يحدث فى مصر الآن

معرض الكتاب: نجاح تاريخى

يوسف القعيد
يوسف القعيد

كان معرض القاهرة للكتاب بدورته الخامسة والخمسين، ذهبت إليه لأجدد مكونات عقلى وأشعر بالتفاؤل لمستقبل بلادى ووطننا العربى وأمتنا الإسلامية. خاصة من الزوَّار الذين جاءوا من خارج القاهرة على شكل عائلات كاملة مكتملة. إلا أن التنظيم الدقيق الصارم الذى وضعته الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة، ونفذه بكل دقة الدكتور أحمد بهى الدين رئيس هيئة الكتاب والمسئول الأول عن المعرض.. هالنى حجم المشاركات العالمية والعربية والمصرية التى عكست حال الثقافة والكتابة والإقبال غير المسبوق على القراءة فى وقتنا الراهن. على الرغم من كثرة التحديات التى يُمكن أن تُقلِّل من فُرص القراءة وانجذاب الأجيال الجديدة إلى عوالم الإنترنت وكل مغريات هذا العالم الإفتراضى الغريب والعجيب.

إلا أن إقبال الجميع إبتداء من الأطفال، مروراً بالشباب، عبوراً بمتوسطى العُمر، وصولاً إلى الشيوخ كان شديد الوضوح. توقفت طويلاً أمام ما قدمته الهيئة المصرية العامة للكتاب من إصدارات جديدة نشرتها خصيصاً من أجل المعرض. وهى لا تقل عن 50 كتاباً نراهم لأول مرة. ويفرح الإنسان فرحاً داخلياً وخارجياً لأن بلاده فيها مثل هذه الهيئة القادرة على صُنع الفرحة وابتكار البهجة واعتبار أن عقل الإنسان أفضل ما فيه.. أيضاً فإن جناح الهيئة العامة لقصور الثقافة التى نُسميها عادة الثقافة الجماهيرية والتى يتولاها بلدياتى عمرو البسيونى كان جناحها عامراً بإصداراتٍ غير عادية. توقفت طويلاً أمام المركز القومى للترجمة الذى تُديره بمهارة وإتقان الدكتورة كارما سامى، وكانت هناك عناوين كثيرة جديدة أراها لأول مرة. بل إنها بدأت فى ترجمة أدبنا إلى لغات العالم، وهو ما لم يحدث من قبل إلا فى أضيق الحدود. أيضاً كان جناح المجلس الأعلى للثقافة الذى يديره الدكتور هشام عزمى، عامراً بكل ما هو جديد.

توقفت أمام ذهاب العائلات الأب والأم والأبناء إلى المعرض بهدف قضاء يومٍ كاملٍ بين ربوعه. وليس مجرد زيارة عابرة حيث يتعلم الأطفال من آبائهم حُب الكِتاب وحُب القراءة.. أعترف أننى عند ذهابى إلى المعرض لم أتوقع هذا الإقبال الكاسح بسبب ما نسمعه وما يطاردنا فى كل لحظة من ارتفاع أسعار الورق الجنونية التى لابد أن تنعكس على أسعار الكتب، وهذا حدث فى بعض دور نشر القطاع الخاص. ومع هذا لاحظت الإقبال عليها.

أيضاً كان للأشقاء والإخوة من المثقفين العرب وجودٌ بارز فى أعمال المعرض سواء فى أجنحة بيع الكُتب، أو فى صالات الندوات. ولعل أبرزهم وأقواهم أثراً الصديق العزيز الكاتب العربى السعودى محمد سعيد الطيب الذى رغم ظروفه الصحية كان موجوداً فى كل مكانٍ فى المعرض.. أسعدنى جداً اختيار الشقيقة العزيزة الغالية سلطنة عُمان ضيف شرف معرض العام القادم. فهى دولة من أجمل بقاع الأرض على مستوى الدُنيا كلها. وقد زُرتها أكثر من مرة عندما كان عبد العزيز الروَّاس وزيراً لثقافتها. وأحرص كل شهر على مُتابعة مجلتها الثقافية الهامة: نزوى، التى يرأس تحريرها الصديق الشاعر العُمانى الكبير سيف الرحبى، والذى يُعد أحد علامات الشعر العربى المُعاصر.

إنه ليس معرض الكتاب، ولكنه مُحاولة للرهان على العقل العربى الناضج والواعى والمُدرك.