من شواطئ الدنمارك لأدغال أبيدجان

تعـــددت الأسباب.. والدراما الكـــروية واحدة

بطولة أمم أفريقيا شهدت مفاجآت كثيرة وخروج الممنتخبات المرشحة للفوز باللقب
بطولة أمم أفريقيا شهدت مفاجآت كثيرة وخروج الممنتخبات المرشحة للفوز باللقب

كتب محمد حامد:
اختارت النسخة الرابعة والثلاثون من كأس الأمم الأفريقية فى كوت ديفوار أن تعيد للأذهان مقولة «اللى يعيش ياما يشوف»، فليس بعد تتر النهاية مقدمة، ولا تأتى البداية عقب النهاية، وأحياناً يستحى مؤلف الدراما أن يقدم للمشاهد حبكة لا يصدقها عقله وحينما يريد الدفاع عنها يقول إن الحياة مليئة بما هو أدهش مما قدمه، وفى المقابل يرفض المتابع ويؤكد على ضخامة مساحة الخيال لدى المؤلف أو ما يُعرف شعبياً بـ «خياله واسع».


فى الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء الموافق ٣٠ يناير ٢٠٢٤، اكتمل عقد دراما كروية من نوع خاص فى قارة أفريقيا، بدأت حكايتها قبل هذا الموعد بأسبوع تقريباً، حينما كان منتخب كوت ديفوار صاحب الأرض والجماهير فى النسخة الجارية من الكان خارج البطولة ولديه أمل ضعيف فى التأهل لدور الستة عشر، بأن يصبح ضمن أفضل أربعة منتخبات احتلت المركز الثالث، بدأ الأمل يكبر حينما انتهت منافسات المجموعة الثانية التى ضمت مصر وموزمبيق وغانا والرأس الأخضر بدون أفضلية لصاحب مركز ثالث، ليتبقى لهم أن يحدث نفس الأمر مع مجموعة واحدة فقط من الأربع المتبقية ضمن منافسات الجولة الثالثة بها، ليحدث ما بحثوا عنه فى آخر يوم وآخر مجموعة، عندما أطاحت المغرب بزامبيا وعمت الأفراح المؤقتة فى شوارع ومدرجات «الأفيال» بعدما أُعيدت لهم تذكرة الصعود مجانية من أسود الأطلس، إلا أنها فرحة اتسمت بالحذر، خاصة أنها أوقعتهم فى طريق أسود آخرين، السنغال، أسود التيرانجا الذين وصل زئيرهم للقب النسخة الماضية وتوجوا به للمرة الأولى فى تاريخهم، مما جعلهم ضمن أبرز مرشحى التتويج بالنسخة الجارية.


أغلبية المتابعين رشحوا حاملى اللقب للفوز والتأهل، فلم يكن لصاحب الأرض أنياب تجعله مرشحا لاستكمال البطولة، وسار اتحاد الكرة الإيفوارى فى هذا الصدد، أقال مدربه الفرنسى جاكسيه الذى قاد الفريق فى المباريات الثلاث الأولى.
وقد يكون اللاعبون قد استجموا فى اليومين التاليين للهزيمة التاريخية أمام غينيا الاستوائية برباعية، وهى فرصة للجلوس وسط عائلاتهم خلال يومى الانتظار لنتائج المنتخبات الأخرى وهل ستساعد الأفيال فى التأهل أم لا، هذا إن كان المدرب المساعد «فاييه» الذى تم تعيينه لم يقم معسكراً خلال يومى الانتظار للنتائج، وفى حال خروج اللاعبين من المعسكر أو بقائهم، فإن التفكير والخيال يذهب لأنديتهم ومستقبل كل منهم عقب الخروج المخزى والمدوى من الدور الأول.


المهم أن الدراما حدثت، وتأهل الكوت ديفوار، واصطدم بالسنغال، وقرر المدرب بجرأة شديدة أن يغير فى التشكيلة التى ظهر عليها منتخبه فى الدور الأول، وظل فريقه متأخرا فى النتيجة حتى الدقيقة ٨٦ ليعود بتعادل فى الوقت الأصلى، الذى استمر حتى ركلات الترجيح التى أنصفت الأفيال، بعد مجهود ماراثونى فى ١٢٠ دقيقة، وسط ذهول كل المنتمين لهذه القارة.


الأمر الذى يعيد للأذهان رغم الاختلاف فى بعض الأمور، ما حدث فى كأس الأمم الأوروبية نسخة ١٩٩٢ فى السويد، حينما استبعد منتخب يوغوسلافيا وتأهل الدنمارك للبطولة بدلا منه.


وقتها كان المتداول أن لاعبى الدنمارك كانوا يجلسون فى الشواطئ من أجل الاستجمام فلم يتمكنوا من التأهل فى التصفيات، إلا أن الحرب تسببت فى إقصاء يوغوسلافيا، عاد منتخب الدنمارك من الشواطئ للاستعداد الجيد، ومن ثم مفاجأة القارة والعالم بأنهم أبطال هذه النسخة وسط اندهاش الجميع بالمشهد الدرامى الجديد على كرة القدم. والآن نحن نعيش مشهدا مشابها فى أفريقيا، مع اختلاف الظروف والعوامل وقد تكون النتائج، إلا أن منتخب كوت ديفوار حالياً يسير على نفس الطريق، وبات المرشح الأبرز للقب الأفريقى الذى إن نجح فى حصده سيجعل نسخة الكان ٣٤ هى الأغرب، وتنتقل الدراما الكروية لفصل جديد ولكنه مشابه لسابقيه وبات معتاداً.