هل يؤثر الشرق الأوسط على الانتخابات الأمريكية؟

قد تؤثر الأحداث على نتائج الانتخابات الأمريكية فى نوفمبر المقبل
قد تؤثر الأحداث على نتائج الانتخابات الأمريكية فى نوفمبر المقبل

نادراً ما كانت السياسة الخارجية الشغل الشاغل للناخبين الأمريكيين. لكن النهج الذى تتبعه إدارة بايدن فى التعامل مع الأحداث فى الشرق الأوسط قد يكون استثناء فى الحملة الرئاسية لعام 2024.

من الشائع أن الانتخابات الأمريكية لا تحددها السياسة الخارجية. وهذه نقطة انطلاق معقولة للتفكير فى العواقب السياسية المترتبة على الصراعات الحالية فى الشرق الأوسط وأماكن أخرى من العالم فى عام انتخابى بالغ الأهمية. فى أغلب الظن، لن تكون سياسة الولايات المتحدة فى التعامل مع الأزمة الجارية فى غزة والاحتكاكات المتصاعدة مع إيران على رأس أجندة الناخبين الأمريكيين فى نوفمبر، ولكن الحسابات التقليدية فيما يتصل بالدور الذى تلعبه السياسة الخارجية من الممكن أن تخضع للاختبار فى الحملة الحالية. ففى بيئة سياسية شديدة الاستقطاب، يظل دعم إسرائيل بمثابة مبدأ إيمانى بالنسبة لأغلب الناخبين الأمريكيين. وهذا هو الحال حرفيًا فى جزء كبير من المجتمع اليهودي، والأهم من ذلك، بين المسيحيين الإنجيليين. وربما يناقش نخبة السياسة الخارجية مزايا الحرب الإسرائيلية المدمرة فى غزة فى أعقاب الهجمات التى شنتها حماس، وقد يسعى البعض إلى اتباع نهج مختلف عن واشنطن، لكن من المرجح أن تستمر سياسة إدارة بايدن فى التمتع بدعم واسع النطاق بين الناخبين، ولن يجد المرشحون الجمهوريون الكثير لاستغلاله. وبطبيعة الحال، قد يتغير الكثير من الآن وحتى نوفمبر 2024، وأى شيء يُنظر إليه على أنه رد غير مناسب على العدوان الإيرانى يمكن أن يعرض الإدارة لانتقادات من اليمين، لكن البيت الأبيض لا يبدو يميل إلى السلبية فى مواجهة هذه التهديدات.

تشير استطلاعات الرأى إلى أن الناخبين الشباب التقدميين يميلون أكثر إلى انتقاد إسرائيل، وربما التشكيك فى موقف بايدن الداعم بشكل عام. وفى حالة تساوى جميع العوامل، فإن هؤلاء الناخبين مهمون بالنسبة للإقبال الديمقراطى فى عام 2024. وفى سباق متقارب للغاية، يمكن أن يعمل تناقضهم ضد شاغل المنصب الرئاسى والمرشحين الديمقراطيين فى مجلسى النواب والشيوخ

قد تكون نتيجة انتخابات عام 2024 حاسمة بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا والحرب فى أوكرانيا. ومن غير المرجح أن يؤثر ذلك على السياسة تجاه الشرق الأوسط، ومع ذلك هناك احتمالات قد تغير ذلك منها مخاطر احتمال وقوع هجمات إرهابية كبيرة لها علاقة بالأحداث فى المنطقة، فى الولايات المتحدة أو على أهداف أمريكية فى أماكن أخرى، أو مواجهة مباشرة مع إيران. وقد تكون هذه اختبارات كبرى فى الفترة التى تسبق الانتخابات، وقادرة على لفت انتباه الرأى العام للسياسة الخارجية والأمنية. وقد لا تتغير السياسة فى حد ذاتها، ولكن الأحداث قد تؤثر على نتائج الانتخابات.

عندما أدت غارة بطائرة بدون طيار شنتها ميليشيا مدعومة من إيران لمقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة ما لا يقل عن 25 فى الأردن فى 28 يناير، تزايدت الضغوط بشكل كبير على البيت الأبيض لتصعيد التدخل العسكرى الأمريكى فى الصراع بالشرق الأوسط. وبينما كان بايدن وفريقه يؤكدون التزامهم بمنع اتساع نطاق الحرب منذ أشهر، فإن الحرب كانت فى الواقع تتسع . وفى عام انتخابى صعب، سيفكر بايدن الآن فى الخيارات العسكرية التى تتجاوز الضربات ضد الحوثيين فى اليمن. لكن يتعين عليه أيضاً أن يحذر من العواقب: ففى البيئة السياسية الحالية، من المرجح أن تكون التكاليف الانتخابية لتصعيد الحرب أكبر بكثير من تكاليف تجنبها.

فالناخبون الأمريكيون اليوم ليس لديهم شهية كبيرة لتورط الولايات المتحدة فى الصراعات العسكرية فى الخارج، ويرفضون بشدة الزيادات فى الأسعار المحلية الناتجة عن قرارات السياسة الخارجية. مثل الزيادة الكبيرة فى أسعار الغاز نتيجة محتملة لحرب موسعة فى أسعار الغاز

إذا كان بايدن يريد حقاً منع انتشار الحرب فى الشرق الأوسط -وبالتالى منع انتخاب دونالد ترامب- فإنه يحتاج لاستخدام نفوذه الكبير الذى يتمتع به لتحقيق وقف إطلاق النار فى غزة وهذا يمكن أن ينقذ آلاف الأرواح ويمنع نشوب حرب إقليمية موسعة. ومن الممكن أن ينقذ ذلك رئاسته أيضاً و بينما نتجه نحو انتخابات 2024 فى نوفمبر، والتى من المرجح أن تكون مباراة العودة بين بايدن وترامب، فإن شعبية بايدن بين الأمريكيين العرب آخذة فى التراجع.. وأظهر استطلاع للرأى أجراه المعهد العربى الأمريكى فى أكتوبر أن الدعم العربى الأمريكى لبايدن انخفض إلى 17 بالمئة بعد الحرب ويشك بعض النشطاء فى أنه ربما انخفض أكثر منذ ذلك الآن.

و يؤكد العرب الأمريكيون أن حجم المذبحة فى غزة ودور بايدن الذى لا هوادة فيه فيها يجعل من الصعب دعم الرئيس البالغ من العمر 81 عامًا مرة أخرى. فقد قدم بايدن دعماً سياسيا وماليا غير مشروط لإسرائيل منذ أن بدأت حربها على غزة فى 7 أكتوبر. كما استخدمت إدارته بايدن حق النقض (الفيتو) ضد قرارين لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعوان إلى وقف التصعيد فى غزة حيث قُتل أكثر من 26 ألف فلسطيني. وفى هذا الأسبوع، علقت إدارة بايدن تمويل وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بناءً على مزاعم إسرائيلية غير مؤكدة قبل التحقق منها

وعندما سئل بايدن ومساعدوه عن تصويت العرب والمسلمين، لوحوا باحتمال عودة ترامب للبيت الأبيض، مما يشير إلى أن الرئيس الأمريكى لا يزال لديه خيار أفضل بكثير من سلفه، الذى فرض حظر سفر على العديد من العرب والمسلمين. وبحلول شهر نوفمبر ، قد لا تكون غزة قضية رئيسية.