«حكاية قبل النوم».. قصة قصيرة للكاتب محمود حمدون

الكاتب محمود حمدون
الكاتب محمود حمدون

قلت وأنا أقف عند رأسه: طالت رقدتك هذه المرة يا شيخنا، علمتُ من الطبيب أن النازلة هيّنة، خطرها بسيط، فلا تستسلم للمرض. ثم تتبّعت بعيني الوميض الصادر من شاشات وأجهزة تعلو رأسه.

بصوت واهن، ردّ الرجل: نال منّي التعب فوق ما يتخيّل إنسان.

سألته: ألك حاجة أقضيها ؟

أجابني وهو يبتلع ريقه بصعوبة: أطمع أن تحكي لي واحدة من حكايات الصغر، مثل التي كانت تقولها أمي لي وأنا بين النوم واليقظة كل ليلة، فهل تعرف؟

تردّدت قليلًا، بحثت في ذاكرتي عن حواديت الطفولة، حكايات عم رمضان العُتَقي، ثم عُدت للشيخ، قلت: تذكّرت واحدة، طالما قالتها أمي لي وأنا على مشارف النوم.

- تكوّر المريض حول نفسه، كأني أرى طفلّا يقترب من التسعين، أغمض عينيه. بهمس قلت له وأنا أنظر حولي في الغرفة الفارغة إلّا منّي ومنه وبضع أجهزة طبية متناثرة: كان يا ما كان، في سالف العصر والأوان. انطلقت في الحكي، بعدما أغمضت عيني وغرقت في الماضي البعيد، استغرقني الوقت، لم يعكّر مزاجي غير صفير خافت حاد أتى من قريب.