«حديث مع النفس».. قصة قصيرة للكاتبة إيمان صلاح

الكاتبة إيمان صلاح
الكاتبة إيمان صلاح

تنظر في المرآة ، وتشعر أن شيئَا ما يطوق عنقها ويخنقها، تحدقُ بذهولٍ فيها، فترى شخصًا أخر غيرها ماثل أمام المرآة، بعيونٍ باهتة، ومنظر مرعب للغاية، تُدقق أكثر، لتجد امرأة أخرى جار الزمن عليها، تقول: "لا لستُ أنا تلك هناك خطأ ما "، تتخبط هنا وهناك، تصرخ؛ ولكن ما من أحد ليسمعها، هدأت للحظة، وأغمضت عينيها ثم فتحتها مرة أخرى، لترى تلك التي فى المرآة تحدثها ..

:" أنا أنتِ" .

:" لا ، لست أنا أنتِ ".

قالت :" بلى ".

ثم أردفت :" أنتِ أنا، تركتِ عمرا وراءكِ ولهثتِ وراء كل شيء، المال والحياة، ولم تعتنِ بروحكِ ".

اقتربت منها لتتأكد أكثر هل ما تراه حقيقة أم كابوس، كانت أنفاسها حارة، شعرت أنها تحترق، فابتعدت عنها .

ثم قالت الأخرى وهى تمد يدها لتخترق حاجز المرآة: "لاتخافى لم أفعل بكِ شيء مؤلم مثلما فعلتِ بي .."

: ماذا فعلتُ بكِ لتصبحي امرأة مشوهة هكذا؟.."

: تركتِ العاطفة، وذهبتِ نحو المادة، اهملتِ الإيمان، وفضلتِ الكذب .."

ردت منفعلة من هذا الحديث:  أنتِ كاذبة، والآن سوف أخرس صوتكِ هذا للأبد"، ثم أخذت بتمثال صغير كان يرقد بجانب المرأة، وحطمتها، وكلما كسرت جزء منها تتألم، فأدركت أنها هي بالفعل، وكفت عن إلحاق الضرر بذاتها ..

ثم ظلت تبكى من الرعب، وهي ترى المرأة تنزف الدماء، حتى أفاقت من كبوسها هذا، وتأكدت أنها تنام فى مضجعها، أخذت تردد وهى تتنهد خوفًا:" الحمد لله الحمد لله "

ثم استحضر عقلها ماذا فعلت، فقد تركت صديقتها غارقة بالديون، وهي بكامل الاحتياج لها والمساعدة، وحسدت أخرى على ما هي فيه من نعيم، وغيرها من الأفعال التي تشوه الروح.

قررت أن تعتنى بروحها أكثر، وترعى الأشياء والمبادىء الجميلة بداخلها، وتتجاهل شرور النفس، ولن تلحق الضرر بنفسها ثانيةً، حتى لا تشيخ روحها، وتشيب وهي مازلت فى مقتبل العمر، فيحدث أن تشيخ أرواحنا ونحن فى غفلة من الزمن الذي يمضي أمامنا مسرعا.