خطة ال 300 فيلم .. إنطلاق ثورة ترميم الأفلام المصرية

ترميم الأفلام المصرية
ترميم الأفلام المصرية

ملف من أعداد : أحمد أبراهيم

تتمتع السينما المصرية بتاريخ طويل يمتد لأكثر من قرن من الزمن، هذه الصناعة جعلت مصر هى الأقدم والأكبر فى منطقة الشرق الأوسط بما تملكه من تراث سينمائى ضخم، أو ما يمسى حاليا بكلاسيكيات السينما المصرية.. هذا التراث المهم يحتاج بشكل أساسى إلى أمرين، الأول هو الحفظ، وهذا من خلال السينماتيك، والثانى الخاص بالترميم، الذى يعتبر فى نفس الوقت طريق للحفاظ على نسخ الأفلام من التلف والتعرض لعوامل تغيرات الأزمنة التى تعرض الأشياء للهلاك.

فى العامين الأخيرين شهدت عملية ترميم الأفلام المصرية رواجا ملحوظا، لكنها لم تكن بشكل رسمى من جانب الدولة المصرية، بل تمثلت فى محاولات خاصة من المهرجانات السينمائية، خطوات ومحاولات جادة لكنها فى النهاية فردية وعمليات ترميم التراث تعد مشروع ضخم يحتاج إلى تخطيط وإمكانيات مؤسسية، وفى الفترة الأخيرة تم عقد اتفاق بين مدينة الإنتاج الإعلامى برئاسة عبد الفتاح الجبالي والشركة القابضة للاستثمار في المجالات الثقافية التابعة لوزارة الثقافة، المتثلة فى المهندس محمد أبو سعدة على ترميم 40 فيلم روائي كمرحلة أولى ضمن خطة لترميم 300 فيلم تمتلكها الدولة، على أن يقوم الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وعضو مجلس إدارة الشركة القابضة للاستثمار الثقافي، بالإشراف على اختيار قائمة الأفلام التي سيتم ترميمها، ومن هنا عاد المخطط السابق للظهور على السطح من جديد وهو الخاص بترميم 100 فيلم من كلاسيكيات السينما المصرية من خلال التعاون بين مركز التراث السمعي والبصرى بمدينة الإنتاج الإعلامي الذى يحتوى على أحدث أجهزة ترميم الأفلام، وشركة “كنوز” التى يمتلكها الناقد والمؤرخ السينمائى سامح فتحى أحد أكثر المهتمين بقضية حفظ التراث والترميم وأيضا تجميع الأفيشات.

يعتبر ملف ترميم الأفلام من النقاط المهمة والملحة عل مائدة السينمائيين ونتمنى أن يأخذ خطوات أكثر جدية ويحقق الاستمرارية للاحتفاء بتراثنا الطويل وعرضه بصورة تليق بالسينما المصرية..  لهذا تناقش أخبار النجوم هذا الملف من خلال جانبين الأول لقاء مع الناقد والمؤرخ السينمائى سامح فتحى، والثانى فتح باب المناقشة مع عدد من السينمائيين للإجابة عن السؤال الأبرز “لماذا يعتبر الحفاظ على التراث وترميمه قضية قومية ملحة ؟”.

وعن أهمية تلك الخطوة طرحنا هذا الأمر على عدد من النقاد وكيفية استثمار عمليات الترميم خلال الفترة القادمة من أجل إعادة إحياء مجموعة كبيرة من الأفلام النادرة

يقول المؤلف الكبير بشير الديك: “أنا سعيد للغاية بتلك الخطوة التى كنا نسعى لها منذ فترة طويلة، حيث كنت من المنادين بترميم الأفلام المصرية بالاشتراك مع المخرج الراحل رأفت الميهى، ولكن للأسف جميع المحاولات باءت بالفشل بسبب الروتين الصعب فى ذلك الوقت، وأن الدولة لم تكن تضع هذا الأمر ضمن أولوياتها، وكنا دائما نحلم بتغيير الأوضاع حتى يتسنى لنا الحفاظ على تراثنا الكبير، لأن الأفلام المصرية هى الأهم فى الوطن العربى بلا شك حيث جميع شعوب العالم العربي تتابع بشكل كبير تلك الأعمال وهى تعتبر من ضمن القوى الناعمة المصرية التى يجب الاهتمام بها، بالإضافة إلى أن ترميم الأفلام يعتبر خطوة لإعادة استثمار جيد من الممكن أن يعود بدخل جديد لصناعة السينما بشكل عام”، 

وبسؤاله عن أن هذه الخطوة قد جاءت متأخرة قال: “لا ليست متأخرة، وكما يقال أن تأتى متأخرا أفضل من ألا تأتى، بالفعل هناك قنوات عربية سبقتنا منذ زمن بعيد فى عملية الترميم، وشركات أجنبية تولت هذا الأمر منذ أعوام، ومؤخرا المهرجانات السينمائية، لهذا فالخطوة فى كل الأحوال مهمة ونحن بحاجة إليها، وأريد أن أتوجه بالشكر لكل من يساهم فى تلك الخطوة المهمة فى تاريخ السينما المصرية حتى ولو بمساهات بسيطة”.

ومن جانبه قال الناقد رامى المتولى: “مصر تمتلك وحدة ترميم هى الأفضل والأضخم فى الشرق الأوسط بلا شك وهى ملك مدينة الإنتاج الإعلامى، ويتم من خلالها ترميم العديد من الأفلام الهامة التى أتذكرها على غرار فيلم “وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم” للمخرج داوود عبد السيد من إنتاج المركز القومي للسينما، وقد نال استحسان كل من شاهد الفيلم بعد ترميمه، وأنه لولا اتخاذ خطوة ترميم الفيلم لما كان سيظهر للنور، وسنتمكن من مشاهدته، لكن فى النهاية هو مسار فردى لكن لم يكن الأمر يتم بشكل مؤسسى، أما الآن لدينا اهتمام كبير بترميم الأفلام القديمة، وخاصة الافلام الروائية الطويلة حيث تابعنا العديد من الأعمال التى تم ترميمها من قبل مهرجانى القاهرة والبحر الأحمر، وهى خطوات مهمة ونتمنى أن تحدث الشراكة الجديدة تطوير أكبر فى مسألة ترميم الأفلام وأن يكون المشروع على قدر الطموح، لكن فى نفس الوقت أريد أن أقول أن هناك اهتمام أكبر بالأفلام الروائية دون النظر إلى نسخ الافلام الوثائقية أو القصيرة حتى تدخل هى الأخرى فى خطط الترميم، لكن الجيد فى الأمر أن الدولة ستتدخل بمؤسساتها فى عمليات ترميم الأفلام، والجميل أننا نعى أن تلك الخطوة تعد من أنواع الاستثمار الجديد الذى سيحقق الاستفادة لصناعة السينما المصرية”.

ويختتم المتولى حديثه قائلا، “بعد المضى فى خطوة ترميم الأفلام القديمة يجب أن تقابلها مهمة أخرى وهى إنشاء مقر متخصص ومجهز لحفظ نسخ الافلام المرممة للحفاظ عليها فى مكان معد لذلك خصيصا، ومثال على ذلك دار الكتب والوثائق القومية، فهو أمر فى غاية الأهمية”.

بينما يقول الناقد أحمد سعد الدين: “بلا شك تعد مشروعات الترميم للأفلام المصرية فى الفترة الحالية أفضل مشروع يخص صناعة السينما، فلم يحدث مشروع قومى مؤسسى مثله منذ فترة طويلة، لأن الحفاظ على التراث المصرى الأصيل مهمة حتمية وأمر ضرورى يجب أن يكون ضمن أولويات الدولة المصرية متمثلة فى وزارة الثقافة، لأن تلك الأفلام تحمل تاريخ مصر خلال القرن الماضى، والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى شهدتها مصر خلال أزمنة متعاقبة، وأفلامنا وثقت وساهمت فى تأريخ كل هذه الفترات بأعمال فنية ذات مستوى عال، ومسألة ترميمها خطوة مهمة على طريق الحفاظ على هذا التراث، ونحن كمهتمين بصناعة السينما ننادى ونطالب بهذا الأمر منذ فترة طويلة، لأن هناك عدد من القنوات العربية التى سبقتنا وأقدمت على ترميم الأفلام التى تم شراؤها من المنتجين، حيث تمكنت قنوات روتانا من شراء أكثر من ٣٧٠٠ فيلم روائي طويل وكان يجب عليها الحفاظ عليهم لكن لم يحدث، وقامت القناة بمهمة ترميم البعض وتسعى لاستكمال البقية من أجل الحفاظ على تلك الأعمال لمدة طويلة وهو ما يخدم مصلحة السينما المصرية، لكن أن يكون هذا المشروع داخل إطار مؤسسات الدولة فهو أمر مهم وطال انتظاره”.

أما الناقد الفنى محمود قاسم فيقول: “من الجيد للغاية أن يتم الاهتمام بترميم الأفلام السينمائية وذلك لما تحتويه من تاريخ فنى ضخم لدى مصر والتى لم ياتى مثلها حتى الآن بالرغم من مرور العديد من العقود، حيث كانت وستظل مصر هى أم الفن فى الوطن العربى والشرق الأوسط ، ويجب على القائمين على عملية ترميم الأفلام أن يكونوا من أصحاب الخبرات الكبيرة، حيث يجب أن يتم انتقاء الأفلام بعناية شديدة للغاية من أجل أن الحفاظ على الأعمال النادرة، وهى خطوة مهمة بالتأكيد، لكن لدى ملحوظة سريعة بعد مشاهدة قوائم الأفلام المعلنة التى سيتم ترميمها وأن معظمهم افلام جديدة ومتوفرة مثل “الهلفوت” و”المنسى”  لعادل إمام، وهى أفلام حديثة الإنتاج نوعا ما وأعتقد أن يوجد أفلاما أخرى يجب أن تسبقهما فى عمليات الترميم”.

اقرأ  أيضا : عرض 4 أفلام بنادي السينما المستقلة.. تعرف عليهم


 

;