«لا تشبه المرأة الحلم».. قصة قصيرة للكاتب محمد محمود غدية

الكاتب محمد محمود غدية
الكاتب محمد محمود غدية

 

لم يستطع كبح انفعالاته أمام هجمة أنوثتها المتوثبة، ولا حجب الاشتعال الذى تكاثف بخار فوق زجاج المقهى ونظارته التى حجبت عنه الرؤية، تجلس على طاولة مقابلة امرأة ثلاثينية قمحية العينين منحته ابتسامة مقتضبة، حين لمحت ارتباكه وعجزه عن تفادى نظراتها، التى تذيب الجليد وتنشر الارتياح، تشبه المرأة الحلم التى تغمره فى هدأة الليل كنسمة منعشة، طلب من النادل أن يقدم لها مشروبا تختاره، شكرته من بين ابتسامتها التى تشبه إبتسام اللوز والبرتقال، التى فلحت فى ترطيب إشتعاله، بعد أن أذنت له بمشاركته طاولتها، أخبرها أنها تشبه المرأة الحلم  !

قالت:  قد نتشابه فى الشكل، لكن الإختلاف ضرورى فى الطباع و الاهتمامات والأولويات وأشياء أخرى،

إنها تنشد الحرية وتكره القيود، تتأمل أشكالا متخلفة عن دخان سجائرها،

لا تفكر فى الأمس الذى ذهب ولا الغد الذى لم يأت بعد، هى ابنة اللحظة التى تحياها فقط،

ترشف فى تلذذ فنجانها الثانى، أفقدته تماسكه واتزانه حين أخبرته بضرورة الاستمتاع بحياته فالأعمار قصيرة كما الزهور ما تلبث أن تذبل، وعليه أن ينسى المرأة الحلم ويعيش الواقع، بعدها طلبت الانصراف وهو مازال مستسلما لسطوة حضورها وانصرافها المباغت،

على البعد تلوح شبح إمرأة موغلة فى شرنقة أوجاعه اختفت فى الظلمة، يتساقط المطر يغسل البيوت وواجهات المحلات ويزيل غبار الشوارع، وتبقى العتمة بداخله،  بعد أن أربكته إمرأة وأربكت التقويم فى بوصلة أيامه  .