيل.. ولاشك أن أمريكا تدرك جيدا ماذا يعنى ذلك. وليتها تتلقى رسائل أخرى من كل الأطراف العربية والإسلامية والدولية بأن الاستمرار فى دعم إسرائيل لا يعنى إلا تدمير المصالح الأمريكية فى المنطقة، وبأن لعبة بيانات التحذير لم تعد تجدي، وبأنه لا بديل عن إيقاف «حرب الإبادة» التى كانت أمريكا شريكة فيها منذ البداية.. وستظل كذلك إذا سمحت لنتنياهو باستكمال «الكارثة» فى رفح!!