حروف ثائرة

تجار الأوطان !!

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

لاشك أننا نعيش أزمة بفعل فاعل، بل فاعلين كثر، بالخارج والداخل، أزمة متعددة ومتشعبة الأهداف، رأس حربتها زعزعة مصر من الداخل، ومحاولة تأليب الشعب على الدولة، وإثارة بلبلة وفتن، وإحباط عزائم وتثبيط همم وزرع اليأس والخوف، وغير ذلك كثير، وصولا لهدف قديم راسخ لدى كل أعدائنا بهدم هذا البلد الذى استعصى - وسيستعصى بإذن الله - على السقوط والإنهيار.


بداية نذكر الدعاء الفلسفى العبقرى «اللهم اكفنى شر أصدقائي، أما أعدائى فأنا كفيل بهم»، وهذا لب أزمتنا ورأس حربتها، وأعتقد أن الأيام القليلة الماضية كشفت وجوها عديدة قبيحة مثيرة للغثيان الإنسانى والوطني، وأهالت التراب على ما هو مدسوس بيننا من زرع شيطانى خبيث فى أرضنا الطيبة، من تجار أنجاس يتاجرون بكل شيء وأى شيء، ويسيرون عمى البصر والبصيرة سعيا لغايتهم، ولو على جثث وطنهم وذويهم ولو على جثث أخيه وصاحبته وبنيه، ومن فى الأرض جميعا، ثم لا أحد ينجيه من عاقبة غباوته وجشعه.


ولنتوقف أمام أزمة الدولار، والتصاعد المتتالى وغير المنطقى فى سعره بالسوق الموازية، وصولا لأرقام أحتار لارتفاعها حتى المستفيدون منها، وبشكل متوازى الإرتفاع الغريب أيضا بأسعار الذهب، وعلى طريقة الدومينو ارتفاعات غير مبررة بسلع عديدة بعضها أساسى وجوهرى لحياة المواطنين، وماهى إلا أيام قليلة لتتراجع، بل وتنهار أسعار الدولار والذهب بلا سبب محدد أيضا، وبما يعنى أن ارتفاعهما لم يكن منطقيا عادلا، بل مدبرا وبفعل فاعل قذر تاجر نخاسة - أو قل نجاسة- هؤلاء مطلوبون لمحاكمتهم شعبيا قبل جنائيا.


ونتوقف عند السلع العديدة التى زاد سعرها بحجة ارتفاع سعر الدولار بالسوق الموازي، فارتفاعها ليس منطقيا كذلك، ورغم التراجع الكبير بسعر الصرف، لماذا لم تتراجع أسعار تلك السلع، أيضا تجار نخاسة وناهبو أوطان مطلوبون لنفس المحاكمة.


وراء كل هذا تقف أعداد ليست قليلة من تجار الأزمات ومحترفى سرقة أقوات وأقدار الشعوب، من تجار العملة بالسوق السوداء، الى محتكرى السلع خاصة الأساسية الذين يجيدون حبسها لرفع سعرها ثم إطلاقها دون تراجع السعر، وأباطرة ذهب يتحكمون فى سعره صعودا وهبوطا لصالحهم، وليس لصالح الوطن والمواطن، وقد بدأت الداخلية الوصول للكثير منهم، وبدأ مسلسل سقوطهم غير مأسوف عليهم.


وليس ببعيد عن كل هؤلاء فئة أكثر خطورة، فتجار الأزمات يبحثون عن مصلحتهم، أما الفئة التى أقصدها  فهدفها هدم المعبد على كل ما فيه، انهم من يخططون يوميا لمؤامرات، وبث الإحباط وفقدان الثقة، يطلقون الشائعات والأخبار الهدامة، ويجيدون دس السم بالعسل لتنغيص حياتنا، وإحالتها لجحيم بالوهم والأكاذيب.


نعلم حجم التحديات والمخططات الخارجية على وطننا، والجهد المبذول من الدولة لمواجهتها، لكن لا يجب أن ينسينا هذا مواجهة ومحاربة متربصى الداخل، لابد من مضاعفة العمل وبحسم شديد، وبالقانون ضد كل من يخرب بالاقتصاد، سواء الاتجار بالعملات والتلاعب بالأسعار، وأى مخالفات تضر بحياة المواطنين، لابد من محاكمات علنية ونشر الأسماء ليكونوا عبرة لغيرهم، والضرب بيد من حديد على كل من يسعى لقتل الأمل وزرع الإحباط واليأس.


ثقتى فى الله أولا، وفى وعى مواطنينا، تغمرنى بأمل كبير فى غد أفضل لبلدنا العظيم، وإننا سنعبر كل هذا على جثث المتآمرين والمثبطين وصولا للجمهورية التى نحلم بها.