فى الصميم

بريطانيا.. والاعتراف بفلسطين

جلال عارف
جلال عارف

أشرنا مرارا إلى أن الحديث عن حل الدولتين لن يكون مجديا إلا إذا تحول إلى خطوات ملموسة تنفذ الإرادة الدولية وتقر بالحق المشروع للفلسطينيين فى إقامة دولتهم، وترفض أن يكون للكيان الصهيونى حق"الفيتو"على قيام الدولة الفلسطينية أو أن ترهن ذلك بمفاوضات عبثية بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى استمرت ثلاثين عاما بعد "أوسلو"، ويراد لها أن تظل كذلك حتى بعد أن أقر نتنياهو بأن قضى عمره السياسى فى قتل "حل الدولتين"، وأكد هو والعصابات اليمينية الفاشية المتحالفة معه أنهم لن يسمحوا بقيام دولة فلسطينية مهما كان الأمر!!
لكن العالم يتغير، وصمود شعب فلسطين أمام حرب الإبادة التى تشنها الصهيونية النازية يعيد ترتيب المشهد الدولي، ويعزز من صوت الشعوب ضد أكاذيب إسرائيل وجرائمها حتى داخل أعتى الدول التى ناصرت الكيان الصهيونى وتآمرت طويلا ضد حقوق شعب فلسطين. وها هى رياح التغيير تصل حتى إلى بريطانيا التى بدأت المأساة بخطيئة "وعد بلفور" واستمرت على انحيازها للكيان الصهيونى ودعمها لعدوانه المستمر وجرائمه التى لم تنقطع.
وزير الخارجية البريطانية "ديفيد كاميرون" فاجأ الجميع بالحديث عن أنه فى إمكان بريطانيا "ودول أخري" الاعتراف رسميا بدولة فلسطين أثناء مفاوضات سلمية بدلا من الانتظار وللتوصل إلى اتفاق سلام نهائى مع إسرائيل.. إن هذا الاعتراف قد يكون أحد الأمور التى تساعد فى جعل هذه العملية "أمرا لا رجعة فيه".. ورغم أن الحكومة البريطانية سارعت بالتأكيد على أن سياستها فى هذه القضية لم تتغير"!!" لكن حزب العمال المعارض "والمرشح القوى للعودة للحكم فى الانتخابات القادمة" أيد كاميرون ليفرض ملف "الاعتراف بفلسطين" نفسه على السياسة البريطانية الحليفة الأهم لواشنطون خاصة فى قضايا الشرق الأوسط!
فى قرار واحد للأمم المتحدة كانت الموافقة على الدولتين "فلسطين وإسرائيل" لم تنشأ إسرائيل بموافقة الفلسطينيين، ولا يمكن رهن إنشاء الدولة الفلسطينية بالهوس الصهيوني. البديل عن ذلك سيفرض نفسه وهو دولة واحدة تضم الفلسطينيين والإسرائيليين تمارس فيها الصهيونية بجرائمها العنصرية وتكتب الفصل الأخير فى جرائمها قبل انتصار الأغلبية الفلسطينية "ومعها الإرادة العالمية"على الإرهاب والعنصرية والتمييز العنصرى.
الاعتراف الدولى بدولة فلسطين المستقلة يفرض نفسه كحق مشروع لشعب فلسطين، وطريق وحيد للأمن والسلام فى المنطقة.