فى الشارع المصرى

جبر الخواطر

مجدى حجازى
مجدى حجازى

جبر الخواطر خلق عظيم يدل على سمو النفس وعظمة القلب وسلامة الصدر ورجاحة العقل، يجبر فيها نفوسا كسرت وقلوبا فطرت وأجساما أرهقت وأشخاصا أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل جبر الخواطر وما أعظم أثره.

وجبر النفوس من الدعاء الملازم لرسول الله ، فقد أخرج الترمذى بسند صححه الألبانى فى صحيح بن ماجه، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال:َ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِى صَلَاةِ اللَّيْلِ: «رَبِّ اغْفِرْ لِى وَارْحَمْنِى وَاجْبُرْنِى وَارْزُقْنِى وَارْفَعْنِي.».. وقد جبر رب العالمين خاطر نبيه الأمين  الذى أحب مكة التى ولد فيها ونشأ، ثم أُخرج منها ظلمًا، ونصره الله،حيث قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّى أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ «القصص:85».. ومثله أيضاً قوله تعالى: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ «الضحى:5».. ويالها من روعة العطاء المستمر حتى يصل لحالة الرضا، فهذه الآية رسالة إلى كل مهموم ومغموم، وفرج لكل من وقع ببلاء وفتنة.

إن النبى  جبر بخواطرنا نحن الذين نحبه ونشتاق إليه ونتمنى لو كنا إلى جانبه، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ  أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ووَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا»، قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانُكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ أَصْحابِي، وَإِخْوَانُنَا لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ»، فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ، أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟»، فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ.» (رواه مسلم).

اللهم إنك جبرت خاطر سيدنا محمد  فى رجب فغسلت أحزانه بالإسراء والمعراج.. وجبرت خاطره فى شعبان فوليته قبلة ترضاها.. وأعلنت على الملأ أنك وملائكتك تصلون عليه، وأمرتنا بالصلاة والسلام عليه.. وجبرت خاطره فى رمضان فأعطيته النصر والفتح وليلة القدر.. فبحق هذا كله نسألك ونتوسل إليك أن تجبر خاطرنا، وأن تبلغنا رمضان ونحن بأحسن حال وأن تدخلنا الجنة برحمتك بصحبة نبينا وحبيبنا سيدنا محمد .

لنثق بالله ونكثر من الدعاء والاستغفار والذكر والصلاة على نبينا محمد  حتى ييسر الله لنا سبل الخلاص من آلامنا وعثراتنا.. ولندعُ الله، بأن يحفظ مصرنا الغالية، ويقينا شرور الأعداء والحاقدين.. ولندعُ الله، بأن يحفظ شعب فلسطين وينصره على غطرسة الكيان المحتل وحلفائه، ويقيه شرورهم، وينصرهم فى مقاومتهم ضد الكيان المحتل إحقاقًا للعدل.

حفظ الله المحروسة شعبًا وقيادة، والله غالب على أمره.. وتحيا مصر.